أثار القرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن والذي يجيز تنفيذ ضربات جوية ضد ليبيا بمبرّر منع نظام القذافي من استخدام الطيران ضد الثوار، جدلا بين من يؤيّد ومن يرفض، وكان الرد الفرنسي على غير العادة سريعا، إذ قرّر ساركوزي البدء في عمليات عسكرية ضدّ النظام الليبي. ويمكن للمتابع أن يلاحظ التردّد الأوروبي في بداية الأمر قبل أن تصدر جامعة الدول العربية قرارها بإباحة الأجواء الليبية أمام من له القدرة على فرض منطقة حظر جوّي، وطبعا لا قدرة للدول العربية ولا الإفريقية على ذلك، فقط الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين وبعض الدول المالكة للقوّة قادرون على فرض حصار جوّي كما فعلوا سابقا ضدّ العراق. ويعتبر قرار مجلس الأمن وقرار فرنسا ومن ساندها، مدخلا لاحتلال ليبيا وتدمير مقدرات الشعب الليبي ونهب ثرواته اضافة الى تهديد المنطقة وتحويلها إلى بؤرة توتّر وقاعدة متقدّمة للقوى الامبريالية التي لا مصلحة لها في نهوض اجتماعي ثوري آفاقه وطنية وديمقراطية. وسوف يشوّه التدخّل الأجنبي في معركة الشعب الليبي ضدّ الطغمة الفاسدة والديكتاتورية في ليبيا بطولات هذا الشعب ونضالاته من أجل الحرية والانعتاق، وكان على تلك القوى التي دعت أو قرّرت أو ساندت... التدخّل العسكري الأجنبي ضدّ ليبيا أن تلتفت شرقا بعض الشيء لترى ما يرتكبه الصهاينة في فلسطين وما ترتكبه الولاياتالمتحدة ضدّ العراق المحتل وما تحيكه من مآمرات في كافة أنحاء العالم، كان علينا ألاّ نرى بعين واحدة وعلينا أن نعتبر ما يرتكبه القذافي من جرائم ضدّ شعبه لا يخفي بطولات هذا الشعب العظيم الذي مازال صامدا في وجه الديكتاتورية، ولا يخفي أيضا الأطماع الاستعمارية للمنطقة والرغبة في احتلال ليبيا. إنّ مباركة العدوان الأجنبي على ليبيا سوف يكون خطأ قد لا نستطيع تداركه يوما، وإنّ معركة الشعب الليبي ضدّ أعتى ديكتاتور عربي مستمرّة بدعم من كلّ الثوار في العالم وليس بدعم من الأنظمة.