التضامن والتسامح والتآزر هي خصال متأصلة ومتجذرة في المواطن التونسي، فهي ليست بالجديدة ولا بالمكتسبة انما هي ولدت معه بالفطرة... فهذه الخصال ازدادت تجذّرا ومعنى لكل دول العالم بعد ثورة 14 جانفي وهي ثورة الكرامة والحرية لأجل تكريس الديمقراطية في البلاد. لقد وقفت تونس وقفة الرجل الواحد ازاء اللاجئين الذين دخلوا التراب التونسي عبر النقطة الحدودية مع ليبيا رأس جدير فرغم انتماءاتهم واختلاف شرائحهم مصريين وليبيين وصوماليين وسودانيين وبنغاليين وآخرون هم قرابة 110 آلاف لاجئ أو ما يزيد استوعبتهم القلوب التونسية قبل أن تطأ أقدامهم التراب التونسي فقد فتحت لهم العائلات التونسية منازلها وديارها فآوتهم وأطعمتهم ورحبت بهم أيّما ترحاب رغم أنهم لا يمتون لا بصلة نسب أو قرابة دموية إنما تحرك فيهم الواعز الوطني ونخوة العروبة للخروج من هذه الوضعية الصعبة. فكل اللجان والدواوين والمنظمات والجمعيات وجميع التونسيين بمختلف شرائحهم الاجتماعية شاركوا كل من موقعه بشتى الأنواع وبكل الوسائل ومختلف السبل والطرق بالمال والعتاد والصحة لأجل المعونة والمدّ التضامني والمساعدة والأخذ باليد فهؤلاء القادمون من ليبيا لاجئون اعتبروا ضيوفا على تونس الخضراء رغم أن الظرف الذي تعيش فيه البلاد غير مناسب فهو ظرف انتقال سياسي، ولكن تونس أبت الا أن تتفرغ لهؤلاء وتوليهم العناية الكافية بتظافر الجهود فكل الذين حلّوا لم يشعروا ولو لحين أنهم غرباء عن هذا الوطن الذي أخجل العالم بكرمه وحسن الاستقبال فقد بقوا مشدوهين بهذه الحفاوة والكرم الحاتمي واعترفوا بعضمة ألسنتهم لوسائل الاعلام العربية أن المعاملة التي وجدوها في تونس في ظرف خاص لا ولن يجدوها في بلدانهم في ظرف عادي... فهذه البادرة أو هذه الحركة التضامنية هي فريدة من نوعها في العالم حتى أن جميع الملاحظين تكهنوا بحصول تونس على جائزة نوبل للسلام... فتونس لا تعمل من أجل الاحراز على الجوائز بل إن تونس تعمل من أجل أن تؤسس قيم ومبادئ التضامن والتآزر والتسامح في العالم.