انعقد مؤخرا في قصر العدالة بتونس العاصمة، اليوم الوطني لاستقلال القضاء تحت اشراف رئيس جمعية القضاة التونسيين أحمد الرحموني وحضور عدد كبير من القضاة بزيهم الرسمي الى جانب العديد من ممثلي جمعيات المجتمع المدني في تونس.. واستمع الحضور المشارك الى جملة من المداخلات المتخصصة، حول واقع القضاء التونسي وآفاقه المستقبلية في ظل ثورة الرابع عشر من جانفي 2011 لشباب تونس. وجاء في مداخلة السيدة روضة القرافي عضو المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بعنوان: «في مفهوم استقلال القضاء وأهم ضماناته»، أنه كان لشعب تونس في ظل المتغيرات الكبرى والجذرية التي تشهدها المنطقة العربية في الراهن، شرف فتح الطريق أمامها بقيادة أول ثورة على نظام حكم استبدادي كرس المظالم والاعتداءات على القانون وقمع الحريات وغيب العدالة ولاحظت السيدة القرافي أن هذه المتغيرات أبرزت الحاجة الماسة الى عدالة منصفة نزيهة ومستقلة، مما جعل شعار استقلال القضاء من الشعارات المركزية للثورة... وقال أيضا إن مفهوم القضاء يعني عدم جواز التدخل أو التأثير من قبل أية جهة في ما يصدر عن القضاء من أحكام وقرارات واجراءات، وإن ذلك المنع يشمل عدم جواز تدخل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وغيرهما من أشخاص القانون العام والخاص في سير القضاء وأحكامه وقراراته. كما يشمل أيضا عدم تدخل القاضي في عمل القاضي، أي أن استقلال القاضي يجعله متمتعا بحرية اصدار الحكم حسب الوقائع المعروضة عليه وما ينطبق عليها من أحكام القانون بعيدا عن التدخل أو المضايقة من السلطة التنفيذية وبعيدا عن التأثير الذي ينشأ بين القضاة أنفسهم نظرا الى اختلاف المناصب الادارية وغيره... السيدة روضة القرافي أكدت أيضا، أن استقلال القاضي وحرية عمله لا يعنيان أن يكون مطلق اليد فوق كل محاسبة أو مراقبة، وأشارت الى أن أهم ضمانات استقلال القضاء تكمن في الرقابة الدستورية وهي وسيلة بيد السلطة القضائية للتصدي للسلطة التشريعية والتنفيذية. وذكرت أن الاستقلال المالي والاداري للقضاء هو ارتباط بين إدارة شؤون القضاء والسلطة التنفيذية من خلال اسناد صلاحيات تعيين القضاة وعزلهم ونقلتهم وترقيتهم وإحالتهم على التقاعد ومساءلتهم تأديبيا الى مجالس عليا للقضاء منتخبة انتخابا ديمقراطيا كاملا من بين القضاة، مع التشديد على الشروط الواجب توفيرها في المرشح لعضوية هذه المجالس على مستوى الكفاءة والنزاهة والحياد... ولدى حديثها عن الاستقلال المالي للقضاء أوضحت السيدة القرافي أن رصد ميزانية مستقلة للقضاء تتصرف فيها المجالس العليا للقضاء تمثل ضمانة في غاية الأهمية لمبدإ استقلال القضاء، فكلما تمّ تأمين الاستقلال المالي للقضاء كلما قلّت الضغوطات والتأثيرات في عمل السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية ذلك أن اليد التي تعطي هي التي تحكم، لكي يقع القطع نهائيا مع هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء، يجب أن يكون القضاء مستقلا ماليا. وقالت بالنسبة الى حق القضاة في الاجتماع والتعبير أن ذلك يسمح للقضاة ممثلين في هياكلهم بحماية استقلالهم من كل تجاوز من بقية السلطات والأشخاص ومن الدفاع على علوية القانون وعلى الحريات العامة والخاصة باعتبارها الضامن للعدالة والسلم الاجتماعية على أن تعاضدها في ذلك جهود بقية مكوّنات المجتمع المدني، لأن استقلال القضاء وحياده وإن كانا من واجب القاضي فهما حق لكل المجتمع، وإن تظاهرة اليوم لشاهدة على وعي القضاة بأن مطلب القضاء المستقل هو مطلب شعبي لن يتحقق على أرض الواقع إلا بجهد وطول نفس القوى الحية في البلاد التي ستكون في طليعتها جمعية القضاة التونسيين.