أغلب شباب تونس بلا حسابات بنكية ... شنوّا السر؟    صاعقة قوية تضرب جندوبة وتلحق أضرار بالمنازل...شنوا صار ؟    هل تعرف كيفية تقديم تصريح الضريبة على الدخل؟ إليك كل ما تحتاج معرفته!    بورصة: نتيجة السداسي الأوّل من 2025 ل62 مؤسّسة مدرجة تزيد ب9،3 بالمائة    بالأرقام: مؤشرات إيجابية لصابة التمور في ولاية توزر.. #خبر_عاجل    كيلو اللحم يوصل ل60 دينار للتوانسة...غرفة القصابين تدخل على الخط و تحذر    عاجل/ حادثة ذبح خرفان مريضة بمسلخ بلدي: الاحتفاظ بهؤلاء..    عاجل/ إستهداف أسطول الصمود: الأمم المتّحدة على الخط    عاجل/ الجزائر تعلن القضاء على 6 إرهابيين قُرب الحدود مع تونس    عاجل: اشتباكات مسلّحة غرب ليبيا تؤدي إلى توقف محطات الكهرباء وتعليق الدراسة...شصاير؟!    عاجل/ إيطاليا تُرسل سفينة عسكرية إلى أسطول الصمود    عاجل: تصفيات كأس العالم 2026 – هذا هو موعد مباراتي تونس ضد ساو تومي وناميبيا!    عاجل/ خلايا رعدية وأمطار غزيرة بعد الظهر بهذه الولايات..    عاجل/ تقلبات جوية وامكانية تشكل سيول بهذه الولايات..دعوة للحذر..    عاجل/ العاصمة: تلميذ يقطع شرايين يد زميله.. وهذا ما تقرّر في شأنه    تيك توك يكشف سر قاعدة الأصدقاء السبعة: كيف تبني صداقات متوازنة؟    لقاح mRNA الروسي للسرطان: هل هو بداية النهاية لهذا المرض؟ اكتشف التفاصيل!    قد يسبب الخرف والسكتات الدماغية: احذروا "الميلك شيك"..    بعد تصريحه الغريب: منظمة الصحة العالمية تحرج ترامب وترد..    سيدي حسين: أب يحتجز ابنته لسنة كاملة والنيابة تأذن بإيقافه    "حتى التراث من حقّي": تظاهرة ثقافية بمركز تقديم تاريخ ومعالم مدينة تونس    "فيفا" يناقش زيادة عدد منتخبات مونديال 2030 "التاريخي"!    أبرز الآجال والامتيازات الجاري العمل بها في مجالات الجباية والديوانة والأداءات البلدية    كسر حاجز اللغة.. "واتس آب" يدمج ميزة الترجمة التلقائية للرسائل بلغات عدة في تطبيقاته    الحماية المدنيّة تتوجه بجملة من التوصيات على ضوء الوضع الجوي المتوقع    كرة اليد: الصحبي نشبة يمضي للشمال القطري    بلدية تونس تنظم يوما مفتوحا لتلقيح الحيوانات مجانا ضد داء الكلب في هذا الموعد    عاجل: ورقة ال20 دينار تهيمن على التداول النقدي في تونس    فظيع في سيدي حسين: تلميذ يطعن زميله بسكين في ساحة المعهد !!    الدورة الثانية للصالون المهني للصناعات التقليدية من 6 الى 12 اكتوبر المقبل بقصر المعرض بالكرم    رحيل أيقونة السينما كلوديا كاردينالي ... وماكرون: ''ستبقى في قلوبنا''    عاجل: الأولمبي الباجي يواجه الترجي بدون المنتدبين الجدد وهذا هو السبب !    إصدار شروط تطبيق الفصل 30 رابعا من مجلة الشغل وصيغه وإجراءاته بالرائد الرسمي    كارثة جوية كانت قريبة في نيس! قائد الطيّارة التونسية ينقذ الموقف    عاجل: ضربات أمنية موجعة في تونس...حجز أطنان من اللحوم والدواجن الفاسدة    للأمهات : 5 أطعمة رد بالك تحطهم لصغارك في اللانش بوكس    منها التعرق وعسر الهضم : علامات تنذر بإصابتك بنوبة قلبية رد بالك تتجاهلها    33 شهيدا في قصف إسرائيلي على غزة    تايوان: إعصار راغاسا يتسبب في سقوط ضحايا وجرحى    كأس الرابطة الانقليزية : إيساك يسجل هدفه الأول مع ليفربول وطرد إيكيتيكي في الفوز على ساوثامبتون    البطولة الإسبانية : تعادل إسبانيول مع فالنسيا 2-2 وأتلتيك بلباو مع جيرونا 1-1    مبابي وفينيسيوس يتألقان في فوز ريال مدريد 4-1 على ليفانتي    برشا تشويق في الرابطة: 4 ماتشوات في نفس الوقت وهذه أبرز المواجهات    الاربغاء: أمطار رعدية مع رياح قوية والحرارة في انخفاض طفيف    وزير السياحة يواكب المشاركة التونسية في معرض السياحة " توب ريزا " بباريس    القصرين : إحالة موظف والاحتفاظ بمقاول في قضية تدليس    وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    طقس اليوم: سحب عابرة تتكاثف تدريجيا مع أمطار بهذه المناطق    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» في شارع بورقيبة بالعاصمة: حسرة وألم... وحزن... ومواطنون يدينون... ويبكون
نشر في الشروق يوم 01 - 03 - 2011

... خطى ثقيلة... ومشاعر حزينة... وأحاسيس متقلّبة تنهش داخلك... واستفهامات عديدة... واجابات مفقودة...تأخذك الى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة وقلبها النابض الذي بات قلبا مريضا تسمع أناته من بعيد... فتهتزّ له النفوس العاقلة... وتتألّم له القلوب الطاهرة... وتدمع العيون الصادقة... وفجأة تشعر بالدم وقد تجمّد في عروقك بالخوف وقد أربك خطواتك... فيقشعر بذلك من هول الفاجعة... وتظن لوهلة أنّك في أحد شوارع العراق أو في أزقّة القدس المحتلّ. تستفيق على واقع أليم إنّك في تونس الخضراء التي خرّبها المخرّبون وشوّهها اللاوطنيون واغتصب جمالها المجرمون المنحرفون اللاواعون... الشروق في قلب الحدث.
سيارات متفحّمة... زجاج في كل مكان... مقاه ومحلاّت تجارية منهوبة... أبواب مهشّمة... نوافذ تحوّلت الى حطام... شيء لم يسلم... حتى اللافتات لم تغب عن الأيادي الآثمة... ومن هنا أيضا مرّ اللاوطنيون من شارع روما ومن أمام متحف المالية الذي كان الى وقت قريب مكانا يتردد عليه السياح... متحف جمع آثار وتاريخ وحضارة هذه البلاد... قطع نقدية تعود الى آلاف السنين... حضارة برمّتها كادت أن تتحوّل الى رماد في بضع لحظات لكن أبوابه الحديدية وجدرانه الشامخة تصدّت الى ألسنة ذاك اللهب الذي شوّه الواجهة دون أن يطال ما بالداخل...
هؤلاء أتوا على الأخضر واليابس فحتى الأشجار لم تسلم منهم اقتلعوها من جذورها ظانين أنها لن تحيا ولن تنبت من جديد «لكن هيهات» يقول أحد الجالسين على مقعد في شارع الحبيب بورقيبة يتأمّل ما حدث «تونس أرضنا وهواؤها أكسيجيننا... فلن نتركها لهؤلاء المخربين... سوف يعود كل شيء الى سالف عهده، لا بل أروع بكثير... سوف تدبّ الحياة من جديد وتعود أشجار شارعنا شامخة من جديد، ترشحنا بعطر نداها وتسجل على أوراقها تاريخ هذه الثورة المجيدة التي اندلعت لا من أجل التخريب وتعدّي اللاوطنيين وإنما من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية ومن أجل تونس العزّة والشموخ».
بهذه الكلمات غادر ذاك الرجل المكان واضعا يده وراءه متعثرا في أفكاره من أين سيذهب والى أين سيصل؟! سؤال بدوره كان يشغل احدى السيدات التي تسألني من أين تستطيع التوجّه الى «الباساج» في خضمّ ذاك الغليان الذي يشهده شارع الحبيب بورقيبة في ذاك الصباح... خوف كان ينتابها كيف لا والشارع الرئيسي للعاصمة قد تحوّل الى خراب...
غليان
تجمّعات وغليان... ووجوه شاحبة... وأذهان شاردة وخطى متسارعة وأخرى ثقيلة الكل يتحدث وعمّا جرى... والكل يدين ويستنكر ما جرى...
يقول السيد أحمد وهو في قمة الغضب. «هذا جنون إنها قمة الانحراف كيف لانسان عاقل ويشعر أنه ينتمي الى هذا الوطن يسمح لنفسه بتشويه بلاده وتخريبها والتعدي على ممتلكات الغير... لقد بكيت هذا الصباح عندما نزلت الى شارع الحبيب بورقيبة، شاهدت في التلفزة ما حدث وتألّمت كثيرا لكن ما رأيته اليوم على أرض الواقع حزّ في نفسي وهدّم كياني» احدى الطالبات أيضا قالت إنها تسكن وسط العاصمة ولم تغادر منزلها منذ يوم الجمعة لكن هذا الصباح عندما خرجت الى شارع الحبيب بورقيبة بكت من هول الفاجعة وتألّمت كثيرا لأنها كانت تعتقد أن أعمال التخريب والنهب والحرق قد انتهت لأن ذلك لن يعود سوى بالمضرّة على هذه البلاد التي لم تعد تحتمل مثل هذه الأعمال.
هذه الطالبة قالت إن شارع الحبيب بورقيبة كان قبلتها للتأمل والاسترخاء الذهني لكن اليوم تحوّل الى حطام».
حوالي 2000 شخص مسلح
حمدة الطرودي عامل بمقهى باريس وشاهد عيان على حالة الفوضى العارمة التي اجتاحت قلب العاصمة مساء الأحد تحدّث إلينا بكل أسف عن عملية التخريب التي عمت شارع الحبيب بورقيبة وغيرها من الشوارع المتاخمة له فقال إنه وبينما كان داخل المقهى صحبة بعض من حارسيها تفاجأ بهجوم عصابة تضم قرابة الألفي شخص مسلحين بالهراوات والسكاكين والسواطير والأحجار اقتحموا المقهى بعد تهشيم أبوابها وكافة معدّاتها ليستولي بعضهم على قوارير المشروبات الكحولية والغازية والكاسة والآلات المخصصة للقهوة والعصير وغيرها من الوثائق الادارية، أما الشق الآخر منهم فقد اكتفى بالتكسير والتخريب خاصة في غياب أعوان الأمن الذي انسحبوا لتأمين أنفسهم أمام ذاك الهجوم الكبير.
وقد أبدى السيد حمدة استياءه من مثل هذه التصرفات غير المسؤولة التي ذهب ضحيتها كافة العاملين بالمقهى وعددهم يقارب ال 67 عاملا الذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بين عشية وضحاها بعد أن كانت مقهى باريس مورد رزقهم الوحيد.
وقد أيّده في ذلك السيد صالح بن خذر (مدير مقهى باريس) الذي التقيناه وسط مكتبه الذي تحوّل الى أكوام وثائق مبعثرة هنا وهناك بعد ان احترق بعضها حيث أكّد لنا أن تلك الميليشيات المسلحة والمأجورة كانت غايتها الوحيدة السرقة والتخريب لا غير... هؤلاء لا احساس لهم بالوطنية والديمقراطية، هدفهم الوحيد بث الفوضى في البلاد حتى يتمكنوا من تحقيق مآربهم الشخصية القذرة وهي عناصر مأجورة ومدعومة اخترقت قانون حظر التجوّل وهاجمت أعوان الامن وخلقت فوضى عارمة خلفت خسائر مادية وبشرية فادحة.
نية الاستشهاد موجودة
أما محمد (عون أمن) فقد أكّد أن المتسبب في عملية التخريب والنهب لا يمت بصلة لمعتصمي القصبة الذين حرصوا كل الحرص على أن يكون اعتصامهم سلميا وانما هي ناتجة عن عناصر مندسة ومأجورة لخلق الفوضى في البلاد وأضاف أنه تم إلقاء القبض على العديد منهم ومن بينهم من يحمل منشورا يؤكّد أنه قادم الى تونس للاستشهاد،فهؤلاء غايتهم ليست «الغنوشي» ولا الحكومة المؤقتة بأكملها وانما اثارة البلبلة والانشقاق في صفوف المواطنين.
تضخّم البطالة
بدموع حارّة وبصوت مبحوح تحدّثت إلينا احدى العاملات بالمركب التجاري «البلماريوم» الذي طالته هو الآخر أيادي المخرّبين فعبّرت عن استيائها لما آلت اليه تونس بلد الأمن والاستقرار من انفلات أمني استغلته بعض العناصر لتحقيق غاياتها قائلة إن الثورة اندلعت لخدمة العاطلين عن العمل والتقليص من البطالة ولكن ما نشهده اليوم من عمليات تخريب طالت المؤسسات والمنشآت الحكومية والخاصة زادت في نسبة البطالة وحادت الثورة عن مسارها الأصلي وأصبحت تتجاذبها عناصر تجمعية كانت في الماضي القريب تهلّل وتصفق لبن علي وتبارك انجازاته الوهمية ووعوده الزائفة والكاذبة تحاول اليوم اعادة المسك بزمام الأمور وقيادة البلاد من جديد لمواصلة ما حرم من مواصلته بن علي. هكذا إذن كان المشهد صباح أمس بشارع الحبيب بورقيبة وبين الخوف والألم يبقى الأمل قائما لتعود البلاد الى الأمن والاستقرار بتضافر الجهود من أجل الوقوف ضد هؤلاء المخرّبين واللاوطنيين.
إعداد: نجوى الحيدري وشافية ابراهمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.