يقول من طالت بهم الأعمار من أصحاب التجارب المريرة في الحياة إن ذيل الكلب وضعوه في قصبة أربعين سنة ثم أخرجوه منها فوجدوه على طبيعته أعوج اعوجاج حاجبي ليلى في نظر مجنونها معنى ذلك أن ذيل الكلاب لا يستقيم أبدا لذلك أصبح مقياسا دقيقا لكل أمر لا يقبل الاستقامة. على ذيل الكلب تحدثنا والى صاحبه الكلب نعود، لست أدري لماذا كل هذا الضجيج الذي أقام الدنيا وأقعدها على ذيل كلب بمجرّد أن كلبين إثنين كانا يتقاضيان من المركب الكيميائي التونسي بقفصة أجرا يساوي أو ربما يفوق أجر موظفين سامين ولا أحد يدري إن كان الكلبان يتمتعان بامتيازات وبمنح الانتاج والتنقل والخطر والساعات الزائدة أم لا؟وربما وهذا ليس مستبعدا أنهما كانا يطالبان بالزيادة في الأجر، ولمَ لا بالترقية أو لم يتدرّج أحد كلاب الشمّ الأمريكية في العراق الى رتبة جنرال؟ أو ليس لا يفهم الكلاب إلا الكلاب؟ لماذا كل هذا الصّخب؟ لماذا كل هذه الدهشة؟ ولماذا كل هذا الاستغراب من كلبين يتقاضيان «شهرية مسمار في حيط» مادامت حيوطنا لا يستقر بها إلا «مسمار حيط» أو لسنا من أكبر المنتجين لهذه النوعية من المسامير؟ لماذا نأخذ من هذين الكلبين المسكينين شمّاعة لسوء التصرّف والعبث بأموال الشعب التي لا يعرفها الشعب أصلا وأساسا وأبدا أيضا؟ ثم لماذا نجعل من هذين الكلبين كبشي فداء لكل الكلاب التي لا يستقيم لها ذيل ولا ظل وكيف يستقيم الظل والذيل أعوج؟ ثم أولا وأخيرا وبكل اختصار وروح رياضية لماذا كل هذا التأكيد المملّ والفضيحة المفضوحة ولماذا هذا التوقّف المقصود عند هذين الكلبين وكأنهما الكلبان الوحيدان اللذان يتقاضيان أجورا وامتيازات ومنحا على النباح والغدر والشمّ والصيد ومَن منّا لا يعرف أسرابا من «كلاب العسّة» فتحاشاها وتجنّب بطشها، وما استطاع أن يقول «شِرْ» لأي كلب منها حتى وإن كان جروا في الرضاعة.