10 قتلى ونحو 30 جريحا في احتجاجات مؤيدة للديمقراطية بكينيا    لماذا ألغيت مباراة تحديد المركز الثالث في كأس العالم للأندية 2025؟    طقس الثلاثاء: انخفاض في درجات الحرارة    غدا: عملية جراحية بمستشفى سهلول للمرأة التي أفقدها زوجها عينيها    بعد الرسامة الدنماركية.. فنان فرنسي يتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة إحدى لوحاته    عاجل: بينها تونس: ترامب يفرض رسوماً جمركية باهظة على أكثر من 7 دول بدء من أوت    جهة وتاريخ: «بئر بروطة» بالقيروان... مَعلم مائي تتعدّد حوله الأساطير    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    الجامعة تقرّر .. بطولة الرابطة الأولى تنطلق يوم 9 أوت ومنافسات الرابطة الثانية يوم 20 سبتمبر    تلاحقه العديد من الأحكام.. شفيق الجراية يرفض المثول أمام المحكمة    عماد العيساوي: "النظام السابق لم يسقط... وتونس تعيش أزمة حوكمة وإدارة"    الشراردة .. حادث مرور يخلف مقتل فتاتين و4 جرحى    اختتمت أعمالها في البرازيل : «البريكس» قوّة تنافس الغرب    تونس تتمكن في تجميع 518 الف قنطار من الحبوب الممتازة الى حدود يوم 6 جويلية 2025    دورة الصداقة الدولية الودية للكرة الطائرة: المنتخب التونسي يفوز على نظيره المصري 3-1    مع الشروق : نتنياهو... سفّاح الشرق الأوسط الذي يتغذّى على الحروب    القصرين.. القبض على أحد المعتدين على شخصين بآلة حادة    قرار مفاجئ لمبابي قبل مواجهة باريس سان جيرمان في مونديال الأندية    جندوبة: زيادة ب17.3% في عدد الوافدين الجزائريين عبر المعابر البرية خلال جوان    أولا وأخيرا ... فلفل بر العبيد    مهرجان قرطاج: الكشف عن شعار الدورة ال59 'قرط حدشت'    تنويه بالكفاءات التونسية    عاجل/ من بينها الترفيع في عدد طلبة كليات الطب: وزير التعليم العالي يعلن عن قرارات هامة..    المحسوسة بلغت 50 درجة: أعلى درجات الحرارة المسجّلة في تونس اليوم.. #خبر_عاجل    ماذا في لقاء وزير الخارجية بالمنسقة المقيمة لمنظمة الأمم المتحدة بتونس؟    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    عاجل/ رسميا: واشنطن تُلغي تصنيف "جبهة النصرة" كمنظمة ارهابية    عاجل/ انتخاب رئيسة جديدة لمجلس إدارة "التونيسار"    وزير ينتحر بعد ساعات من إقالته!! #خبر_عاجل    باجة: حريقان بتيبار يأتيان على 5 هكتارات بين مساحات غابية ومزارع قمح    عاجل/ الحوثيون يستهدفون سفينة في البحر الأحمر    رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم: تونس تعيش عجزا طاقيا حادّا    عاجل/ بلاغ هام من معهد الرصد الجوي بخصوص الحرارة وال"تسونامي"    التمويل المقدم من البنوك لمرفق النقل في تونس لا يتجاوز 3.1 بالمائة من إجمالي قروضها (بيانات مالية)    وسام إمبراطوري ياباني يضيء مسيرة طبيب تونسي بارز في قلب إفريقيا    كيت ميدلتون: "الأصعب يبدأ بعد العلاج"… الأميرة تتحدث عن تحديات مرحلة التعافي من السرطان    مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يستقبل ثاني رحلة عودة لابناء تونس المقيمين بالخارج    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب بولاية منوبة يومي 8 و9 جويلية    الهلال السعودي يحسم صفقة لاعب أي سي ميلان ثيو هيرنانديز    عاجل: هذا النادي العربي يدخل في سباق التعاقد مع ليونيل ميسي    الندوة الصحفية لمهرجان جمال: "مرتضى" في الافتتاح وأمينة فاخت في الإختتام    قبلي: تواصل مراقبة الوضع الصحي للواحات وعدم تسجيل بؤر مقلقة للاصابة بعنكبوت الغبار    بدنك شايح وناقص ''hydratation''؟ راو خطر صامت رد بالك    رد بالك من البحر نهار الثلاثاء والخميس! عامر بحبّة يحذّر من اضطرابات جوية مفاجئة    طوابع بريدية جديدة تُكرّم محميات تونس الطبيعية    كي تخدم الكليماتيزور في 16 درجة: تعرفش قداه تستهلك ضوء؟    بطولة ويمبلدون للتنس - ألكاراز يتأهل لربع النهائي    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    فيبالك.. الي البطيخ في الصيف يولي دواء    من غير كليماتيزور ولا مروحة : الطريقة هاذي باش تخليك تبرد دارك،ب0 مليم!    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني" في الدورة 59 لمهرجان الحمّامات الدولي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    









حتى نعيد الاعتبار للديبلوماسية التونسية (1)
نشر في الشروق يوم 09 - 04 - 2011

يعيش التونسيون يوميا على وقع الثورة ويتطلعون دون خوف أو توجس الى تحقيق طموحاتهم المشروعة في العيش الكريم والمشاركة الفعلية في تسيير شؤون بلادهم والقطع نهائيا مع ممارسات الاقصاء والوصاية.
ولا يستثني ذلك الديبلوماسيين الذين عاشوا أسوأ فترات حياتهم المهنية خلال السنوات الماضية حيث ذاقوا مرارة التهميش وعاينوا انحسار الدور الديبلوماسي وتقلصه في كافة المنابر الاقليمية والدولية.
ولم يكن ذلك ناتجا عن عجز أو قسور لدى أبناء وبنات المهنة التي عرفت في وقت سابق اشعاعا كبيرا كان له أفضل الأثر على مصالح بلادنا السياسية والاقتصادية بل كان حصيلة ممارسات فوقية عمدت لترويج شائعات ماكرة للنيل من سمعة الديبلوماسيين الذين قالوا عنهم إنهم يفتقرون الى الحس السياسي وأنهم غير وطنيين بما فيه الكفاية وأنهم ماديون يريدون فقط الانتفاع من مناصبهم. وقد مهّد ذلك لازاحة أصحاب المهنة وتعويضهم على رأس مراكزنا الديبلوماسية والقنصلية بشخصيات تونسية من مختلف الانتماءات الحزبية والبرلمانية والجمعياتية وغيرها، قاسمها المشترك في ذلك عدم الالمام بمهنة الديبلوماسية التي ككل مهنة أخرى تتطلب التدريب الطويل والممارسة الفعلية والتمرس في فنون هذا الاختصاص. وقد عاب علينا بعض شركائنا الأوروبيين في بعض المناسبات لجوء المسؤولين السابقين المفرط الى التعيينات خارج الاطار الديبلوماسي.
وما كنا لنثير هذا الموضوع لولا استئثار الوافدين علينا من خارج الوزارة بنسبة من التعيينات تفوق ستين في المائة من المواقع الشاغرة وهو ما أثار حفيظة العديد من زملائنا الذين أطلقوا العنان لنقد هذه الممارسات والاحتجاج عليها علنا. وحتى لا نظهر للرأي العام بمظهر السلك الذي يمارس الاقصاء بدوره، يجدر التذكير بأن الأغلبية الساحقة من دول العالم تعتمد قاعدة تعيين أصحاب الاختصاص لتمثيلها في الخارج ولا يشمل الاستثناء سوى خمسة أو عشرة في المائة من المراكز الشاغرة التي يمكن لرئيس الدولة أن يعين فيها من يراه صالحا.
وإن الظرف التاريخي الجديد الذي تعيشه بلادنا يحتم علينا العمل بما هو سائر واعتماد التقاليد الديبلوماسية العريقة التي ثبتت جدواها ودرجت عليها كافة دول العالم. كذلك يحتم علينا واقعنا اليوم نبذ الممارسات المستهجنة التي تتوخى تهميش وتحقير مخزوننا الديبلوماسي الذي يزخر بالكفاءات ويتحفز لاعادة الاشعاع لديبلوماسيتنا التي كانت لها جولات وجولات في المحافل الدولية.
لقد تداول على وزارة الشؤون الخارجية منذ الاستقلال اثنان وعشرون وزيرا بدءا بالزعيم الحبيب بورقيبة وبعده الصادق المقدم والمنجي سليم والحبيب بورقيبة الابن. وقد عايشت شخصيا فترة تولي تسعة عشر وزيرا، بدءا بالحبيب بورقيبة الابن الذي أوشك على نهاية مهمته على رأس وزارتنا حين التحقت بها في مارس 1970 مرورا بمحمد المصمودي والحبيب الشطي والباجي قائد السبسي ومحمود المستيري والحبيب بولعراس والحبيب بن يحيى وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم وكشاهد على تلك الفترة، يؤسفني أن ألاحظ أن دبلوماسيتنا الناجزة برجالاتها ومبادراتها على مدى ثلاثة عقود ونصف بعد الاستقلال حيث كان لها صوت مؤثر وأسلوب مميز في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجموعة السبعة وسبعين وفي افريقيا والعالم العربي وأروبا وغيرها من مناطق العالم، قد تردت في السنين الأخيرة في أوضاع شلّت حركتها وحولتها الى جهاز هجين ومغيّب تتقاذفه الولاءات للأشخاص لا للمصلحة العليا للوطن.
إن الديبلوماسية هي الآلية الأساسية التي يتم من خلالها انجاز خيارات السياسة الخارجية للبلاد وكما يكون القائمون عليها يكون التنفيذ، فإن عهد بالأداء الديبلوماسي الى سفراء وقناصلة متمكنين من اختصاصهم كانت الرسالة واضحة جلية لا تشوبها شائبة ومطابقة لروح الخيارات التي تم اعتمادها وإن عهد بها إلى من لا خبرة له فسيكون النتاج حتما رديئا ومشوّها.
وإذا كان رحم الثورة هو الوعاء الذي تنبثق منه خيارات السياسة الخارجية التونسية فلا بد أن يكون الأداء الديبلوماسي في مستوى طموحات ثورتنا التي فاجأت العالم بتلقائيتها ونقاوة أهدافها.
فكيف نرد الاعتبار لديبلوماسيتنا في هذه المرحلة التاريخية الحساسة؟
قبل كل شيء القطع مع ممارسات السنوات الماضية والاعتراف بالدور الذي لعبته ديبلوماسيتنا في المحافل الدولية لسنوات طويلة كانت فيه العديد من الدول الشقيقة والصديقة تحذو حذونا في صياغة مواقفها إزاء القضايا المطروحة ولعلّ سياستنا حول القضية الفلسطينية والشرق الأوسط والتعاون الأورومتوسطي والتنمية المستديمة ووضع المرأة خير دليل على ذلك لشجاعة تلك المواقف وواقعيتها.
تجديد الثقة في أصحاب المهنة الذين همّشوا طويلا والعمل بمقولة «خلّي الخبز لخبّازو» والعمل بقاعدة الانتداب من ضمن الديبلوماسيين لتعيين السفراء والقناصلة واللجوء الى الاستثناء في حالات قليلة فقط.
اطلاق حرية الأداء الديبلوماسي في اطار الخيارات المحددة وعدم تكبيل المهنة بضرورة الرجوع في كل كبيرة وصغيرة الى مصدر القرار حيث يحسب للديبلوماسية المتطورة والناجزة سرعة التحرك وأخذ المبادرة والقدرة على الاستشراف واصطياد الفرص التي تمكن بلادنا من الاشعاع والتميّز.
تفعيل دور المعهد الديبلوماسي وتعزيزه بالكفاءات للقيام بالدراسات والتحاليل التي تنير السبيل للتخطيط والاستشراف وهو ما دأبت البلدان المتقدمة على القيام به خدمة لمصالحها الآنية والآجلة.
فهل توظف بلادنا الكفاءات الديبلوماسية المتقاعدة للمساهمة في هذا المجهود الوطني الضروري؟
تعيين مستشارين ديبلوماسيين طبقا لما ينص عليه مرسوم 1984 المنظم لوزارة الشؤون الخارجية والذين تم اختيارهم من ضمن الوزراء المفوضين خارج الرتبة ممّن باشروا مهمة سفير، حي يساهموا بخبرتهم في تقديم المشورة لوزير الخارجية، مع العلم أن تعيين المكلفين بمهمة في ديوان الوزير لا يخضع لنفس شروط الأقدمية والرتبة.
تكريم بعض السفراء ممن أدّوا خدمات جليلة لبلادهم بمنحهم صفة سفير تونس مدى الحياة.
أما على الصعيد الديبلوماسي فإن الحاجة أصبحت ملّحة لتعيين سفرائنا الجدد بالبلدان الشقيقة والصديقة، حيث سيكون لهم دور فاعل في التعريف بثورة 14 جانفي وبخياراتها وأهدافها. وإن بلغ صدى الثورة التونسية بعد كافة أرجاء العالم منذ قيامها، فإن مهمة ديبلوماسيتنا في الخارج تهدف أساسا الى توظيف ذلك الحدث العظيم وما أثاره من اعجاب لدى الرأي العام الدولي لخدمة مصالح تونس السياسية والاقتصادية وخاصة منها جلب الاستثمار وتسويق منتوجاتنا وخدماتنا وفتح آفاق جديدة لتموقع بلادنا على الصعيد الدولي.
بقلم: محمد اليسير
(سفير رئيس الوفد التونسي
في مفاوضات «الشريك المتقدم»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.