تعيش بلادنا وبعد مرور شهرين من قيام الثورة، انتعاشة كبرى ومراجعة عامة وأساسية وجذرية لكل القطاعات والهياكل الثقافية والفنية وأخص بالذكر هنا الجامعة التونسية للمسرح، التي طال مخاضها ولم تفلح كل المحاولات، وحتى منها القيصرية على ولادة كيان مؤهل لخدمة مصالح مسرح الهواة بشتى مناطق الجمهورية فما هي هذه الجامعة/ ولم كل هذا العسر في الولادة؟ ومن المسؤول عن هذه الهوة التي بينها وبين بقية المسرحيين الهواة؟ والهواية في المسرح هي ممارسة هذا الفن بشكل تلقائي وتطوعي معتمدين على حب الخشبة، برغم نقص التكوين، وقد اثبت مسرح الهواية ببلادنا زيادته عندما انصهر التكوين الأكاديمي كمشرف مع الطاقات الخلاقة للهواية، وقد تكونت الجامعة التونسية للمسرح سنة 1981 باعتبارها كيانا هيكلا يلم شمل كل الجمعيات الهاوية ويمثلها ويكونها ويسهر على التنسيق بينها والمساهمة في الاشراف على المهرجانات المختصة بهذا المجال. لقد عرفت هذه الجامعة في السنوات الأخيرة تراجعا وتخلفا ملحوظا عن المشهد المسرحي بالبلاد، نظرا لركوب أسماء على مهامها عرفت بابداعاتها في ميدان الاحتراف مثل الفنان توفيق الغربي سابقا والفنان المنصف السويسي لاحقا وهكذا تواصل النزول الى الهاوية. ومن الطريف والمحزن في ذات الوقت، أن تعيش هذه الجامعة الآن نفس السيناريو الذي عاشته بلادنا منذ فترة قصيرة، وذلك بطرد المنصف السويسي الذي قدم استقالته على مضض مع ثلة من اتباعة ثم ترك خلفه مليشياته التي لفظها الجميع وطالبوا بتنحيتها وقد سحبت منهم الثقة فعلا، وبدعم من نقابة مهن الفنون الدرامية واتحاد الممثلين المحترفين، تألفت هيئة شبابية موقتة للسهر على تحضير مؤتمرها الاستثنائي من أجل اعادة الهيكلة بالانتخاب والشفافية، ومع ذلك مازالت ذيول الحكومة عفوا الهيئة القديمة تحاول التسلل لتعطيل المسار الديمقراطي لحظوظ مستقبل هذه الجامعة. يا ذيول رئيس الجامعة المخلوع، الفظوا سوسكم عن هذه الجامعة الفتية، وارجعوا الى حب المسرح فيكم، وكفى عبثا بهوية هذه الجامعة، وابتعدوا أرجوكم لنتنفس بها هواء نقيا، وارحلوا كما رحل «رئيسكم» دون عودة، واحجزواان شئتم لأنفسكم مقاعد في جامعات الخليج أين مصير كل هارب من بلادنا، واتركونا في سلام كي نجد مخرجا من هذه الهاوية التي وضعتمونا فيها... وتذكروا دائما ما قاله «شهريار الحكيم» عندما كان في «رحيل» أن «حس القطا» ذات يوم قد حطم «الجدار» وحط «بجوانح المحبة» على «عود رمان» ليمنحكم عشقزاده»، ولا تنسوا العناوين لكي لا تظلوا الطريق. واعلموا أن الهاوي نبيل بكرم حبه لفنه، وبريء مما تفعلون، فكفى وصاية على أرض لم تفلحوها... اجمعوا أحزمتكم وغادروا، انصرفوا، اخرجوا، اذهبوا، تبخروا، ابتعدوا عن بيوتنا المعطرة بالهوى المسرح المنثور، الم تعلموا أن نظامكم قد سقط بثورة ايماننا أن الهواية هوى بلا شفاء، وباعتصامنا أمام قصبة أهوائكم الملوثة، ولا تنتظروا أن نتناصف معكم هذا الكيان لأن لنا وطنا ينصفنا وانتم لكم «منصفكم»، واحذروا... «فإن عدتم عدنا».