تونس «الشروق»: تواصل «الشروق» التحقيق في ملفات الفساد التي ضربت جل مفاصل البلاد... إذ لم تقطع تونس نهائيا مع الفساد والفاسدين بسقوط رأس النظام المافيوزي يوم 14 جانفي 2011، ومن أخطر القطاعات التي نخرها الفساد هو القطاع العقاري. من يسيطر على الشركات العقارية في تونس؟ من يحتكر هذا القطاع ولماذا؟ ماهي أخطر العمليات التي ارتكبت؟ كيف تدخل بن علي شخصيا لدعم رجال أعمال بطرق غير شرعية؟ لماذا مارس بن علي اللصوصية؟ ومن ساعده على ذلك؟ هل برحيل بن علي وعائلته، رحلت كل العصابة؟ من تورط في سرقة مال الشعب؟ من استأثر دون غيره بخيرات البلاد وافتكاك أراضيها؟ كيف تلاعبوا على القانون؟ «الشروق» تفتح ملفات الفساد في القطاع العقاري. بتاريخ 18 أوت 2008 أمضت السيدة سميرة خياش بلحاج وزيرة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية قرارا في ترخيص في ممارسة مهنة باعث عقاري وتم تصدير القرار بديباجة من القوانين والأوامر ختمت بالاشارة الى الاطلاع على قرار وزير التجهيز والاسكان المؤرخ في 27 نوفمبر 1991 والمتعلق بضبط مقاييس الترخيص للباعثين العقاريين وعلى رأي اللجنة الاستشارية للبعث العقاري المنعقدة في 15 أوت 2008، صدر قرار بالترخيص للشركة العقارية والسياحية «مارينا قمرت» على أنها شركة خفية الاسم مقرها بحي الحدائق تونس وبرأس مال قدّر بثلاثين مليون دينار. أما المسؤول عن الشركة فهو السيد محمد العزيز ميلاد. المساهمون أمّا عن المساهمين في الشركة فهم فيكتور نظيم آغا وهو تركي وشركة الماجدة للاستثمار العقاري ويملكان 50 بالمائة من أسهم الشركة، ثم نجد محمد العزيز ميلاد وكريم ميلاد ودرّة ميلاد حرم الشعري ومريم ميلاد حرم رجب والتونسية للأسفار والخدمات وشركة ت.ت.س المالية، ويملكون 25 بالمائة من الأسهم ونجد أيضا سليم شيبوب وشركة مايدور اللذان يملكان 25 بالمائة من الأسهم وشركة «مايدور» هذه ملك لسليم شيبوب وهي تكوّن الأسماء الأولى لعائلته مريم ويوسف ودرصاف. وحسب وثيقة «مضمون السجل التجاري»، فإن تاريخ ايداع ملفات هذه الشركة كان يوم 2 مارس 2005. وأنّ مدتها 99 سنة وتاريخ الاشهار بالرائد الرسمي كان يوم 8 مارس 2005 وتاريخ بداية النشاط يوم 18 فيفري 2005، وورد أيضا أن الوضع القانوني للذات المعنوية يتمثل في أنه بتاريخ 25 أفريل 2007 تم ايداع محضر جلسة تمّ بمقتضاه تعيين فيكتور نظيم آغا رئيسا لمجلس إدارة الشركة، ونعثر أيضا على وثيقة متعلقة بالجلسة العامة التأسيسية المؤرخة في 18 فيفري 2005 على أنه تمّ اختيار محمد العزيز ميلاد وكريم ميلاد وشركة مايدور التابعة لسليم شيبوب وشركة السياحة لادارة الشركة لمدة ثلاث سنوات ونجد الامضاءات لمحمد عزيز ميلاد باعتباره رئيسا والسكريتير محمد عبد الرؤوف نقرة ثم نجد امضاءات جمال العارم عن شركة السياحة وعبد الرؤوف نقرة عن شركة مايدور وقابض المالية عن شركة الفراتي وشركائه KPMG تونس في ممثلها رشاد الفوراتي. فيلات ممنوعة على الشعب بتاريخ 5 أوت 2008، وبمناسبة انجاز مشروع مارينا قمرت، تمّ الحصول على أفضل الأراضي والعقارات، من أجل انجاز قرية قمرت السياحية، إذ تم بناء منتزه ترفيهي وميناء وأماكن خاصة بالرئاسة وتضمنت فيلات فخمة تتراوح أسعارها بين 800 مليون و4 مليارات للفيلا الواحدة. المشروع سياحي مائة بالمائة، لذلك فإنه لا يمكننا قانونا الحديث عن مشروع عقاري، بل نحن نتحدث هنا عن مشروع سياحي، وحسب القانون فإنّ المستثمر السياحي لا يمكنه أن يتمتع بالامتيازات الجبائية وهي أن يدفع 1 بالمائة فقط من سعر ما أنجز. إذ فقط الباعث العقاري لأنه يشيّد منازل للسكنى يتمتع بنسبة 1 بالمائة أما البقية فإنهم يدفعون 6 بالمائة من سعر ما أنجز. من السياحي إلى العقاري شركة مارينا أرادت أن تنجز مشروعا سياحيا بقمرت، وأمام ارتفاع الأداء الذي ستدفعه لخزينة الدولة أي للمال العام أي مال الشعب التونسي، فلقد تم اسنادها رخصة الباعث العقاري لتتمتع بالامتيازات الجبائية، وحسب ما حصلت عليه «الشروق» فإن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي شخصيا تدخل في المشروع ونعثر على خط يده في الوثيقة لتغيير بعض الاجراءات حتى وإن خالفت القانون ومثل ذلك في التساؤل إن كانت هذه الشركة ستعفى من الأداء على القيمة المضافة (TVA) على العقارات المعدّة للسكنى يكتب بن علي نعم ويضع تحتها سطرين. أما عن معلوم التسجيل وهو 5 بالمائة مع نسبة 1 بالمائة، مع تمكين مارينا قمرت بتوظيف نسبة 66 بالمائة من كلفة الميناء المكوّن العقاري وتقليص من الآداء على المرابيح وهو الامتياز الذي تم اسناده في السابق لمارينا الحمامات، فإنّ بن علي يحيل بالنسبة الى الامتياز الجبائي ما كتبه محادثتي في اشارة الى أنه تمّت محادثتهم في الشأن سابقا، ويبدو أن المحادثة تمّت بالهاتف ثم يكتب نعم في خصوص الضريبة على المرابيح واعتماد نفس الصيغة التي تمّ اعتمادها بالنسبة الى مارينا الحمامات ويمضي بن علي أيضا أسفل الوثيقة بنعم في خصوص طريقة احتساب مداخيل البيوعات بعد ابرام العقد النهائي وعدم احتساب التسبقات في المداخيل. امضاءات بن علي ونجد أعلى الوثيقة امضاء بن علي بتاريخ 5 أوت 2008 مع تنصيصه على «اسناده صفة باعث عقاري»، رغم مخالفة ذلك للقوانين، فالمشروع سياحي ولا يمكنه التمتع بصفة باعث عقاري حتى لا يتمتع بالامتيازات الجبائية ويتهرب بذلك من دفع الآداء الجبائي لمال الشعب ثم نجد امضاء بن علي بتاريخ 26 جويلية 2008 وملاحظة في الأعلى ممضاة بامضاء آخر غير امضاء الرئيس المخلوع ورد فيها «سي الهادي ادراج الملف هذا الأسبوع» وتحتها تاريخ 9 أوت 2008، وبنفس التاريخ ودون امضاء نجد ملاحظة ورد بها «تم الاتصال بالمعني بالأمر في نفس اليوم». وهكذا تمتعت شركة مارينا قمرت بامتيازات جبائية مخالفة للقوانين بتدخل من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. في الحلقات المقبلة نتابع فتح الملف، من يشارك عائلة بن علي؟ ومن يشارك الطرابلسية؟ ومن هم المشاركون مع صخر الماطري؟ وكيف تمّ شراء قصر في القنطاوي للطفل محمد زين العابدين ابن الرئيس المخلوع؟ وماهي الشركة التي أبرمت العقد ومن المسؤول عنها؟