مباشرة بعد الثورة استغلت احدى الشركات العقارية التراجع النسبي للأمن والإدارة بجهة منوبة لتزيح معلما أثريا كان قائما خلف مستشفى الرازي وهو «قصر برج بوعتور» أو «برج الزواري» الذي بناه الوزير الأكبر محمد العزيز بوعتور وزير محمد الصادق باي (1859 1882) وهو واحد مما يناهز الثلاثين قصرا بناها الحسينيون وأفراد حاشياتهم بضاحية منوبة (الضاحية السلطانية). فذات أمسية ووسط ذهول المتساكنين شرعت بعض الجرافات في دك المعلم الذي كان يتوسط منازلهم وعند الاتصال بمن يقوم بالهدم قال انه له رخصة هدم من السلط المحلية والجهوية ورغم ذلك فان المتساكنين احتجوا لدى السلط الأمنية بمنوبة وحرروا عريضة أمضى عليها العشرات وجهوا نسخة منها الى السيد وزير الثقافة والمحافظة على التراث مستنكرين هذا العمل الخطير ورافضين بشدة لهذا التطاول الشنيع على المخزون التراثي لولاية منوبة. هذا وأفادنا بعض الأهالي أنه قد سبق وأن وجهوا عريضة الى السيد وزير الثقافة والمحافظة على التراث مؤرخة في 17 ماي 2006 طالبين فيها حماية هذا المعلم من الإهمال ومزيد النهب لمكوناته الداخلية وحث المعهد الوطني للتراث للاسراع بتصنيف هذا القصر المعلم وحمايته بترميمه وإحيائه ثقافيا حتى يشع الاشعاع الايجابي والجمالي على كامل «حي بن زهر» الذي يتوسطه. كما علمنا أن طالبا في مجال الهندسة المعمارية قد أعد مشروع تخرجه حول قصر برج بوعتور وذلك سنة 2007 تحت اشراف الأستاذ زبير الموحلي وقد جعل الطالب من هذا المعلم مركزا ثقافيا يحتوي مكتبة وفضاء ترفيهيا بأن وضع تصورا مستقبليا للقصر ليس فيه مس بالشكل الأصلي ولا بالمكونات التراثية للمعلم. لكن ما حدث للقصر خلال أيام شهر مارس المنقضي جعل من حلم هذا الطالب هباء منثورا. ان أمل المتساكنين اليوم هو التدخل العاجل من قبل السلط الثقافية لمعاينة الحادث الرهيب وتقييم المسألة وإنقاذ ركام القصر والتفكير مجددا في استغلال الفضاء استغلالا ثقافيا ترفيهيا والحال الآن أن صاحب العقارية عاد بمعدانه الثقيلة لتسوية ما بقي من القصر بالأرض والشروع في رفع الركام الممزوج بالتاريخ والذي تفوح منه ذاكرة المكان الذي كان في يوم ما إقامة ملكية يطيب فيها العيش.