انتظم مؤخرا بدار الثقافة بالقلعة الكبرى أمسية شعرية تحت شعار «قصائد من أجل الحرية والكرامة» أثث فقراتها الشعراء أحمد شاكر بن ضية وسامي الذيبي وبشير عبيد وهم من الشعراء الذين لاقوا تضييقات في العهد البائد وأغلقت أمامهم دور الثقافة بطريقة أو بأخرى في ظل ترويج السخافات الثقافية مقابل قمع أصحاب الكلمة الهادفة والفكر النير من الذين رفضوا أن «يتبنفسجوا». وإن اقتصر الحضور على بعض الأشخاص وذلك أمر قد يكون مفهوما اعتبارا إلى أن عملية الاستقطاب تتطلب برمجة محكمة تقطع مع العادات الثقافية السائدة نحو ممارسة واعية وممنهجة للفعل الثقافي الحقيقي، ولكن من حضر استمتع بعذوبة الكلمة وإيقاع القوافي وتأثر بعمق المعاني وسحر التعابير المجازية التي أشادت بالثورة التونسية وطالت حتى الذين اعتصموا بالقصبة بقصيد عنونه الشاعر المتميز أحمد شاكر بن ضية ب«صوت القصبة» يقول فيه: «صوت القصبة كي تتلكم نار اتنوّض مالقرجومة ورصاص الثورة اللي يحسم في حكم حكومة محكومة اسمع يا ظالم وتعلّم يزي من الدمعة الموهومة تكذب لا تحلف ولا تقسم ثروتنا عليكم مقسومة يا ويل الكف إلي تقسم من بطش الكف المحرومة صوت القصبة كي تتكلم تسكت الأصوات المحمومة اليوم الشعب يقرر يحكم ويقول الكلمة المكتومة» كما ألقى شاكر بن ضية قصيد كتبه قبل الثورة نال بسببه السجن والتعذيب عنوانه «نشيد المناشدة» يناشد فيه المخلوع لفترة انتخابية أخرى ولكن بطريقته الشعرية الطريفة حيث يقول: «نناشدكم أدام القمع سلطتكم ومدّد في ولايتكم وزاد في عمركم ظلما إلى أن تنتقوا لبلادنا الولهى التي ذابت غراما في سيادتكم وريثا واثق الأرسان من فرسان أسرتكم فلو فرعون أعتقنا سيبرك فوقنا كسرى نناشدكم أدام الغاز والمتراك في أنفاس شرطتكم لتسحبنا برفق من محاجرنا»، وكان الشاعر بشير عبيد كعادته وفيا لتضامنه مع قضيتي العراق وفلسطين من خلال قصائده التي ألقى البعض منها من مجموعته التي صدرت أخيرا بعنوان «رياح المشهد» إضافة إلى قراءات مجدت الثورة التونسية. وزاد في شاعرية الجلسة الأغاني «الملتزمة» التي تخللت الفقرات الشعرية والتي أداها وعزفها الشاب جمال حلاوة فاستحقت هذه الأمسية صفقة الامتياز بإرجاعها الشعر إلى مهده الأصلي.