أرادها أن تكون ثورة مباركة بأتم معنى الكلمة ليس من خلال الاطاحة بالرئيس الدكتاتور وتمزيق صوره وازالة أسماء الشوارع التي حملت اسمه واجتثاث رموز الحزب وانما بالقطع نهائيا مع عهد الظلم والطغيان والجور والجبروت وازالة كل ما من شأنه ان يذكرنا به ولو لم يحمل رقم سبعة المشؤوم وسيئ الذكر وهذه الارادة لم تكن وليدة الثورة المباركة بل كانت رغبته جامحة في التغيير منذ 2007 لما أباح بالسر الى أحد أصدقائه ولكنه فوجئ بالبوليس ينبه الى خطورة ما يريد قوله ونصحه بعدم العودة الى مثل هذه الفكرة، فسكت في ذلك الوقت ومن يجرؤ على الكلام في تلك الفترة؟ ولكن الثورة المجيدة التي عاشها الفنان التشكيلي محمد جابر العجمي في عاصمة الشهداء القصرين الأبية مكنته من الافصاح عن فكرته التي حمل همها سنين كثيرة وتتمثل هذه الفكرة في تغيير بطاقة التعريفة الوطنية أو «بطاقة التعريف التجمعية» كما يحلو لهذا الفنان أن يسميها فتقدم بالمجسم الى وزير الداخلية الذي بارك الفكرة وتحمس لها فأودعها لدى مصلحة الشؤون القانونية والنزاعات بالمؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين بتاريخ 12 مارس 2011 تحت عدد 31-01-12-03-2011 ومن المنتظر أن تشرع الوزارة في عملية التغيير لاحقا. أما عن الأسباب التي دفعت بالفنان محمد جابر للتفكير في اقتراح فكرة التغيير فتتعلق بما تحمله البطاقة القديمة من رموز ودلالات تذكرنا بالرئيس المخلوع وبعهد الظلم والطغيان حيث تتكون تلك البطاقة من واجهتين: الأولى تحتوي على ساحة سبعة نوفمبر والتي عبر عنها بساحة الطاغية وسبعة أعلام وطنية أما الواجهة الثانية فتحتوي على سبعة حمامات تحلق في نظام المستبد وتجسد سبعة نوفمبر وهو تاريخ الانقلاب الذي قام به والذي اعتبره ابن علي يوم انقاذ تونس. أما البطاقة الجديدة فتمثل الوطن حقيقة وتمثل كافة الشعب التونسي اذ تحمل في واجهتها الأولى العلم التونسي بحجم كبير يكاد يغطي كافة الواجهة وشعار نظام حرية عدالة رمز العدل والديمقراطية وشمس تشرق على العلم ورمز النظام في اشارة الى انبلاج فجر جديد ليس كذلك الفجر الذي تحدث عنه ابن علي ذات 7 نوفمبر 1987 أما الواجهة الثانية فتحمل العلم التونسي بأحجام صغيرة على كامل الواجهة وأياد مترابطة تجسد حماة الوطن الفعليين وليس اللصوص والعملاء وخريطة صغيرة للجمهورية التونسية وعبارات: كرامة حرية عدالة ديمقراطية حرية ثقافة وحدة وهي عبارات تجسد تطلعات أبناء الثورة المجيدة ثورة 14 جانفي 2011 والواجهتان باللون الأحمر تجسيدا لدماء الشهداء الذين سقطوا في الحركة التحريرية في مواجهة الاستعمار الفرنسي ودماء الشهداء الذين سقطوا في ثورة تونس 17 ديسمبر 14 جانفي 2011 وهكذا تساهم عاصمة الشهداء القصرين مرة أخرى في الرقي بتونس بعدما ساهمت بالنصيب الأوفر في الاطاحة بالدكتاتور والقادم أفضل من هذه الولاية التي تزخر بالمبدعين الذين هم في حاجة الى قليل من التأطير فقط.