كان الاعتصام الذي نظمه عدد من أهالي ساقية سيدي يوسف أمام مصنع «ساكمو» الذي يبعد بضعة كيلومترات عن المدينة قصيرا في الزمن إنما شديد التنظيم والفعالية. يقول لنا شباب من الساقية إن وضع المصنع يدفع إلى الأسى لما آل إليه بعد أن كان ثروة حقيقية توفر أكثر من 300 موطن شغل مباشر، وتحيط به حركة اقتصادية أحيت ما مات في الجهة. لذلك قرر عدد من الشباب والمناضلين تنظيم هذا الاعتصام للفت النظر إلى ضياع هذا المصنع وضياع عشرات الآلات الحديثة التي اشتريت له بعشرات المليارات وما يزال البعض منها في علبه. وفي الأصل، تكلف هذا المصنع الذي أنجز في إطار شراكة تونسية جزائرية ما يزيد عن 72 مليون دينار، وقد حقق في بداياته نجاحا تجاريا هاما دون اعتبار الحيوية الاقتصادية التي بعثها في الجهة. غير أنه بدأ يواجه متاعب مالية حادة منذ أن انسحب الجزائريون من المشروع وتوقفوا عن شراء المنتوج بالإضافة إلى توقف العراق عن ذلك إثر هجوم الحلفاء عليه. وبعد معاناة طويلة، تم التفويت في جزء من المصنع الكبير مقابل أقل من مليوني دينار أي أقل من ثمن آلتين من آلات المصنع إلى مستثمر لم يستغل منه سوى جزء صغير لرسكلة البطاريات القديمة. يقول لنا شباب من ساقية سيدي يوسف إن تلك الصفقة كانت خاسرة تماما، إذ لم توفر سوى عدد قليل من مواطن الشغل بالإضافة إلى إطلاق مواد شديدة التلوث ناتجة عن تذويب الرصاص في المنطقة الفلاحية. يقول والي الكاف السيد محمد نجيب التليجاني إنه بادر إلى زيارة المعتصمين لسماع مطالبهم والتحاور معهم فأعجب بما رآه لديهم من نظام وانضباط وشعور بالمسؤولية. «من حقهم أن يطالبوا بلفت النظر إلى هذا المصنع الثمين»، يقول لنا مفسرا أنه ظل مندهشا أمام العشرات من الآلات الصناعية الحديثة التي ما يزال بعضها في العلب. أما المعتصمون، فقد كونوا لجنة لاستقباله وقدموا له ملفا جيدا ثم رافقوه داخل المصنع ليطلع على ضياع هذا المشروع الكبير وعلى علامات التلوث. يضيف السيد الوالي: «يجب إنقاذ هذا المصنع المعطل الذي يمكنه تشغيل آلاف الأشخاص، سوف نتحرك مع كل الأطراف لإحيائه واستغلال تلك الآلات الثمينة». وهكذا أمكن فض الاعتصام بوعد أن يتم بحث هذا الموضوع في أقرب الفرص. ومن جهة أخرى، علمنا أن رجل الأعمال الذي يستثمر المصنع حاليا مستعد لإعادته إلى الدولة مقابل استرجاع ما دفعه من تمويل فقط.