تورس : دور المثقف في التوعية.. وجيل تونس الجديد ما بعد الثورة (2)

شكرا على الإبلاغ!

سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.

دور المثقف في التوعية.. وجيل تونس الجديد ما بعد الثورة (2)

رياض الحاج طيب صفاقس نشر في الشروق يوم 28 - 03 - 2011

هنا يبرز السؤال الكبير حول لغة التواصل بين ثلاثة أرباع المجتمع من الشباب وبين ربعه الآخر، ثلاثة أرباع المجتمع سيكون عرضة للكثير من المؤثرات ومنها مؤثرات الأدلجة الدولية والمحلية التي نجحت مع الأسف في التأثير على شبابنا لان مخططات الادلجة تجاوزت ما نعرفه من وسائل تقليدية في التواصل مع المجتمع فقد تجاوزت المسجد والأسرة والمدرسة وذهبت إلى حيث الشباب وإلى قنوات التواصل ولغة القرن الحادي والعشرين واستطاعت أن تجند الكثيرين منهم بينما بقينا نحرث في نفس الأرض وفي نفس المكان وبنفس الأسماء بينما الأرض من حولنا يحرثها ويزرعها أناس غيرنا وتنبت زرعا وشيئا لا يتناسب مع أهدافنا بل هو خطر علينا كالإرهاب والثورات السياسية والثورات الثقافية..
المثقف في مجتمعاتنا يجب أن يساهم مجتمعياً ولكن كيف..؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يجب أن نستوعبه ونحن أمام مجتمعات تبدو متجانسة في مرجعيتها العرقية والجهوية ولكن شباب القرن الحادي والعشرين يطرحون لنا أن فكرة التجانس يصعب إنزالها على الأفكار والثقافات لفئتهم ولذلك يحسن التعامل مع التفاوت الفكري والثقافي بلغة تتكيف مع الجميع يكون الوطن هو عنوانها المشترك الذي لا يقبل الرهان عليه أو المزايدة فيه..
الأوطان هي ظل المجتمعات وسماؤها وهي ارض الجميع ومنزلته بين الشعوب والتأثير على الوطن هو كمن يحاول أن ينقل الأمراض إلى جسده فالأوطان تمرض بفعل المجتمع، وتصح وتقوى بالشعوب والأفراد..
الأوطان الشابة هي أوطان عنوانها القوة والصحة وهنا يكون دور المثقف وإمام المسجد والمعلم والأب والأم في نقل الصورة الحقيقية لمعنى الوطن وأهميته في حياة الشعوب ، والوحدة الوطنية هي محور جوهري لأبناء الوطن الواحد ليكون الوطن هو حجر الزاوية الذي نلتقي عليه ونذيب فوقه كل تفاوت فكري وثقافي واجتماعي بيننا ..
المثقف مطلوب منه أن يقوم بتسليم جوائز التفوق للشباب عبر الاهتمام بهم ورعايتهم بدلًا من تركهم لمن يرعاهم من خارج أوطانهم ، هذه الجوائز تتمثل في توعيتهم فهؤلاء الشباب خبرتهم في الحياة اقل من غيرهم ولكن طاقتهم اكبر من غيرهم ، فإذا تركت خبراتهم بجانب طاقاتهم فقد تكون النتائج مؤلمة أما إذا اختلطت خبرات الكبار والمثقفين والمفكرين مع طاقة هؤلاء الشباب فإنها سوف تنتج أعمالا رائعة تحمل المجتمعات على أكف التنمية نحو المسارات الصحيحة ..
وسائل الاتصال الحديثة التي ربطت العالم ببعضه جلبت معها ثقافات وأفكارا جديدة على المجتمعات والتي لم تكن سوى مسرح كبير لهذه الوسائل، لذلك أصبح اندماج الشباب العربي مع هذه التقنيات اندماجا مقرونا بالخطر والخوف من مستقبل الأفكار التي يمكن أن تنشأ.. والعلاقة الطردية هنا تقول إنه كلما تصاعد دور المثقفين والمفكرين والمصلحين والعلماء في التوعية المجتمعية كانت الرؤية واضحة في المجتمع حول المستقبل ومتطلباته..
المثقف عليه أن يدرك أن العالم يختلف عما كان عليه قبل عقود فهو اليوم بحاجة إلى إصلاح وتطوير اقتصادي وليس بحاجة إلى فوضى سياسية فالمثقف العربي عليه أن يتخلص من عقدة المثقف السياسي الذي يسيّس كل شيء وفقا لمسارات بعينها فالمثقف مطلوب الجديد من الشباب منه أن ينتقل إلى دوره الاجتماعي الإصلاحي حيث يتوقع أن يتبنى المثقف منهجا توعويا للجيل.
ليخرج المثقف من سلبيته وإقصائه من دوره الفاعل في بنية تونس ما بعد الثورة وليساعد على تجاوز هذه المحنة للانتقال إلى الديمقراطية الواقعية في مجتمع يتصارع على الظهور في القنوات واستعراض العضلات والطرح الواقعي والخيالي لبعض التيارات السياسية القديمة التي لم تطور خطابها ولم تتنزل الى مرحلة الواقع والحداثة فلتلعب الثقافة دورها الفعلي التقدمي في طرح إبداعات وخلق طرق للحوارات تبني التواصل التوعوي لفئات الشباب وباقي المجتمع التونسي وتطور في فن الخطابة السياسية لفاقدي التعامل مع هذا الأسلوب المباشر المستعمل من أغلبية القوى السياسية في البلاد فدور الثقافة حاليا انتقالي وثوري يساهم في الإصلاح الجذري ويساعد على فرض معادلات تنموية تحصن الأفكار وتسهل التعامل والتجاوب مع التنمية الحديثة واختيارات الإصلاحات الاقتصادية التي تنطلق من الدراسات السوسيولوجية المتقاربة مع الواقع والمجتمع التونسي المعاصر الحديث العاشق للحداثة والتغيير والمتعامل مع الواقع المعاصر في الثقافة الرقمية والمجيد في استعمال التقنيات الرقمية والمتخاطب بالخطاب متعدد الوسائل..
٭ بقلم: المخرج المسرحي والكاتب

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.