يصعب التسليم بتدخل أجنبي عسكري في ليبيا بهدف وقف عدوان القذافي ضد شعبه. وحتى ان اقتصر ذلك التدخل على تدمير الدفاعات الجوية للقوات التابعة للقذافي، او بتحييد آلته العسكرية، والانسحاب بعد ذلك، فإنه سيكون على الثوار ان يتحملوا وزر هذا التدخل في سيادة بلدهم واستقلاله. ولكن يصعب كذلك مواصلة التفرج على ما يجري في ليبيا، وقد استباح العقيد الليبي دماء شعبه. فالقذافي يراهن عل رفض شعبه وبقية الشعوب العربية لاي تدخل اجنبي ويطلق العنان لحرب مجنونة ضد هذا الشعب. وهو كذلك يراهن على تردد الانظمة العربية في المبادرة باتخاذ اي قرار عسكري، كما يراهن على الزمن ليفعل فعله في ذخيرة الثوار، مؤمنا ان ما من قوة ستكون قادرة على الوقوف امام ارادته، لذلك لا يبدو في عجلة من امره، حتى و«شرعيته» تتهاوى بفعل الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين. القذافي لا يترك خيارا امام شعبه، اما مواصلة القبول به مع ما قد يعنيه ذلك من حملات انتقامية اذا ما استسلم الثوار،و من استمرار للقمع والاستبداد، او العودة الى الاستعمار اذا ما طلب الثوار تدخلا اجنبيا، تدخلا قد يستغله القذافي ليصور نفسه مجددا مقاوما للاحتلال الغربي لبلاده. الا انه بامكان الدول العربية، مساعدة الشعب الليبي فعلا من خلال تجنيبه الاستنجاد بالاجنبي. بامكان العرب، بعد ان سقطت شرعية نظام طرابلس، ان يقدموا للشعب الليبي ولثواره المساعدة السياسية الاساسية وهي الاعتراف بمجلسهم كممثل شرعي وحيد للشعب الليبي. بامكانهم القيام بذلك عبر اجتماعات مجلس الجامعة غدا في القاهرة،فلم يعد للقذافي منذ ان جرد حملة عسكرية ضد شعبه،من اصدقاء بين العرب، وحتى أصدقاءه من بقايا «الصمود والتصدي»، فانهم قد لا يستميتون في الدفاع عن نظام، غمز صراحة، من قناة اسرائيل وأمنها. ربما لن يكون بامكان العرب التدخل العسكري، ولكن بامكانهم، اذا ما اتخذوا موقفا مسؤولا وموحدا، ان ينقذوا الشعب الليبي مما يعانيه. فالقذافي قد انتهى حتى وان استمر متمسكا بالسلطة. والمطلوب التفاوض معه حول انتقال للسلطة يقبل به الثوار. وذلك هو المطلوب عربيا، قبل ان يبادر الثوار في ليبيا امام بشاعة ما يحصل، الى طلب التدخل الاجنبي.