أثار المرسوم الصادر مؤخرا حول التنظيم المؤقت للسلط العمومية تساؤلا هاما يتعلق بتحديد فترة مهام رئيس الجمهورية الموقت. فقد نص هذا المرسوم في الفصل 8 على أن «يواصل رئيس الجمهورية المؤقت رئاسة الدولة حتى تاريخ مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه» وهو ما يعني نظريا أن بلادنا ستكون منذ اليوم الأول لشروع المجلس الوطني في نشاطه بلا رئيس دولة... علما أن هذا «الشروع في ممارسة المهام» قد يكون بعد أيام قليلة من يوم الاقتراع (24 جويلية القادم). فلماذا غفل المرسوم المذكور عن تحديد من سيتولى رئاسة الجمهورية في ذلك التاريخ. أو على الأقل تحديد كيفية اختياره. ففي مشروع مرسوم لتنظيم السلط المؤقتة أعده بصفة فردية منذ أكثر من شهر خبير القانون الدستوري الاستاذ قيس سعيد على أمل أن تستنير به الحكومة لاعداد النص النهائي للمرسوم المنظم للسلط العمومية بصفة وقتية، ورد تحديد هذا الامر... حيث ذكر الاستاذ سعيد في أحد فصول المشروع أن رئيس الجمهورية المؤقت يواصل القيام بمهامه الى حين اجراء انتخابات رئاسية تفرز رئيس الجمهورية الجديد بناء على الدستور الذي سيصدره المجلس الوطني التأسيسي.... وهذا «التحديد» كان منتظرا من المرسوم المنظم للسلط العمومية بصفة وقتية لكن وقع التغافل عنه... فمن سيكون اذن رئيس الجمهورية المؤقت بعد 24 جويلية والذي سيتولى الرئاسة الى حين اجراء انتخابات رئاسية؟ المبزع يستبق «الشروق» طرحت السؤال على الاستاذ قيس سعيد فأجاب بأن رئيس الجمهورية المؤقت السيد فؤاد المبزع قرأ ألف حساب قبل اصدار المرسوم المذكور... ومن هذه الحسابات أنه توجد امكانية كبرى في أن يتخذ المجلس التأسيسي يوم الشروع في مباشرة مهامه قرارا يقضي بانهاء مهام السيد فؤاد المبزع كرئيس مؤقت للجمهورية... فالمجلس التأسيسي سيكون منتخبا، أي له كل الصلاحيات في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير دواليب الدولة. لذلك قد يكون السيد فؤاد المبزع فكر في هذه الفرضية، واستبق وضع حد لمهامه يوم شروع المجلس التأسيسي في مهامه بدل أن يكون القرار متخذا من المجلس. تمسك... أو انتخابات غير أن الاستاذ قيس سعيد اعتبر من جهة أخرى أن المجلس الوطني التأسيسي ستكون له الصلاحية أيضا، عند شروعه في مباشرة مهامه للتمسك بالسيد فؤاد المبزع كرئيس موقت للجمهورية الى حين اجراء انتخابات رئاسية... وفي غير هذه الحالة، فإن المجلس سيكون مجبرا على انتخاب رئيس للدولة من بين أعضائه، على أن يكون ذلك في أسرع وقت ممكن حتى لا تبقى الدولة بلا رئيس فترة طويلة... علما أن المجلس سينتخب أيضا عند مباشرة رئيسا له... وللتذكير فإن المجلس الوطني التأسيسي لسنة 1956 سبق ان مر بالتجربة نفسها عندما انتخب الحبيب بورقيبة رئيسا له في البداية ثم انتخب بورقيبة في 1957 رئيسا للجمهورية وانتخب بعد ذلك جلولي فارس رئيسا للمجلس. الحكومة لم يجدد المرسوم الصادر مؤخرا لتنظيم السلط العمومية مصير الحكومة المؤقتة بعد انتخاب المجلس التأسيسي عكس ما ذكره بالنسبة لرئيس الجمهورية المؤقت... ووضع السيد قيس سعيد في هذا المجال أيضا أن المجلس التأسيسي ستكون له أيضا كل الصلاحيات لتعيين وزراء جدد (بمن فيهم الوزير الأول) أو للابقاء على الحكومة التي ستكون موجودة آنذاك.