تعيش ولاية الكاف أياما حرجة: شباب ينادي بحل المجلس البلدي ويعد قائمة بالصور في أسماء الذين يتهمهم بالانتماء للنظام السابق ويطالب بإقصائهم من الحياة العامة، عدد من سكان قلعة سنان يهددون باللجوء إلى الجزائر احتجاجا على ما يسمونه تجاهلا للجهة رغم الثورة، واعتصام في مصنع «ساكمو» قرب مدينة الساقية، دون اعتبار حالات الفلتان الأمني التي تظهر من حين لآخر. في الأثناء، وجدنا لدى السيد محمد نجيب التليجاني والي الكاف رغم تنقلاته الميدانية الكثيرة في الولاية ورغم صفوف الذين يرغبون في لقائه منذ الصباح الباكر، ما يكفي من الوقت لنحمل إليه بعض الأسئلة التي يتناقلها أهالي الكاف. وأثناء إجراء هذا الحديث، كرر السيد محمد نجيب التليجاني شكره لأهالي ساقية سيدي يوسف: «لسلوكهم الحضاري، ولما التزموا به من نظام جيد في اعتصامهم أمام مصنع ساكمو، وهو ما مكننا من الوصول إلى اتفاق». اعتصام بدأنا الحديث مع السيد الوالي عن أحد مطالب الشباب الذي اعتصم أمام مقر لجنة التنسيق سابقا، وهو حل المجلس البلدي بالإضافة إلى مطالب أخرى. يقول لنا السيد الوالي إن 7 أعضاء من جملة 12 عضوا قد استقالوا من المجلس البلدي، وأن وزارة الداخلية قد طلبت تقديم قائمة تضم ضعف عدد أعضاء المجلس من الأشخاص المرشحين في إطار «النيابات الخصوصية». لم يكن مجلس حماية الثورة قد نشأ آنذاك، لذلك وقع التشاور مع اتحاد الشغل والمحامين والناشطين المستقلين لإعداد هذه القائمة. أما عن المرحلة الحالية فيقول: «نحن ننتظر القرار الوطني الذي يبدأ بحل المجالس البلدية ثم تعيين النيابات الخصوصية». أما الشباب الذي اعتصم وسط المدينة مطالبا بحل المجلس البلدي فلم يتردد السيد محمد نجيب التليجاني في الذهاب إليهم والتحاور معهم، كما دعاهم إلى مكتبه لمواصلة الحوار، وبعد إجراء هذا الحديث مباشرة، كان المعتصمون قد فكوا اعتصامهم. يضيف قائلا: «لا أتردد في التوجه بنفسي إلى أي مكان فيه اعتصام أو أي شكل من أشكال الاحتجاج أو المطالب مثلما حدث في قلعة سنان، حين هدد عدد من السكان باللجوء إلى الجزائر احتجاجا على ما يرونه من تردي ظروفهم. «توجهت إليهم بعد منتصف الليل، وظللنا نتحاور حتى ما بعد الثانية ليلا، ثمة مطالب يمكن تفهمها، مثل عزل المعتمد أو رئيس البلدية، لكن ثمة مطالب أخرى تتجاوز إمكانيات الولاية حاليا مثل البنية التحتية التي لا يمكن برمجتها إلا في إطار الخطط الحكومية»، وهكذا عادت قلعة سنان إلى الهدوء، لكن مشكلة الشباب العاطل تظل هاجسا يوميا أمام أبواب الولاية. استثمار طيلة عدة أسابيع، كان مدخل ولاية الكاف يتحول إلى ساحة صراع بين العشرات من الشباب العاطل وطالبي المساعدة من كل نوع. ثمة معلومات يقدمها السيد الوالي لنا مثل بشرى لشباب المنطقة: «على المستوى العاجل، ثمة خطة لتشغيل 1500 شخص في إطار الحضائر خلال أسبوعين دون اعتبار 1650 شخص تم تشغيلهم منذ منتصف جانفي. أما العاطلون من أصحاب الشهائد المسجلون في الكاف وعددهم 3583 شخصا، فسوف يحصلون على «منحة أمل» التي تبلغ 200 دينار شهريا، وذلك خلال الأسبوع الأول من شهر أفريل. بالتوازي مع ذلك، يكشف لنا السيد الوالي عن جهود أثمرت بعث 3 مراكز نداء في مبنى كبير وسط المدينة لتشغيل 350 إطارا، بالإضافة إلى مركزي نداء آخرين في ضاحية بوليفة سوف يشغلان 250 شخصا. كما تجري مفاوضات مع صاحب مصنع الكوابل الألماني لإنجاز ما كان وعد به منذ عام 2008 بتوسيع نشاطه وتشغيل ألفي شخص، «نتفاوض معه على إضافة 400 شخص آخرين حاليا» كما وضح لنا. كما أعد المجلس الجهوي خطة لتمويل 22 باعث شاب يعانون من مشكلة التمويل الذاتي. وفي إطار بحث مشاريع التنمية في الجهة، يقدم لنا السيد الوالي خبرا جيدا، يخص شركة أنقليزية سوف تأتي إلى الجهة يوم السادس من أفريل لمعانية موقع «الحميمة» المنجمي. يضيف مفسرا: «لدينا في الجهة مخزون ثري من المواد المنجمية في مناجم بوجابر والجريصة وسرا ورتان ولن ندخر جهدا في استثمارها». غير أن السيد الوالي يصر على أهمية البنية التحتية والطرقات، حيث يقول لنا: «تشغلني مسألة الطرقات حول الكاف وخصوصا رقم 5 (تونسالكاف) ورقم 17 (جندوبةالكافالقصرينقفصة) ورقم 12 (الكافالقيروانالنفيضة) لأن تحويل هذه الطرقات إلى سريعة من شأنه أن يفك عزلة الجهة ويشجع على الاستثمار». قصر بورقيبة وفي إطار الاستثمار، نطرح عليه السؤال الذي يردده أهالي ولاية الكاف منذ عقود وهو موضوع الغاز الطبيعي الجزائري الذين ينظرون إليه بحسرة وهو يمر على مسافة قريبة منهم ولا يرون منه سوى الوعود. يجيب: «لم نتأخر في بحث هذا الموضوع، وقد تقدمنا بطلب عن طريق وزارات التنمية الصناعة والداخلية بصفتها وزارة الإشراف، ويمكن القول إن مسألة تزويد الجهة بالغاز الطبيعي مسألة وقت لا غير». بقي السؤال الذي ترددت في طرحه، ويخص قصر الرئيس بورقيبة الذي تم تحويله إلى مقر الوالي وهو معلم تاريخي يعز على أهالي الكاف كثيرا ويضم متحفا وجزءا من سور المدينة القديم. يجيب السيد محمد نجيب التليجاني دون تردد: «لا أرى أي مانع في إعادته أو تحويله إلى منتزه أو مشروعا للثقافة، يجب القول قبل ذلك أن المسكن الوظيفي في الولاية لم يعد لائقا ويتطلب ترميمات طائلة، لكني مستعد لتسلم قصر بورقيبة وتوظيفه للثقافة ولمدينة الكاف. أحب أن أوضح أيضا أني عندما تسلمته، دعوت مسؤولي الآثار وتم إحصاء كل القطع الأثرية الموجودة فيه، حفاظا عليها».