في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد ظهرت حركة باطنية في أذربيجان سنة ه تزعمها شخص يسمى «بابك الخرّمي» كان رجلا فقيرا ضعيفا مجهول النسب، نسبت هذه الحركة اليه، وأصبحت تعرف باسم «الخرّمية وهي حركة تعتقد بالتناسخ ووجود إلهين، أحدهما للنور والآخر للظلمة وتقول بإباحة النساء. وأخذت هذه الحركة تيث في الارض فسادا وتعمل ما وسعها العمل لهدم صرح الاسلام واذلال أهله.. فواجهها الرشيد أولا ولم يتمكن من القضاء عليها ثم تولى أمرها ابنه المأمون فأرسل اليها الكثير من القادة للقضاء عليها، الا انه لم يحالفه التوفيق للقضاء عليها الى ان كانت خلافة المعتصم وقد تعاظم أمر هذه الحركة، واشتد ساعدها فعقد المعتصم العزم على مواجهتها، فأرسل اليها جيشا جعل على رأسه الإفشين، وكان من القادة المحنكين الذين خبرتهم الحروب وصقلتهم التجارب، فاستطاع محاصرة بابك الخرمي وأسره والقضاء على حركته، واحضاره الى الخليفة المعتصم الذي أمر بقطع رأسه. وكان من خبر «بابك الخرمي» أنه لما علم بقدوم جيش المسلمين ومحاصرته اتصل بملك الروم وحرضه على غزو بلاد المسلمين بحجة أنها خالية من المقاتلين، فاستغل ملك الروم الفرصة وتوجه بجيش عظيم لغزو بلاد المسلمين، فوصل اليها وقتل فيها خلقا كثيرا، وأسر العديد من أهلها كان من بينهم نساء وشيوخ. ثم ان الخليفة المعتصم لما علم ما كان من خبر الروم ومهاجمتهم ديار الاسلام وفعلهم الأفاعيل، جهز جيشا عظيما وعقد العزم على فتح عمورية بعد ان استشار أمراءه فأشاروا عليه بذلك. وتوجه اليها فوصلها صبيحة يوم الجمعة فوجد أهلها قد تحصنوا بها تحصنا شديدا، فحاصرها ونزل منها موضعا أشير عليه به، وشدد الخناق عليها. وبدأ التناوش بين الطرفين الى أن تمكّن المسلمون من اقتحام حصون المدينة والدخول اليها مكبرين ورافعين رايات النصر. وجيء بنائب حاكم عمورية، وكان اسمه «مناطس» الى بين يدي المعتصم فقطع رأسه، وخضعت المدينة منذ ذلك التاريخ لحكم المسلمين، ووافق ذلك الفتح شهر رمضان سنة ه. لقد كان فتح عمورية نصرا عزيزا للاسلام والمسلمين سببه المباشر استغاثة المسلمات اللاتي وقعن في أسر الروم، فلبى خليفة المسلمين تلك الاستغاثة وعقد العزم على تلخيصهن مما وقعن فيه، وأعاد لدولة الاسلام هيبتها بعد ان كادت تفقدها بسبب خلافات المسلمين بعضهم مع بعض.