وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    ترامب: قد أدعم وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إذا سمحت الظروف.. مستعد للحديث مع طهران    «شروق» على مونديال الأندية رقم قياسي لميسي و بوتافوغو «يصفع» باريس سان جرمان    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    22 سنة سجناً مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وقيادات سابقة    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    الإعلامية إيناس الغرياني ل «الشروق».. وفاة أمي «صدمة»... دفعتني لدخول الإذاعة    حرب الاستخبارات تتوسّع بقصف قاعدة العمليات الرقمية: اختراق كاميرات المراقبة وكشف مواقع الموساد يربك الصهاينة    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    وزارة الصحة تجدد دعوة الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز العمل    الترجي يعود لزيه التقليدي في مواجهة مصيرية ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    طبربة: إيداع مربي نحل السجن من أجل تسببه في حريق غابي    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    إيران تخترق كاميرات المراقبة الخاصّة بالإسرائيليين.. #خبر_عاجل    حملة لمراقبة المحلات المفتوحة للعموم بدائرة المدينة وتحرير 8 مخالفات لعدم احترام الشروط القانونية (بلدية تونس)    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جناية حاكمي الاستقلال على من قاوم الاحتلال (2)
نشر في الشروق يوم 15 - 03 - 2011

لم يغب في ملاحظاتهم هذه، قيامهم باطلاع الرئيسين المذكورين، «بانحراف هيكلية الحزب» كذلك، إذ وقع لفت نظرهما عديد المرات، إلا أن إدارة هذا الحزب أصبحت عبئا ثقيلا، سواء بضخامتها وكثرة موظفيها وأعوانها، أو بكلفتها الباهظة، اضافة الى انغلاقها على نفسها، وعزوف القوى الحيّة من الشباب والجامعيين والمثقفين عنها، وتعرضها فوق ذلك للانتقادات اللاذعة من قبل بعض الأحزاب، وبعض مكوّنات المجتمع المدني، وإتهام هذه الادارة بالتغوّل واستنزاف أموال المجموعة الوطنية، وهدر الموارد البشرية، لخدمة جهاز السلطة التنفيذية دون غيرها، واتهام عموم المنخرطين في الحزب، بتزييف الانتخابات وتغييب إرادة الشعب، عن اختيار ممثليه، سواء على رأس الدولة أو في سائر الهياكل الدستورية وفي مقدمتها البرلمان.
وتمّ اطلاعهما كذلك على أنّ الهياكل المحدثة ضمن هذه الهيكلية قد فشلت في تحقيق التكوين والتأهيل للمنضوين في الحزب، وأصبحت مجرّد مناسبة يلتقي فيها منخرطوه للاستماع الى بسطة أو تدخل أو عرض، يلقيه أحد الأساتذة أو من يتحمّلون مسؤولية في إدارته المركزية، إحياء لاحدى ذكريات الكفاح الوطني أو تحليل موقف معيّن، اتخذته الحكومة في مسألة ما، أو لشرح أحد خطب بورقيبة أو بن علي بعده، بقصد تمجيدهما والتنويه بهما، ويشفع اللقاء عادة ببعض التساؤلات والاستفسارات الشكلية والمرتجلة، وهي غالبا ما تُملي إملاء حسب مقتضيات الظرف. ويشار كذلك الى أنّ لقاءات هذه الهياكل غير منتظمة وأنّ حضورها مقصور على المنخرطين، وأمّا تغطيتها الاعلامية فقد كانت سطحية وروتينيّة، وتسودها اللغة الخشبية وفاقدة لأيّ حرارة نضالية، وأصبحت كلّ من جريدتي «العمل» و«لكسيون» أو «الحرية» و«الرونوفو» لاحقا، قابعين في الأكشاك لا يقبل عليهما أحد بما في ذلك اطارات الحزب أنفسهم.
أما النقطة الأخيرة التي أثيرت من قبل هذه المجموعة فتتعلق ب«نمطية الخطاب السياسي»، الذي كان يتسم في غالب الأحيان بالرتابة والتكرار والاجترار، وضعف المضمون الفكري والثقافي، وسقوطه في الارتجال والابتذال، ممّا بعث على العزوف عنه والزهد فيه، الى حدّ أنّ منظمي الاجتماعات العامة في الادارة المركزية، كانوا يعانون الأمرّين، في احضار الجمهور وأحيانا يلجؤون الى تلامذة المعاهد الثانوية، وعمال المصانع القريبة وبعض العاملين في الفضاءات التجارية، لجلبهم الى قاعات الاجتماع، ولو على حساب التفريط في دروسهم وأعمالهم، ولاسيّما عند اشراف بعض أعضاء الديوان السياسي على هذه الاجتماعات.
ولم ينس أصحاب هذه الانتقادات، الاشارة الى غياب الموقف الحرّ والمستقل للحزب، وغياب المبادرة أصلا، حتى لمجرد تنظيم مسيرة تضامنية مع الفلسطينيين أو اللبنانيين أو غيرهم من البلدان الشقيقة، التي كانت تتعرض لأشكال من العدوان الصهيوني والغربي على امتداد العقود الماضية وإلى اليوم وكانت بعض أحزاب المعارضة على العكس من ذلك سبّاقة لاتخاذ المواقف المساندة للقضايا العربية العادلة، وغرق الحزب الحاكم في مسلسل برقيات التأييد والولاء، كما غرق في اجتياح صناديق الاقتراع بمناسبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، لتزييف النتائج لصالح النظامين المستبدّين. كما غرقت النخبة السياسية والثقافية ذات المطامع الانتهازية بدورها في إعداد البيانات والمحاضرات وحتى الكتب مدفوعة الأجر سلفا، مدحا لبورقيبة وبن علي وإطرائهما، والاشادة المضخّمة بسياستهما، رغم ما كانت عليه من تناقضات وأزمات.
ويبدو أنّ هذه المؤاخذات الجريئة التي عبّرت عنها اليوم ولأول مرة هذه الشخصيات الوطنية المخضرمة، قد أدخلت عليهم شعورا كبيرا بالارتياح، وبالحسرة في ذات الوقت.
أولا: لأنهم أراحوا ضميرهم بمصارحة بورقيبة وبن علي في الإبّان، بتدهور الحزب وانزلاقه نحو الهاوية، وثانيا: لأنه خاب أملهم وذهبت مصارحتهم للدكتاتوريين المذكورين أدراج الرياح، بل وقع إمعان كل منهما في توظيف هذا الحزب العريق، الذي كان وراء تحقيق الاستقلال، لقضاء مآرب حاكمي قرطاج وحاشيتهما، حتى انهار تماما. وهناك اليوم شبه إجماع بأن الذي انهار فعلا هو بورقيبة وبن علي بعده، فانهار معهما هذا الصرح العتيد لأنهما جرّداه من روحه الوطنية والقومية، ومن مبادئه التقدمية التي أرساها مؤسسه الزعيم عبد العزيز الثعالبي، التي كانت العمود الفقري لاجلاء الاستعمار الفرنسي عن بلادنا سنة 1956.
ولكن من نكد الدنيا أن يهوى هذا الصرح العتيد، على يد المستبدّين المذكورين، اللذين حوّلا وجهته التاريخية والنضالية وجعلا منه مطية للعبث بحقوق الشعب، وتمييع هويته العربية الاسلاميّة، بل جعلا منه سندا للفرانكفونية العنصرية، والتبّعية الغربية وتأبيد البقاء في كرسي الحكم، وآلية قامعة لأي محاولة جادّة لاخراج البلاد من بوتقة الفساد والاستعباد ومن خندق الفقر والبطالة حتى قال الدكتور الحبيب الجنحاني، الذي أدان سياسة هذين الحاكمين وما جنياه على هذا الحزب، في تحليل سياسي مطوّل تحت عنوان: «الثورة وسقوط الأقنعة» نشر بجريدة «الشروق» التونسية يومي 12 و13 جانفي 2011، جاء فيه بالخصوص: «ليس من المبالغة أن يصبح الحزب الحاكم في ظلّ النظامين السابقين عبئا على الدولة والوطن، ولا غرابة في ذلك فقد أصبح جهازا من أجهزة المخابرات أو يكاد، فلم يسهم المسؤولون في قيادته في قمع الحرّيات العامة فحسب. بل تحوّل الكثيرون منهم إلى حلفاء للمافيا الجديدة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.