٭ بقلم: الصادق العابد (مستشار الدائرة الجنائية محكمة سوسة) بسم اللّه الرحمان الرحيم {آمنت بما أنزل اللّه من كتاب وأمرت لأعدل بينكم اللّه ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم اللّه يجمع بيننا وإليه المصير} صدق اللّه العظيم إن القضاء رسالة وتكليف وأمانة وتشريف، فالقضاء هرم لا يمكن التعالي عليه، والقضاء رمز لا يمكن إبداله، والقضاء علم لا يمكن إنزاله، فالقضاء هو السلك الوحيد الذي لا يجب المساس به من قريب أو بعيد، والقضاء ليس شخصا في حدّ ذاته، وليس ذاتا طبيعية، بل القضاء هو خلافة اللّه في الأرض، وأمانة على أرواح الناس وممتلكاتهم وأعراضهم. القضاء مؤسسة المؤسسات، وركيزة الحضارات، وجمال الصفات، وسموّ الذات، حافظ الأمانات، وديدن التجليات، مهما تكن الآفات والويلات ولو في الصين أو ما اتحد من ولايات. أيها الطفل لك البشرى ٭ فقد قدر لنا اللّه أن ننشرا نعم، في الحقيقة لم أجد ما يستحق الرد على المقال الذي نشر في جزئين يومي 2 مارس و3 مارس الجاريين، والذي ورد تحت عنوان «كان أولى بالقضاة أن يطلبوا الصفح من الشعب التونسي...». فأجريت اتصالا هاتفيا لأسأل عن صاحب المقال فلم أجده من بين الرجال، لا في القانون ولا في أي مجال، بل قالوا لي إنه مجهول؟ فهل هذا معقول لصحيفة عريقة مثل «الشروق» أن تورد كلاما على لسان مجهول؟ أم هي نيران صديقة؟ قد غاب عنها أن الخلافات بينهم كزملاء (ولا دخل لي في هذا)، لا يجب أن تتعدى حدود الإخاء، فلا تضيع حكمة الحكماء ولا تشيع أقوال الأغبياء ولا ينقطع الرجاء فتهتك الأعراض وتسيل الدماء ويختلط القائل نعم بمن قال لا؟ ثم بحثت في الأنترنات فوجدت أن المزعوم صاحب المقال مشارك في «منتدى روسيا اليوم» فمرة يقول انه من فلسطين ومرة يقول من المسعدين ومرة يقول من لبنان ومرة يقول من بنان ومرة يقول من تايوان أو نعسان، فبأي آلاء ربكما تكذبان؟ ثم وقبل ذلك من الضروري أن نشير إلى المستوى المتدني في اللغة العربية، وعلى ذلك «لا ملامة يا ماما حتى وإن كان أوباما أو أبا دلامة»، طالما وان من كتب المقال لا يشذ عن القاعدة في تشبهه بالرجال، فهو من الواضح انه من المنخرطين في منظومة تهميش التعليم والصحافة «في الانخرام السارق» في «عهد التغرير» وهو الآن ممن كان يرقص رقصاته الأخيرة كالديك المذبوح. ولكن لا تحزن لأن الحزن يسرّ العدو ويغيظ الصديق ويشمت بك الحاسد ويغير عليك الحقائق، فلا تندم على من ظننته صديقا فخذلك، ولا تندم على من ظننته حبيبا فعاداك بل اندم على من ظننته عدوا فساعدك. فلم معاداتك للقضاء فهل هو عدوّ تجهّمك؟ أم نظام ظلمك؟ أم فارس لجمك؟ أم حق وحقيق وحقائق وحقيقة أغلقت لك فمك؟ فقل لي: من ظلمك؟ ففي الإشارة فقط لا وجود لعبارة «هاته» في اللغة العربية والتي وجدناها «هاته» مليون مرة في هاته مقال والفرق واضح بين «هاته» المستعملة في المقال وبين فعل «هات» بصيغة الأمر. وهو أمر مؤسف أن ننشر مقالا لمن يدعي ان له روحا ثورية وهو فقير لأبسط قواعد اللغة العربية رغم ما يبدو من عراقته في «الديمورجولية». ثم ان الأدهى والأمر من ذلك انه قد نصّب نفسه وصيا على الشعب التونسي، فهل ان (وليس إن مثلما عبر هو) الشعب التونسي قاصر لينصّب نفسه عليه وليا، فالحاكم ولي من لا ولي له ان كان الأمر كذلك؟ القضاء هو المكلف بحماية القصّر، ولكن القضاء لا دخل له في القصور الذهني لبعض الأشخاص فنحن غير مسؤولين عن ذلك أليس كذلك؟ ثم ان القضاء يعتذر للشعب التونسي لماذا؟ فهل أذنب القضاة مثلما أذنب غيرهم ضمن منظومة كاملة على امتداد ربع قرن من الانخرام السارق؟ فلنتفق جميعا ولنراهن على ذلك وأتحدى، فنفتح بحث تحقيقي شامل في إطار محاكمة علانية مستقلة تتكون من خيرة القضاة التونسيين وأكثرهم خبرة ويكون موضوعه: «كل من عسى أن يكشف عنه البحث من أجل الاضرار بالشعب والوطن طبقا للمجلة الجزائية وجميع النصوص الجزائية الأخرى المنطبقة مع اصدار البطاقات القضائية اللازمة ومصادرة الأموال والممتلكات وتجميد الحسابات موضوع الجريمة». سنجد أكبر نسبة في أي قطاع حسب رأيك؟ ثم ما نسبة القضاء في هذه النسبة؟ أم يصعب عليك الأمر لأنه تلزمه حسبة؟ أم انك ممن استبهل الشعب التونسي فحاول أن يزج به في التعتيم والتهميش ب........؟ لسنا ملائكة الرحمان المنزلة، ولكن أدعوك وأدعو الجميع إلى التحلي بالروح الوطنية الصادقة وإلى التمسك بهذا المطلب في فتح هذا البحث التحقيقي، أم انك مثل غيرك تبحث عن المطلب الترقيعي والتلفيقي؟ أم انك ممن اتبع نزغات الشياطين ونزوات السلاطين واعنات الباغين وعدوان المعادين ومعاداة العادين وغلب الغالبين وسلب السالبين وغيل المغتالين وحيل المحتالين؟ أم انك ممن جاور المجاورين وجارى الجائرين فاتبع بذلك اكفّ الظائمين؟ أم انك ممن سيتبع قضاءنا المتين وعدله المكين فتكون من الوطنيين الخالصين المخلصين، والثوريين الصادقين، والأحرار الواعين المثققين والذين للجهل والزيف نازعين ان جاءهم اليقين ولو في الفليبين أو حتى في سجن المسعدين؟ وان كل من يحاول أن يهمش الشعب ويثير الفتنة ويرفض هذا المطلب، فهو ذي شبهة لغاية في نفسه. فنحن كقضاة مستقلين ووطنيين نتمسك بهذا المطلب ونرغب جديا في القطيعة مع الماضي وفتح صفحة جديدة بيضاء ناصعة نظيفة شريفة وسيكون ذلك باتباع الاجراءات القانونية فالقانون وحده يفصل بين الجميع، ففيه الحق لا يضيع ولا تعمّ الفوضى ولا تشيع وينعم بالعدل الشيخ والمرأة ومن كان في المهد رضيع. وليكن في علمك، انني أول من طالبت بمحاكمة الرئيس السابق وفتح بحث تحقيقي ضده وضد مشاركيه وأتباعه وأشياعه وضد كل من عسى أن يكشف عنه البحث وضد كل من أضر بمصلحة هذا الشعب المقدس وهذا الوطن المقدس مع ضرورة اصدار البطاقات القضائية اللازمة بما فيها بطاقة الجلب الدولية ومصادرة الأموال والممتلكات وتجميد الحسابات في الداخل والخارج وذلك بالاذاعة الوطنية يوم 15 جانفي 2011 صباحا وفي نفس اليوم بجوهرة أف.أم مساء وجددت النداء يوم 17 جانفي بإذاعة جوهرة صباحا وبإذاعة المنستير يوم 3 مارس بعد الظهر، فأين أنت من كل هذا؟ فهل أنت نائم أم صائم أم في بحر الترهات عائم وفي التهجم على أسيادك قائم؟ ثم رد علي ان استطعت وقل لي إننا لسنا أسيادك؟ ثم من سيفصل بينكم في الدنيا فهل اننا سنستورد قضاة من الخارج على غرار مقابلات كرة القدم والتي فيها يسيل الدم من أجل 200 غرام هواء والتي عادة ما يهرب فيها الحكم؟ فالقاضي، ان لم تكن تعلم، لا يدير مقابلة في كرة القدم.