هو شاب تونسي متحصل على الماجستير في التاريخ غير أنه ظلّ وكأغلب أصحاب الشهائد العليا معطّلا عن العمل ينتظر حقّه في التشغيل قبل أن يبادر بتقديم ملفّه قصد بعث مؤسسة لإنجاز خدمات لفائدة شركة قفصة تتعلق بالتشجير وخلق فضاءات بيئية خاصة أنه من المثقفين الذين عانوا الكثير من التلوث في الحوض المنجمي وعلم ببعث خلية الإفراق في هذه المؤسسة التي أصبحت تشجع على الانخراط في منظومتها بعد أحداث جانفي 2008 بالمناطق المنجمية وكان تاريخ تقديمه للملف يوم 27 فيفري 2008 حيث وجد الاهتمام والدعم والموافقة على تمويل مشروعه بما قدره (190 ألف دينار) على أن يتم توجيه الملف الى صندوق توجيه وتنمية المراكز المنجمية الذي خفّض في قيمة تكلفة المشروع من (190) الى (95) ألف دينار مقترحا على الادارة الجهوية للتنمية بقفصة اعادة الدراسة وتخفيض القيمة الى (80) ألف دينار وموافقة بنك التضامن على التمويل مما جعل هذا الشاب يفتح مشروعه في غرة أفريل 2008 على أن يشغّل (40) عاملا تختارهم المعتمدية للقيام ببرنامج عمل تشجير أعدته ادارة الغابات بأم العرائس ليكون بطريق منطقة «البركة» وذلك بغراسة (5600) شجرة في مسافة (7) كلم وبطريق وادي الجمل (غراسة 4000 شجرة في مسافة (9) كلم. هذا الشاب بدأ عمله وكله أمل في توفير لقمة عيشه وضمان تشغيل (40) شابا حيث انطلق في عمليات الحفر والغراسة والسعي بعد اكتراء جرار وشراء المشاتل والأشجار وذلك في ظروف عسيرة جدا لكنه ومع ذلك نجح بفضل ارادته وعزيمته وذلك بشهادة كل الأطراف كما ساهم في القيام بحملات تنظيف وبأنشطة بيئية داخل المؤسسات التربوية فضلا عن تحفيزه للعمال ببعض التشجيعات والمنح. تنكّر وجحود... ولأنه مختص في التاريخ فإنه تعلّم التدوين والتوثيق لحركاته ونشاطاته ولذلك أنجز كتابه حول النشاط البيئي مدعما بالصور وذلك حسب المراحل ومن بدايتها الى نهايتها وكان متوهجا ومنتشيا لكل ذلك خاصة انه مكلف وليس مناولا على الرغم من غياب التقاليد البيئية في الجهة المنجمية قبل اندلاع الثورة التي يؤكد أنه تفاعل معها بشكل كبير واعتقد ان عهد الظلم قد ولى قبل ان يواجه الحقيقة المرة التي اعتبره فيها البعض مناولا وممتصا لدماء العمال شأنه شأن أصحاب شركات المناولة ككل مما عسّر مهمته ووجد نفسه بفعل فاعل على قارعة الطريق عائدا الى نقطة الصفر وربما تحت الصفر باعتباره رسم كل برامجه على التكليف الذي تمتد مدته أربع سنوات دون ان يمر منها أكثر من عامين وتسعة أشهر فقط ودون اعتراف له بمجهوده الذي كان مشكورا ومحمودا. الاقصاء... لماذا؟ هذا المكلّف الذي يؤكد انه ليس مناولا وبقدر تفاعله مع ثورة الكرامة والحرية فقد تم اقصاؤه وحتى إهانته ليتجرع المرارة والمعاناة من أقرب الناس اليه ومن العاملين الذين كان يشجعهم ويتسامح معهم ويساعدهم قبل ان تعصف به كما الشأن لزملائه المكلفين الآخرين حرية الثورة التي استغلها البعض للفوضى والتنكيل به دون ان يجد الحلول الملائمة من احد ليجد نفسه مورطا في القروض على الرغم من ان الاربع سنوات لم تنته والعقد المبرم مازال شاهدا على ذلك. من البطالة... الى الديون؟ وإن كان معطلا عن العمل في الفترة التي سبقت بعث مشروعه كمكلف بمهمة فإن الشاب علي ونيّس لم تكن الديون ولا القروض تلاحقه غير أنه وبعد ذلك واثر اعتقاده ان أبواب الامل قد تم فتحها عاد الى نقطة الاحباط منتظرا الانصاف واحترام ما جاء في العقد المبرم حول تكليفه خاصة أنه يؤمن بالفعل الايجابي والحركة الثابتة والناجعة وما يفيد البلاد والعباد.