بعث سفير ليبيا في طهران، سعد مصطفى مجبر، رسالة شخصية الى العقيد معمر القذافي ناصحا إياه باتخاذ «قرار شجاع» والتنحي للحيلولة دون المزيد من سفك الدماء. ونشرت صحيفة «القدس العربي» رسالة السفير سعد مجبر الذي رفض الاستقالة، معلنا انه في خدمة الشعب الليبي: «الأخ قائد ثورة الفاتح العظيم.. السلام عليكم وبعد، وعدتكم ألا اخونكم وتعلمون جيدا انني لم أفعل، بينما خانكم الكثيرون بالفساد والافساد، واستفزاز المواطنين بسلوكهم، وترف معيشتهم، وبطرهم، واستهتارهم، فأساؤوا الى سمعة الوطن والثورة في الداخل والخارج، وتكدس الليبيون في تونس والاردن للعلاج رغم ان النفط في ليبيا وليس في هذين البلدين. لقد تسبب عدد كبير من المسؤولين التنفيذيين في انهيار التعليم والصحة، وتفاقم البطالة، وانحسار أفق الامل لدى الكثيرين، ولئن لم تكن لكم مسؤولية تنفيذية مباشرة عن هذا الانهيار إلا انه كان بإمكانكم وقف التردي الحاصل بفضل شرعيتكم الثورية وسلطتكم المعنوية غير المحدودة، والاجراءات التي أعلنتموها بعد تفجر الازمة لو تم اتخاذها قبلها لما تعرض الوطن العزيز لمحنته الحالية، ولكنها في أهم بنودها لم تعد الآن قابلة للتطبيق على أي حال. الأخ القائد: لقد قمتم بالثورة من أجل ليبيا وشعبها العظيم، وانتم تعلمون مخاطرها لو فشلت الثورة. لا يعني ذلك إلا أنكم تؤثرون ليبيا وشعبها على انفسكم. هذه الروح النبيلة تتاح لها فرصة جديدة لتؤكد اصالتها المستمدة من اصالة بادية سرت المجاهدة. وكلما واصلتم التشبث بالوضع الحالي الميؤوس منه تماما زاد عدد الضحايا من شعبكم الذي احببتموه واحبكم حتى دمر الفاسدون هذا الرابط العميق الذي لم يسبق ان حظي به زعيم قبلكم إلا جمال عبد الناصر يرحمه الله، وإني أربأ بكم ان تتحملوا وزر المزيد من سفك الدماء امام الله تعالى، والتاريخ، والناس أجمعين. لهذا اناشدكم، باسم كل المبادئ التي بشرتم بها، وبروح التضحية التي قمتم بها عند تفجير الثورة، والشجاعة التي دعتكم الى المغامرة بحياتكم من أجل حرية ليبيا وتحريرها من القواعد والسيطرة الاجنبية، ان تحولوا دون عودة تلك القواعد الى الوطن العزيز، وعودة ارتهان الوطن الحبيب الى سلطة القوى الكبرى وتحكمها في مستقبل الشعب الليبي العظيم. انكم الاقدر على منع هذه الكارثة بتخليكم عن موقعكم كقائد للثورة الذي استحققتموه عن جدارة ولكن دوام الحال من المحال، ولقد وردت جملة في مداخلتكم الموجهة الى أهلنا في الزاوية عبر الاذاعة الليبية تكاد تنبئ بأنكم بصدد الاقدام على هذه الخطوة الاخيرة، وانتم أشجع وأجدر من يقوم بها. وبمجرد تنحيكم فإن الشعب الليبي قادر على انهاء سفك الدماء والتخريب في الممتلكات العامة والخاصة بمجرد تنحيكم، لأنه سيصبح مسؤولا عن مصيره، ومستقبله، وممتلكاته، وهو، كما تعلمون، مؤهل لتحمل المسؤولية بكفاءة واقتدار، وقد أثبت ذلك خلال جيل كامل إبان مرحلة الجهاد ضد الغزو الايطالي الفاشي البغيض. شكر الله سعيكم في كل ما بذلتموه من أجل ليبيا بكل صوابه وخطئه، وشكر لكم شهامة التنحي وشجاعة اتخاذ هذا القرار الصائب الذي لن ينقذ الوطن من تفاقم هذه المحنة سواه، فقلها وتوكل على الله، فهو وحده يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء، ولا راد لقضاء الله وغضبة الشعوب، كما تعلمون. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».