... لا أحد ينكر أو يستنكر ان القاضي فرحات الراجحي يعتبر أول وزير داخلية تونسي يكون محبوبا شعبيا... ويحظى بحملة اعلامية جعلت منه نجما للحكومة... ونجما ل «الفايس بوك»... وأول وزير داخلية يتعاطف معه الشباب كما الكهول رغم كون هذا المنصب عوّدنا من سنوات طويلة ان يكون العدو الأول للشباب وللاعلاميين خاصة. القاضي فرحات الراجحي أول وزير يلقى حملة شعبية على الشبكة العنكبوتية من أجل مسيرة سلمية من أجل إعادة تعيينه على رأس الوزارة كيف لا وهو من فهمنا بعد 24 ساعة فقط من تعيينه أنه لو قرر يوما الترشح للرئاسة لوجد كل الشباب التونسي من الشمال التونسي الى الجنوب يقوم بالحملة الانتخابية له دون الحاجة الى صرف مليم واحد. هذا هو الوجه الأول للسيد القاضي فرحات الراجحي الضاحك دوما البسيط في طبعه والذكي في تصرفاته والشفاف في معاملاته مع الآخرين. لكن كسب الشعب وحبّ مستعملي «الفايس بوك» لم يكن مجانا، بل كان على حساب فئة ثانية رأت انها كانت ضحية لهذا الحب. اذ لا يمكن لوزير داخلية ان يكون محبوبا شعبيا على حساب أعوان الأمن برمتهم. الكثيرون من المتتبعين للشأن الأمني في تونس رأوا في السيد فرحات الراجحي صورة جميلة خلقت علاقة جديدة واحتراما لم تعهده من قبل وزارة الداخلية... وجدوا فيه رجلا باسما ضاحكا بإمكانه ان يكون أذنا صاغية للجميع دون استثناء لكن ما الذي حدث حتى يغضب أعوان الأمن؟ لماذا هاجوا وماجوا ولأي سبب؟ لماذا أحب الشعب فرحات الراجحي ولم يقبل به رجال الأمن؟ لماذا كسب حب الشارع وخسر ثقة الأعوان؟ كان غيث ما حدث حين أعلن الراجحي على شاشة التلفزة تعرضه للهجوم يومها حدثت القطيعة مع رجال الأمن... من هاجوا في أروقة الوزارة أكدوا أنهم لم يهاجموه. من هاجموه أكدوا انهم كانوا في كامل مداركهم العقلية ولم يكونوا مخمورين ولم يكونوا مسلحين وأن المعطف والنظارات والهاتف الجوّال كانا مؤمّنين لدى ضابط أمن تولى إعادة العهدة الى الراجحي من الغد. أعوان الأمن رأوا في ما تم عرضه على الشاشة تزييفا للحقيقة وأن الوزير كسب الشارع مقابل تشويه صورتهم أمام المواطنين وأن طلباتهم كانت مشروعة في تكريم زملائهم الشهداء الذين قتلوا دون ذنب. أعوان الداخلية احتجوا وعبّروا عن احتجاجهم عبر مواقفهم وبياناتهم متهمين الراجحي بكونه شوّه صورتهم وقدمهم للشعب على أنهم هم من قاموا بالانفلات الأمني وبيّنهم على أنهم هم الميليشيا برمتها. أعوان الأمن أكدوا أنهم أوقفوا المئات من هذه الميليشيات وحجزوا لديهم أسلحة بيضاء ومخدرات وحجارة وأموال... لكن من أطلق سراحهم ولماذا لم تتم محاكمة الكل؟ أمر خارج عن نطاقهم. أعوان الأمن مازالوا مصرّين على كونهم ذاكرة وزارة الداخلية التي لا تنسى وأن بعض المسؤولين المتواجدين حاليا مكانهم الحقيقي وراء القضبان. بوزارة الداخلية الكثير الكثير من الشرفاء ومن الإطارات العليا المتكونة قانونا والمتخرجة من أفضل الجامعات التونسية ينتظرون اليوم إعادة الاعتبار لهم وبفسح المجال أمامهم لوضع خطة طريق جديدة للوزارة. لكنهم لا ينكرون في المقابل ان السيد القاضي كان مسيّرا ولم يكن يعرف الطريق الى التصرف معهم وبالتالي فإنه كان ينفذ ما يعقد من جلسات العمل الأولى مع الجهات الأخرى المعنية بأمن البلاد. أعوان الامن أكدوا انه لإعادة ترميم العلاقة بين رجل الأمن والمواطن تبدأ من جذور محاسبة من قتل أبناء الشعب ومن أعطى التعليمات بإطلاق النار وبالكشف عن سرّ القنّاصة وسرّ الرصاص المحرّم دوليا الذي تم استعماله من جهة مجهولة... حتى يعرف الشعب أن عون الأمن العادي هو مجرد موظف ولا علاقة له بأي مخطط كان وأنهم كانوا ضحية شأنهم شأن غيرهم حين تمت مهاجمتهم ومحاولة قتلهم وحرقهم بعد ان كانت التعليمات وجّهت لهم بمغادرة مقرات عملهم وسحب أسلحتهم منهم وإبقائهم عزل.