ما هي نقائص الديبلوماسية التونسية في عهد الرئيس الفار بن علي؟ وما هي الأخطاء الفكرية والاقتصادية التي ارتكبتها طيلة 23 سنة؟ وهل أن التركيز على الاتحاد الاوروبي في العلاقات الخارجية كان الخيار الأمثل لتونس في عهد المخلوع؟ وأي سياسة يمكن لتونس الانتفاضة أن تنتهجها على المستوى الخارجي لاستعادة سلطتها المعنوية وخاصة التي اكسبتها إياها ثورة الشعب؟ كل هذه الاسئلة طرحت في ندوة نظمتها جمعية الدراسات الدولية مساء أمس الاول وحاول المشاركون فيها مناقشة العديد من الأجوبة. اعتبر الديبلوماسيون الحاضرون في الندوة أن الديبلوماسية التونسية كانت طيلة 23 سنة تفتقد لاستراتيجية واضحة المعالم. كما ارتهنت على مستوى العلاقات مع التكتلات الدولية الى الاتحاد الاوروبي ولم تسعى الى خلق علاقات مع أطراف متعدّدة وكان ذلك السبب في اضعاف الديبلوماسية التونسية وتهميش دور تونس في كل المناسبات الدولية. وعاد بنا المتدخلون الى مواقف الديبلوماسية التونسية في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة وكيف كان الشعب يفخر بمواقف تونس في السياسة الدولية. وأرجع الحاضرون تردّي الديبلوماسية الى نقاط عدّة من بينها رداءة مستوى السفراء والتعتيم الاعلامي الذي كنا نعيشه حيث أشار الاستاذ صالح الحناشي مثلا الى الطرق التي كان يعين من خلالها الديبلوماسيون التونسيون، حيث سعى المخلوع الى اقصاء الكفاءات واغراق الخارجية بالدخلاء الذين خدموا في ما بعد نظام بن علي بدل أن يخدموا تونس. وفي السياق ذاته اعتبر المتدخلون ان السفراء في عهد الرئيس الفار كانوا «محاميي الشيطان»، حيث أجبر حتى الشرفاء منهم على القيام بمجهودات جبارة خدمة للنظام ولصورته في الخارج وعلاقاته ومصالحه أيضا. وأشار الديبلوماسيون الى أن النظام السابق جعل العلاقات الخارجية لبلادنا تنحصر في اتجاه الاتحاد الاوروبي وحده مدللين على ذلك بنسبة المبادلات التجارية التي بلغت 76٪ مع أوروبا وحدها وهو ما يعني الارتهان للأوروبيين وإلغاء بقية الخيارات. وهنا تساءل عدد من الحاضرين عن أسباب عدم التوجه الى «المعسكر الشرقي» فروسيا الاتحادية وحدها تضم 150 مليون نسمة ويريدون إنشاء علاقات سياحية واقتصادية مع تونس ونفس الشيء بالنسبة الي الصين ودول أمريكا اللاتينية أيضا وعلى رأسها البرازيل. وفي إطار الندوة أكد السيد حمدي الزغل أن سياستنا الخارجية يجب أن تأخذ منحى أكثر تناسقا مع مصالح بلادنا، خاصة وأننا نواجه تحديات كبرى على مستوى العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ومنها الانغلاق الأوروبي في مسألة الاسلام والتخوف المبالغ فيه في هذا الصدد. وأشار المتدخلون الى أن تونس أصبحت اليوم تملك سلطة معنوية على مستوى السياسة الخارجية حيث قامت بأول ثورة في القرن ال21 ويجب أن تستغل ذلك في سياستها الخارجية ويجب أن تكون لها رؤية واضحة وصارمة تقوم على مبدإ المساواة مع أيّ كان. وطالب الديبلوماسيون الحاضرون بأن يخضع تعيين السفراء التونسيين في المستقبل الى مقاييس دولية واضحة لنكسب الاحترام الخارجي ولضمان المهنية في عمل ديبلوماسيتنا، ودعوا بذلك الى مراجعة كاملة لتمثيلياتنا في مختلف دول العالم، إضافة الى مراجعة العديد من الأخطاء منها الابتعاد عن بعدنا الافريقي اضافة الى تهميش دورنا المغاربي والعربي والاسلامي أيضا.