قدم رئيس الحكومة المؤقتة محمد الغنوشي أمس استقالته في خطاب له معتبرا أنه لا يقبل أن «تسقط الأرواح»، مقابل بقائه في منصبه داعيا الشعب التونسي الى التمسك بثورته والحفاظ عليها من «المؤامرة التي تنسج لها». وأعلن الغنوشي في خطابه أن هناك خيوط مؤامرة تنسج ضد الثورة، مؤكدا أنه تم خلال الأيام الأخيرة ايقاف أكثر من 100 شخص تورطوا في عمليات النهب والعنف و«الارهاب»؟ كما أشار الوزير المستقيل الى ايقاف محرضين بحوزتهم مبالغ مالية ضخمة قال إنها كانت متجهة إلى تمويل الأعمال المناهضة للثورة وللمتظاهرين السلميين، معتبرا أن من شأن التحقيقات التي ستجري معهم الكشف عن الأيادي التي تقف وراءهم، مؤكدا في السياق ذاته أنه تم خلال الأيام الأخيرة ايقاف أطراف تتحرك وتنسج خيوط المؤامرة دون الكشف عن هوياتهم. واعتبر الغنوشي أنه على الشعب التونسي الذي صنع الثورة وخاصة «الأغلبية الصامتة» اليوم أن يضع حدّا للمؤامرات التي تُحاك ضدّ الثورة وتعمل على افشالها. ومن جانب آخر قال الوزير الأول المستقيل إنه أمام الشعب فرصة تاريخية لتحقيق الانتقال الى الديمقراطية وإن الحكومة المؤقتة سعت بالتشاور مع الأحزاب والمنظمات والاتحاد العام التونسي للشغل حتى تكوّن رؤية مشتركة للفترة القادمة تحقق أهداف الثورة، موضحا أن الحكومة المؤقتة اتخذت في هذا الصدد اجراءات عملية للقطيعة مع الماضي ومنها مصادرة أملاك عائلة الرئيس المخلوع وكل من كان له صلة بهم واطلاق سراح السجناء السياسيين وسن قانون العفو التشريعي العام الى جانب تحسين ظروف العائلات الفقيرة وتحسين أجور ذوي الأجور الضعيفة مؤكدا أن الرئيس المؤقت السيد فؤاد المبزع سيعلن بداية الأسبوع الجاري عن خارطة طريق بشأن الانتخابات المقبلة. كما أكد الغنوشي على أن حكومته حرصت على الاعداد للانتخابات حتى تكون مناسبة لتطلعات الشعب، اضافة الى قيامها بجملة من الاصلاحات السياسية معتبرا أن ما حدث من تخريب كان القصد منه ارباك الحكومة وتعجيزها وأنه كان «عملية منظمة» لافشال «التجربة المتميزة» التي تعيشها بلادنا منذ يوم 14 جانفي. واستنكر «الهجمة» الاعلامية على الحكومة والتي اعتبر أنها دعمت مطلب اسقاط الحكومة بدل مناقشة برامجها واظهار النقائص. قائلا: «لقد اقتنعت وتشاطرني عائلتي هذه القناعة، بأن أستقيل من منصبي كوزير أول، ليس هروبا من المسؤولية التي تحملتها كاملة مع فريقي الذي ضحى أيضا بطمأنينته وعائلاتهم ولولاهم لما تمّت الانجازات التي تحققت ولما حافظنا على الخدمات والمرافق العمومية في الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد وتحت الضغط اليومي الذي واجهناه». وتابع قائلا: «سأفتح المجال أمام وزير أول آخر ربما، بل أتمنى أن يكون أفضل مني وأكثر مني تحملا.. لست شخصا يقوم باجراءات يسقط على خلفيتها ضحايا ليحافظ على المنصب». وقال الغنوشي إنه على التونسيين أن ينجزوا المصالحة الوطنية وأن يؤكدوا للعالم بأن تونس نجحت وأنها مختلفة عن غيرها من الدول. وأشار الوزير الأول المستقيل الى أنه يرى بأن استقالته يمكن أن تساعد «على هذا الجو الايجابي الجديد»، الذي خلفته الثورة في بلادنا. وفي الختام قال الغنوشي إنه يغادر منصبه وضميره راض ومقتنع تماما بأن ذلك كان في خدمة تونس الثورة.