في إطار سعيها لتكريس الشفافية وتعزيز التكامل بين مؤسسات الدولة ذات العلاقة بالرقابة المالية، شهدت هيئة السوق المالية خلال الأسبوع المنقضي توقيع ثلاث اتفاقيات تعاون هامة مع كل من اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، الهيئة العامة للتأمين، والسجل الوطني للمؤسسات. وفي تصريح للإذاعة الوطنية، أكّد ممثل الهيئة مهدي بن مصطفى أن هذه الاتفاقيات تندرج ضمن مقاربة شاملة تهدف إلى تطوير آليات الرقابة، من خلال تشبيك البيانات وتبادل المعلومات بين المؤسسات الرقابية، ما من شأنه أن يُعزّز التصدي للجرائم المالية وغسل الأموال. وأضاف أن الاتفاقية مع السجل الوطني للمؤسسات تعتبر محورية، نظراً لأهمية المعطيات التي يوفّرها السجل حول الشركات الناشطة في تونس، ما يسهّل عمل الهيئة في مراقبة مصادر الأموال والأنشطة الاقتصادية المشبوهة، ويُمكّنها من النفاذ السلس إلى قاعدة بيانات واسعة. أما في ما يخص اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، فقد شدّد بن مصطفى على أهمية توحيد الجهود بين الهيئتين في مواجهة التهديدات المالية المرتبطة بالإرهاب، عبر تبادل المعلومات والامتثال للتوصيات الدولية. وبخصوص الهيئة العامة للتأمين، أوضح أن التعاون بين المؤسستين ضروري باعتبار وجود شركات تأمين مدرجة في السوق المالية، مشيراً إلى ضرورة تنسيق الجهود الرقابية لضمان نزاهة هذا القطاع. غسل الأموال: جريمة منظمة تتطلب تضافر الجهود وفي سياق متصل، أشار بن مصطفى إلى أن جريمة غسل الأموال باتت من أكثر الجرائم انتشاراً على المستوى العالمي، وهي لا تقتصر على سرقات وتحيل فقط، بل تشمل تمويل الإرهاب وتجارة المخدرات وجرائم منظمة أخرى، مؤكداً أن تونس تستعد لتقييم دولي جديد لمنظومتها المالية بين هذه السنة والسنة المقبلة، وهو اختبار حاسم يجب الاستعداد له بكل جدية. وأوضح أن عملية غسل الأموال تمر بمرحلتين: الأولى تتمثل في الحصول على أموال من مصادر غير قانونية، والثانية تتعلق بمحاولة إخفاء هذا المصدر المشبوه عبر إدخال الأموال إلى الدورة الاقتصادية بطرق تبدو قانونية، مثل شراء العقارات أو تأسيس شركات وهمية. وبيّن أن مكافحة هذه الظاهرة لا يمكن أن تتم إلا عبر تعاون وثيق بين مختلف المؤسسات الرقابية، إلى جانب سنّ قوانين تتماشى مع المعايير الدولية، لضمان اعتبار تونس سوقاً مالية نظيفة ومطابقة للمواصفات العالمية. تطوّر التكنولوجيا… تحدٍ جديد وأشار بن مصطفى إلى أن تطوّر التكنولوجيا والرقمنة، إضافة إلى ظهور العملات المشفّرة، زادت من تعقيد مهمة مكافحة غسل الأموال، ما يفرض على السلطات التونسية تطوير آليات المتابعة والرقابة. وختم بتأكيد قرب توقيع اتفاقيتين إضافيتين مع كل من مرصد الإدماج المالي وهيئة التمويل الصغير، لاستكمال شبكة التعاون المؤسسي في إطار استراتيجية شاملة لمجابهة التحديات المالية المستجدة. هيئة السوق المالية إذن، تسير بخطى ثابتة نحو إرساء منظومة رقابية متكاملة ومتطابقة مع المعايير الدولية، في معركة مستمرة ضد الجرائم المالية وغسل الأموال.