لئن تناولنا في فترة سابقة قريبة ملف المجمع الكيمياوي التونسي ومالفّ لفّه من تجاوزات وإخلالات وفساد وعمولات فإن الحقيقة تؤكد فعلا أن كل قطاع أو مؤسسة شهدت خلال فترة العهد البائد ما يستحق التحقيق والتوغل في ثنايا التدقيق بما يطهر شركاتنا ومؤسساتنا العمومية من كل تلك التصرفات المسيئة وحتى الملطخة للمال العام والمخدشة للقوانين والتشريعات وردّ الاعتبار أيضا لمن تعرضوا للمظالم لمجرد أنهم لم ينصهروا في منظومة الإخلالات مقابل دعم وتعيين من لم يترددوا في الاستجابة والامتثال للإجراءات المزاجية والشخصية وذلك على حساب المؤسسة والادارة التونسية والمصلحة العامة ككل.. وملفنا اليوم الذي نفتح حلقته الأولى يهم الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية التي توفرت لنا المعطيات والوثائق حولها بما يثير الاستغراب ويؤكد الأتعاب التي تكبدها العاملون فيها أو أغلبهم فضلا عن الخزينة العامة والاقتصاد الوطني ككل... البداية تخص أساسا تفاعل الإدارة العامة لهذه المؤسسة مع دعم موارد التجمع الدستوري الديمقراطي وذلك على حساب العاملين من إطارات شركة السكك الحديدية الراغبين منهم في ذلك وغيرهم من الذين لا ينتمون للتجمع أو الذين لا يستطيعون ذلك بسبب التزاماتهم المادية والاجتماعية حيث نزل المنشور الأول عدد (271) ممضى من الرئيس المدير العام والمتضمن في موضوعه: دعم موارد التجمع الدستوري الديمقراطي وذلك اعتمادا على المرجع (مكتوب التجمع عدد 830 المؤرخ في 12 فيفري 2009) وهو ما دفع ب( ر م ع) الى التأكيد في المنشور أنه وتجسيما للإيمان بمبادئ التجمع وفي إطار دعم موارده يطلب دعوة الإطارات التابعة لكل وحدة للمساهمة في موارد التجمع بما قدره (120 دينارا) يتم خصمها من المرتب على أربع(4) مرات على أن يجد الإطارات هوية ذلك نموذجا يتم تعميره وامضاؤه من طرف المعني بالأمر وإرساله الى المديرية الإدارية والمالية في أقرب الآجال... مذكرات حول دعم موارد التجمع...وإلا..؟!! مثل هذا المنشور لم يتفاعل معه إطارات الشركة بالشكل الذي كان يرنو اليه «التجمعيون» مما جعل الرئيس المدير العام يغضب من ذلك ويعود الى منشور آخر عدد(503) مؤرخ في 21 أفريل 2009 وذلك في شكل مذكرة الى الإدارات المركزية ووحدات الأعمال والإدارات مذكرا بالمنشور عدد (271) بتاريخ 4 مارس 2009 مضيفا عبارة بدون تأخير في آخر المنشور الجديد عدد (503) لتتضح حقيقة إصرار ( ر م ع) على خدمة التجمع للدفاع عن موقعه خاصة أن تلك المناشير التي يجبر فيها الإطارات على دعم موارد «التجمع»في سنة الانتخابات الرئاسية والتشريعية تعتبر استبدادية واستفزازية بشكل كبير جدا مستغلا فيها نفوذه ومقدما خدمات جليلة للتجمع الذي يدعم موارده على حساب «المؤسسات» بشكل خفيّ وعلى حساب العمال بمختلف أصنافهم خاصة منهم الإطارات بشكل واضح والحال أن ( ر م ع) من المفروض أن يمثل الإدارة التي تبقى مستقلة عن التنظيمات والأحزاب السياسية إلا إذا كان المسؤول يرغب في الاستقواء بالتجمع فتلك مسألة أخرى خاصة أن التجمع نفسه يرفض تعيين أي كان على رأس المؤسسات الا إذا كان تجمعيا حتى وإن كان الآخر غير المنتسب للحزب الحاكم من الكفاءات القادرة على خدمة البلاد والعباد وتقديم الاضافة بما يرتقي بمستوى القطاع أو المؤسسة أو حتى الوطن ككل...مقابل اعتماد التعيين بشرط ضروري واحد وهو أن يكون المعيّن ذا نزعة تجمعية من جهة ومن الأفضل أن يكون وراءه من الأشقاء أو المقربين من له نفوذه في التجمع أو من عائلة الرئيس المخلوع وأصهاره أو من الذين تستطيع أطراف من كبار عناصر التجمع الاستفادة منه بشكل ذاتي ولاموضوعي من جهة وأن لا يكون من جهة أخرى الا تجمعيا..؟ تحفيز التجمعيين ومطاردة الآخرين؟! ومادمنا أشرنا الى تدخل التجمع بثقله في شركة السكك الحديدية وانصهار الإدارة العاملة لهذه المؤسسة في منظومته فان مراسلة بتاريخ 3 جانفي 2011 وجهها رئيس الشعبة المهنية بإحدى الجهات وذلك أثناء وهج الاحتجاجات وقبل اندلاع الثورة العارمة في كامل أنحاء البلاد ب (11) يوما فقط وتتضمن في موضوعها لجنة الحماية تشير الى أنه وبعد المكالمة الهاتفية مع الرئيس المدير العام يتقدم اليه بقائمة اللجنة التي أعدتها والتي أمر ( ر م ع) بإنشائها والتي تضم خيرة التجمعيين في المؤسسة وذلك بغية الحفاظ على الكيان التجمعي والهادفة الى مراقبة تحركات الأعوان المناوئين للتجمع والتصدي لهم علاوة على الاتصالات الجانبية بهم داخل مقرات العمل وحثهم على الانضباط مقترحا في المقابل حث ( ر م ع) على رصد التشجيعات والحوافز اللازمة للتجمعيين الذين تتضمنهم نفس المراسلة قبل أن يرد عليه(ر م ع) في اليوم الموالي أي يوم 4 جانفي 2011 بمراسلة متقدما اليه بجزيل الشكر على المجهودات التي يبذلها في سبيل إنجاح حملة التبرعات (26/26) بالجهة (حتى بعد 8 ديسمبر؟) وحثه على مزيد اليقظة ومده بقائمة الأعوان المناهضين للحملة المباركة... ودون تعليق خاصة أنه اتضح ما يفيد أن الشكر والتحفيز لا يتم الا للتجمعيين الذين يرصدون تحركات زملائهم الذين لا صلة له بالحزب الحاكم دون الاهتمام بجانب الكفاءة في العمل وما يتم تقديمه للمؤسسة؟؟!. تيسير لمهام...ولكن لمن؟ ومن جهة فإن الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية واعتمادا على تطوير الخدمات المرتبطة بالثقافة والنهوض بالشباب وذلك وحسب قانون عدد (8) لسنة 1987 المؤرخ في 6 مارس 1987 انتدبت او بالاحرى تعاقدت مع إطار سام متقاعد لمدة خمس سنوات حسب المرجع عدد 1121 المؤرخ في 30 سبتمبر 2010 على أن يلتزم الذي يتم التعاقد معه بتقديم خدماته للشركة والمتمثلة في وضع برامج للنهوض بالنشاط الثقافي داخل المحيط المهني للمؤسسة والمشاركة في تنظيم التظاهرات الثقافية في المناسبات الوطنية واستشارته في ما يتعلق بتطوير جودة الخدمات على مستوى الاستقبال والارشاد والمساهمة في تنظيم لقاءات مع الإطارات والأعوان خاصة منهم الشباب لتسهيل إدماجهم بالمؤسسة واستشارته ايضا في وضع وتطوير البرامج الاجتماعية داخل المؤسسة وإعداد تقارير كل ثلاثة أشهر حول انجاز المهام الموكولة للمعني بالأمر على ان ينتفع مقابل ذلك بمرتب يساوي خمس آخر أجرة تمتّع بها قبل إحالته على التقاعد والحال ان هذا المتقاعد هو رئيس مجلس الشعب المهنية؟؟!! دعم لجليلة الطرابلسي.. وتباين مفضوح؟؟ اما على مستوى التراخيص في الشغول الوقتي للفضاءات التابعة للملك العمومي الحديدي الكائن بحرم محطة الأرتال بتونس والتي تتضمن 22 فصلا فإنه يتضح ودون مساحيق ولا «روتوش» ولا تضخيم في العقد المبرم مع شقيقة زوجة الرئيس المخلوع المسماة جليلة الطرابلسي التي رخّصت لها شركة السكك الحديدية وذلك بموجب الأمر العام عدد 19 المتعلق بتفويض الصلوحيات لفائدة شركتها (اي شركة جليلة الطرابلسي) وهي «كيوسك كونسبت» (kiosque Consept) بمقتضى ذلك في الشغول الوقتي لفضاء يمسح (11.34م.م) كائن بساحة محطة الأرتال بالعاصمة وذلك لتنصيب كشك قابل للتفكيك والازالة يتم استغلاله كمركز تنشيط متعدد الوظائف من طرف شركة «تونس تيليكوم» وذلك بمقابل معلوم الاستغلال للفضاء بما جملته خمسة آلاف دينار دون اعتبار الأداء على القيمة المضافة والتي تتحملها الشركة المرخصة لذلك (أي شركة السكك) وهو ما يعني ان هذه القيمة المالية (5000د) تمثل فضاء يمسح (11.34م.م) لمدة عام كامل اي بما قدره (440.917د) للمتر المربع الواحد في السنة و(36.743د) في الشهر والحال ان فضاء آخر وبنفس المحطة ومخصصا للكتب والمجلات ولمدة شهر (30 يوما) وفي مساحة (12م.م) ولا يزيد عن الفضاء المخصص لجليلة الطرابلسي اكثر من (66 صنم.م) تختلف الارقام في شأنه باعتبار ان صاحبه يدفع (4800د) في الشهر الواحد (اي اقل منها ب 200 دينار). ولكن الفرق واضح بين 30 يوما لعارض الكتب وعام كامل لفضاء جليلة الطرابلسي لتتجلى حقيقة الفوارق خاصة اذا علمنا وحسب المعطيات والوثائق ما يؤكد ان المتر المربع لها شهريا ب 36.743د ولصاحب فضاء الكتب 400 دينار كاملة للمتر المربع الواحد مقابل تسويغ فضاء لشركة أخرى وهي (أوراسكوم) ولمدة 13 يوما فقط بما قدره 3835د والحال ان الفضاء لا يمسح أكثر من أربعة أمتار مربعة؟؟!! حقائق.. وتجاوزات؟؟! قد تكون الفوارق واضحة وجلية بين من ينتسب لعائلة الفساد والاستبداد ومن لا ينتمي الى غير تونس الوطن المفدى غير ان النوايا وبشكل او بآخر تبقى ايضا واضحة طالما ان الإدارة العامة أو بعض عناصرها يريدون الاستقواء بكل من له صلة بالرئيس المخلوع والذي تيسّر أمامه السبل مقابل تعسيرها أمام الآخرين كما الشأن للذين ينتمون للتجمع وغيرهم لتتجلى حقائق التجاوزات واستغلال النفوذ والإخلالات والتمييز بين التونسيين وذلك لا بالكفاءة ولا بما يقدمونه وإنما بالتقرب وتقديم الخدمات وما يشوبها من تأويلات وإشاعات وخاصة عندما تتضخم المسائل وتصل العمال الذين يقدمون عصارة أفكارهم ولب شبابهم للمؤسسة وللاقتصاد الوطني والبلاد ككل دون ان يجدوا حظوظهم بالشكل الذي يتماشى ومجهودهم سواء في الفجاج او في الصحاري او في ثنايا الجبال والغابات والذي عادة ما يتعرضون فيه لصعوبات كبيرة على أكثر الواجهات فضلا عن أدوار المراقبين في الأرتال وايضا الاداريين وأعوان المستودعات وغيرهم والذين تذهب تضحياتهم هباء منثورا اذا لم يكونوا من التجمعيين او من الذين تربطهم قرابة بعائلة الرئيس المخلوع وأصهاره او أزلامهم الذين ينشطون في بعض المنظمات..؟؟! والى حلقة أخرى