«شرائط غسيل» علقت عليها شهائد عليا «شهادة الاستاذية وغيرها... شهادة تتبعها اخرى هذه تعود الى سنة 2003 واخرى الى سنة 2005... سنوات من الدراسة والتعب والشقاء لتصبح حبرا على ورق تتقاذفه الرياح هنا وهناك ولا صدى... شباب القصرين خريجو الجامعات كانت لهم أرض ساحة الشهداء الفراش وسماء القصرين الغطاء، منذ قرابة الاسبوعين انطلق اعتصام حاملي الشهائد العليا ليتحول منذ 30 مارس الى اضراب... اضرابات انهكت الشباب وهتافات توجهت الى اذن صماء... «الشروق» تحولت الى شباب القصرين وكان الوضع كما لو أنه يوم عزاء ورغم ذلك الجمع الغفير من الشباب فقد عم صمت مرير المكان بعد ان انهك الجوع والمرض المعتصمين الذين على ما يبدو لم تتجاوز طلباتهم حتى مدخل القصرين، «استحلفكم بالله ان تصل اصواتنا»، كان هذا نداء شاب بدت على ملامحه الاحزان لكنه فجأة غاب في الزحام... في ساحة الشهداء من شارع الحبيب بورقيبة بولاية القصرين قرر خريجو الجامعات المعطلون عن الشغل منذ سنوات كثر الانتظار فيها حتى ملّهم الانتظار، نصب الشباب خيامهم وأعلنوا اعتصاما مفتوحا ليس لتلبية مطالبهم مطالب التشغيل بعد سنوات بطالة تجاوزت الخمس سنوات بل لطلب انتدابهم باللائحة الوجودية للجمهورية التونسية واعلان ولاية القصرين ولاية من ولايات البلاد، «اننا فقط نريد اثبات نسبنا» هو ما أكده لنا السيد قيس عمري (33 سنة) متحصل على الاستاذية في الجغرافيا منذ 6 سنوات والذي ظهرت عليه ملامح الشقاء والعياء الشديد والارهاق الجلي، خاصة بعد ان تحول الاعتصام الى اضراب جوع منذ أكثر من ثلاثة أيام انهكت قواهم لكن رغم ذلك قرروا الصمود والمواصلة الى حين الاكتراث بوجودهم ليضيف قيس الذي انهكه الصياح لعل أحد المارة يبلغ صوته وأصوات زملائه الى مسؤول ما «منذ 23 مارس ونحن نتكلم وننتظر لعل الحكومة المؤقتة تنتبه إلينا لكن لا صدى يرجى أكثر من 10 أيام من الاعتصام مرت ولا حراك، «ليضيف وقد انهك الهتاف قواه ناهيك عن اضراب الجوع وهو ملقى على ناقلة الاسعاف الطبي «كل سنة اشارك في الكاباس وادفع المعلوم ولا اتحصل على شيء ولا انجح ليس لأني غبي بل لأني لا أملك وساطة ولا مالا»... كان قيس يريد ان يتكلم أكثر ليزيح عنه غمة قد ارهقت قلبه منذ سنوات كانت مع سنوات البطالة لتتدعم مع تجاهل السلط لوجودهم لتصيب قيس فجأة حالة اغماء استوجبت نقله الى المستشفى... انتقلنا الى المستشفى الجهوي بالقصرين حيث التقينا بعض الشباب من المعتصمين كان احمد بوغانمي عمره 29 سنة وهو متحصل على شهادة تقني سام في الاتصالات منذ أربع سنوات كان يلهث كثيرا حتى يتمكن من نطق بعض الكلمات التي قد تريح كاهله ليبلغ صوته لمن قد يهمه أمر القصرين «تنقلت كثيرا بين المدن فالقصرين لا تملك ما يدفعني الى البقاء لا مصانع ولا مؤسسات ولا أمل... لكني بعد جولة طويلة وفاشلة أعود اليها لأني لا أجد نفسي ولا أجد اعترافا بالقصرين على الخريطة التونسية «يصمت قليلا ويضيف» حتى والي القصرين لم نسمع منه عزاء غير كلمة قالها انتظروا 200 دينار اعيلوا بها انفسكم الى أن يأتي البديل وانسحب ليوكل الأمر الى أعوان الجيش لتنظيم مواعيد لقاء الوالي والتي تتراوح بين شهرين وثلاثة ان لم تكن أكثر».