حالة من التردّد تعيشها الأندية هذه الأيام في ما يتعلق باستئناف النشاط الرياضي في ظروف طبيعية أي بحضور جماهيرها وهو تردد مشروع لا محالة باعتبار أهمية الجانب الأمني في هذه العودة التي ينتظرها الرياضيون بفارغ الصبر لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو إلى متى سيتواصل هذا الخوف وهل أن مسؤولية توفير الأمن في الملاعب التونسية تقع على الشرطة فقط أم أن هذه المسؤولية مشتركة ما بين المصالح الأمنية والأندية؟ التجربة الأوروبية في هذا المجال تحديدا تؤكد أن بإمكان الفرق تولي مهمة المحافظة على السير الطبيعي للمباريات عبر توفير لجان خاصة للحماية تتركب أساسا من مناصريها (Des stadiers) على أن تبقى حماية الزائرين من مشمولات قوات الأمن علما بأن إجراء كهذا لا يتطلب سوى تجند هيئات الأحباء في فرق الرابطتين الأولى والثانية المحترفتين لتوفير العنصر البشري الذي سيتولى هذه المهمة وإن اقتضى الأمر توفير حافز مادي بسيط لحراس الملاعب بما يمكن في النهاية من تخفيف الضغط على أجهزة الأمن المعنية في الوقت الراهن بترتيب أوضاعها ومعالجة «الانفلات» الناجم عن هروب عدد كبير من المساجين. تونس قبل الأندية مسؤولية الجامعة في هذا الوقت بالذات تبقى أيضا كبيرة جدّا وهي قادرة بالإمكانات الموجودة لديها وإذا ما توفرت النية الصادقة والإرادة للمساعدة في صياغة واقع رياضي جديد تختفي منه عديد المظاهر السلبية وفي طليعتها غول العنف وقد يكون استئناف النشاط الرياضي فرصة لتجسيم هذا الالتزام عبر بعض المبادرات التي قد تساهم في استتباب الأمن في الملاعب والتي قد لا تتكلف كثيرا من الناحية المادية كأن توزع أعلام تونس على الجماهير الرياضية في كل الملاعب للتأكيد على أن المصلحة العامة فوق مصالح الأندية ولتحسيس الجمهور الرياضي بالمرحلة الجديدة التي تعيشها بلادنا والتي يبقى عنوانها الكبير التفاف الجميع حول بناء الوطن في إطار من الانسجام ونكران الذات. الجامعة قد تكون مطالبة أيضا بالتعاون مع وسائل الإعلام في إنتاج ومضة تحسيسية تدفع في اتجاه تثقيف الجماهير، و«توريطها» بالمعنى الإيجابي في إنجاح الموسم الرياضي عبر التحلي بالسلوك الحضاري وهي مبادرة تبقى نفسية المواطن التونسي مهيأة لتقبلها مثلما تقبلت الومضة التي طالبته بالتخلي عن المطلبية الضيقة في المجال الاجتماعي والابتعاد عن الإضرابات العشوائية التي أضرت بالاقتصاد الوطني. شيء من الاجتهاد والمبادرة كافيان إذن لعودة الحياة إلى ملاعبنا وفق قواعد جديدة تكرس جوا رياضيا نظيفا وتبقى المسؤولية مثلما أشرنا آنفا مشتركة بين الجهات الإدارية والوسط الرياضي بصفة عامة.