الليلة: أمطار رعدية ورياح قوية في هذه المناطق    نوردو يغنّي جنيريك الفيلم المصري "ولاد رزق 3"    عيد الاضحى : وزارة النقل تضع برنامجا استئنائيا للتونسيين    لاعب التنس البريطاني موراي يثير الشكوك حول مشاركته في أولمبياد باريس    ألكاراز ونادال يقودان منتخب إسبانيا للتنس في أولمبياد باريس 2024    منتدى تونس للاستثمار: إطلاق مبادرة فريق أوروبا "الاستثمارات في تونس"    بنزرت: اختتام اختبارات الدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا دون إشكاليات تذكر    سيدي بوزيد: أشغال تهذيب وتحسين عدد من الأحياء لتحسين ظروف عيش المتساكنين وفك عزلتهم    زغوان: تركيز نقطة بيع الأضاحي من المنتج إلى المستهلك    عاجل/ اندلاع حريق بمركز لاختبارات البكالوريا    وزير الداخلية يؤدي زيارة إلى ليبيا    عدد من نواب الشعب يعربون عن عدم رضاهم لاقتصار أشغال المجلس على مناقشة مشاريع اتفاقيات القروض    كأس أوروبا 2024 : موعد المباراة الافتتاحية والقنوات الناقلة    سجائر فاسدة و'' بالدود ''معدّة للتونسيين ... وكالة التبغ و الوقيد توضّح    البنك الدولي يرصد النموّ في المنطقة العربية    إستولى على أموال: 10 سنوات سجنا لموظّف بالقباضة    الحماية المدنية 8 وفيات و350 مصابا في يوم واحد    وزارة الدفاع: الحالات التي يُستثنى منها الشاب من الخدمة العسكرية    إنتقالات: نجم المنتخب الوطني على رادار عدد من الأندية الأوروبية    قابس: اجماع على ضرورة تطوير نشاط الميناء التجاري    عميد المهندسين : أكثر من 90 ألف مهندس غادروا البلاد    ماهي استعدادات وزارة السياحة للموسم السياحي 2024 ؟    الترجي الرياضي: إستئناف التحضيرات .. وعودة جماعية للدوليين    يتعمّدون دهسه بشاحنة لافتكاك أغراضه.. ثم يلوذون بالفرار!!    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الدربي    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    أسعار الخضر والغلال بسوق الجملة بئر القصعة    اشتعال النيران في الكويت : أكثر من 41 وفاة وعشرات الإصابات    سوسة: الاحتفاظ ب 5 أشخاص من أجل تدليس العملة الورقية الرائجة قانونا    خلال 10 أيام : تسجيل 6 حالات غرق في عدد من الشواطئ التونسية    تبدأ غداً : تغييرات مناخية غير مألوفة...ما القصة ؟    للقضاء على الناموس: وزيرة البيئة تحذّر من استعمال المبيدات وتقدّم بدائل طبيعية    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    تونس: ''أمير'' الطفل المعجزة...خُلق ليتكلّم الإنقليزية    بداية من اليوم : فيلم الاثارة والتشويق''موش في ثنيتي'' في القاعات التونسية    83% من التونسيين لديهم ''خمول بدني'' وهو رابع سبب للوفاة في العالم    بالفيديو: ذاكر لهذيب وسليم طمبورة يُقدّمان الحلول لمكافحة التدخين    خبير مالي: هذه أسباب إرتفاع نسبة الفائدة في تونس    مؤشر توننداكس يبدأ الأسبوع ب 9652.65 نقطة    التعددية الاقتصادية وتنويع الشراكات ..هل تستفيد تونس من التنافس «بين الشرق والغرب»؟    عاجل/ الكشف عن سبب اندلاع حريق منتزه النحلي    وصول أكبر حاجة إلى السعودية لأداء مناسك الحج عن عمر 130 عاما    شيرين عبد الوهاب تعلن خطوبتها… و حسام حبيب على الخطّ    الاقتصاد في العالم    83 بالمائة من التونسيين لديهم خمول بدني    زلزال قوي يهز كوريا الجنوبية    القصرين: الاحتفاظ بتلميذة من اجل الغش في امتحان الباكالوريا    علي مرابط يشرف على إطلاق البوابة الوطنية الجديدة للتلقيح    حي الزهور: وزير الصحة يشرف على إطلاق البوابة الوطنية الجديدة للتلقيح    أنس جابر تتأهّل الى ثمن نهائي دورة نوتنغهام    وفاة الطفل ''يحيى'' أصغر حاجّ بالأراضي المقدّسة    وزارة الصحة: جلسة عمل لختم وتقييم البرنامج التكويني لتنفيذ السياسة الوطنية للصحة في أفق 2035    ديوان الإفتاء: مواطنة أوروبية تُعلن إسلامها    "احمدي ربك".. رد مثير من مستشارة أسرية سعودية لامرأة ضبطت زوجها يخونها مع 6 نساء!    دار الافتاء المصرية : رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    موعد عيد الاضحى: 9 دول تخالف السعودية..!!    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرة قلم: اعتصام
نشر في الشروق يوم 02 - 03 - 2011

شهر ونصف عمر ثورتنا.. سبعة واربعون يوما منذ فرار الرئيس المخلوع وها نحن مع حكومة ثالثة منّ بها علينا «الاعتصام».. الاولى رحّل الاعتصام عددا من اعضائها ، والثانية اطاح الاعتصام برئيسها.. وجيء للشباب في القصبة والشوارع والساحات بوزير اول جديد لا يزيد عمره عن اربع وثمانين سنة.. محنّك.. لا احد ينكر ذلك فهو وزير عدة مرات لبورقيبة ورئيس لبرلمان بن علي.. واصبح الاعتصام اعتصامين: جديد مؤيد للمستقيل والقديم فرح لرحيل الغنوشي وغير مبتهج بقدوم قائد السبسي.. ويستمر الاعتصام العتيد ويختلط شباب المطالب السياسية بشباب الارتزاق التدميري القابضين لأجور بث البلبلة والحرق والنهب وتشويه سمعة الثورة..
شهر ونصف كانت خلالها الحكومة «تتلمس» الطريق ولا نلمس من «انجازاتها» الا القليل وقد انصرفت اجهزة اعلامنا «الوطنية» لتصوير مظاهر البؤس والفقر وتفنّنت اجهزة «اعلام» أخرى في تنظيم البلاتوات واستضافة وجوه ورموز يحاورها «مخبرون» وهبهم الله من الطاقة ما جعلهم ذوي باع في تحليل كل المواضيع والمجالات من كيفية تشغيل حمّام تركي الى الطريقة المثلى للعيش فوق سطح المريخ.. وفي غمرة الشك في الجميع حيث عشنا على الكذب والمغالطة نصف قرن او يزيد دفعنا البطء الظاهر في عمل الحكومة ولجانها الثلاث الى الاحساس بأن الثورة تسير بخطى سلحفاة.. بصعوبة ولد قانون «المراسيم» وببطء صدرت هذه المراسيم وبقي برلمان بن علي شاهدا على عصره وكأنما هو أثر من آثار باردو.. اللجان الثلاث حصلت على شهادة ميلادها بكثير من التؤدة واحداها على الأقل كان مطلوبا منها التحرك بسرعة قصوى لانها مكلفة بتتبع الفساد وأهله قبل ان تنقل الاموال المنهوبة من مكان الى آخر وقبل ان يختفي الفاسدون احيانا.. مغارة علي بابا المحشوة بحزم المال وصناديق المجوهرات لم تفتح الا بعد شهر ونيف ، تلتها قائمة باسماء مفسدين نهبوا اموال الشعب.. مائة وعشرة فقط؟ يا سعدنا .نظام بن علي المقبور ليس فيه الا 110 كلهم من عائلة المخلوع واصهاره وعائلة ال«ماري انطوانيت» الطرابلسية(؟).. انه لامر غريب فعلا..كلنا نعرف ان هؤلاء ليسوا الا القمة في هرم عصابات المافيا.. وبيانات الداخلية نفسها ما فتئت تؤكد ان هناك رؤساء عصابات يدفعون لتجنيد بعض ضعاف النفوس بل ويكترون من يحرق ويقتل ويبث الجريمة والفوضى.. الجلاصي مثلا «مجرم الكاف» لماذا لم يرد اسمه في القائمة؟ بن فطوم المشهور ب«خميس» نهب من أموال الحجاج مئات الملايين ببيعه الف تأشيرة على الأقل الموسم الماضي وهو فوق ذلك صهر بن علي (زوج ابنة أخته) وظل طول الوقت متمترسا بهذه المصاهرة ما مصير ما نهبه من مال حرام.. القنصل العام السابق في جدة ما مصير اموال حولت اليه على مدى تسع سنوات بالكامل لينفقها على «راحة» الحجاج فانفقها على صخر الماطري وآل المحجوب وغيرهم لماذا لم «تشرفنا» اللجنة ولو باشارة بسيطة اليه.. غيرهم هنا وهناك في كل ولاية وفي كل القطاعات كانوا زبانية لآل بن علي وللطرابلسية ماذا فعلت اللجنة بشأن ما جمعوه من ثروات خيالية في أوقات وجيزة.. شهر ونصف كافية لهؤلاء جميعا لترتيب امورهم وهذه الحرائق المدبرة هنا وهناك وخاصة في مواقع الوثائق المدينة لهم والاموال التي توزع على ضعاف النفوس من أجل التخريب والفتنة تشهد على ان هناك امورا تدبر وتحاك في الخفاء.. والحكومة الموقرة واللجنة العتيدة «تأخذ وقتها» لجمع الادلة بحجة (المتهم بريء حتى تثبت ادانته).. صحيح ان المتهم بريء ولكن لا مجال ابدا لاعطائه الفرصة والوقت لاتلاف ادلة الادانة.. هل تم على الأقل التحفظ على ثروات هؤلاء ومنعهم من التصرف فيها بل ومنعهم من السفر مؤقتا حتى تصل سلحفاة التحقيق اليهم ؟.. في مصر لم تزد لجنة الاصلاح السياسي على عشرة ايام لاعداد النصوص المقترحة للدستور الجديد وعلى اسبوع لطرحه في استفتاء ولم تتباطأ العدالة في وضع اليد على الاموال المشبوهة حتى لا تتبخر كما لم تتباطأ في اصدار الاوامر لمنع الكثيرين من السفر بل وضع كثيرون رهن الايقاف على ذمة التحقيق وشرع في محاكمة آخرين.
شهر ونصف مرت وقطار ثورتنا ظاهره انه يكاد لا يتحرك لا في مجال التطهير ولافي مجال البناء.. محمد الغنوشي قال في خطاب الاستقالة ان الاعلام لم يتحدث عن أي انجاز وانه تم عمل الكثير..لكن من تابع عمل الحكومة والرئاسة واللجان احسّ انهم جميعا يعملون وكأنهم في ظرف طبيعي وليس ظرفا استثنائيا يتطلب السرعة في التحرك واتخاذ القرارات في انتظار امتلاك القدرة المادية على الانجاز.. أحزابنا المتوالدة همها محصور في صناديق الاقتراع متى تتجهز بل وبعض اعضاء الحكومة انفسهم عينهم على ناخبي الغد .. شعبنا صبر مكرها على الطغيان ثلاثا وعشرين سنة لكنه بعدما كسر حاجز الخوف ليس مستعدا للصبر ثلاثة وعشرين أسبوعا دون ان يتملكه الشك.. من هنا جاء الاعتصام وراء الاعتصام.. وتعطل السير العادي للحياة الوطنية في المؤسسات الاقتصادية والادارية وفي التعليم والجامعات وغيرها.. واتسع الخرق.. والاغلبية صامتة تكتفي بحديث في المقاهي والهواتف.. وعمد كثيرون الى تصفية حسابات وأصبحت عبارة ارحل dégage سيفا بيد كل من تعرض لتأديب نتيجة تقاعس او سوء سيرة وايضا بيد كل من طمع في منصب لم ينله بحق او بظلم..
باختصار.. سياسة الاعتصام قد تكون مفيدة وهي كذلك بلا شك لكن في اطار ما يتوجب ان يكون له من ضوابط وقواعد لا تؤدي الى وقف الانتاج وزرع الخوف في نفوس المسيرين لعجلة الادارة والانتاج والدراسة ولا تسمح باستغلاله من قبل فئات تتربص بالثورة وقد تأكد وجودها بل وديناميكيتها مع ما يتوفر لها من اموال وتخطيط وتوجيهات.. من حق كل صادق ان يعبر عن رأيه بحرية وهذا امر لا رجعة فيه.. لكن من واجب كل صادق ان يحرص على الا يتحول الاعتصام الى اداة لوقف الانتاج والفوضى التي تهدد الثورة برمتها وتقوض ما يتطلبه تحقيق اهدافها من نظام.. وسواء كان الاسم الغنوشي أو قائد السبسي فالمدة محدودة بفترة انتقالية يجب ان نستغلها في الاعتصام من أجل البناء السياسي والاقتصادي والمجتمعي وليس من اجل تغيير الوجوه والاسماء.. والتاريخ يسجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.