تناولت الصحف الأمريكية الرئيسية الاعتراف المتأخر لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بتجاوز عدد القتلى من جنود احتلالها في العراق الألف قتيل يوم أمس الأول، من بينهم 148 قتلوا منذ النقل الشكلي للسلطة في بغداد إلى حكومة عراقية مؤقتة في 28 جوان الماضي. وتؤكد تقارير عديدة بأن البنتاغون قد تعمد إخفاء الأعداد الحقيقية للقتلى والجرحى الأمريكيين في العراق في وقت تشهد فيه البلاد حملة انتخابات رئاسية يسعى فيها الرئيس بوش إلى الفوز بولاية ثانية. ويقول خبراء عسكريون أن نسبة القتلى إلى الجرحى في صفوف القوات الأمريكية في المعركة تصل إلى قتيل مقابل كل أربعة جرحى، وقد اعترف البنتاغون أن عدد الجرحى تجاوز سبعة آلاف. وقال الرائد طبيب في الجيش الأمريكي في بغداد، ريتشارد غوليك أن عدد القتلى الأمريكيين في العراق بلغ في شهر أوت الماضي أكثر من 65 قتيلا فيما زاد عدد الجرحى عن الألف، وأن ثلث القتلى والجرحى الأمريكيين في ذلك الشهر سقطوا في محافظة الأنبار لوحدها حيث تتواجد قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز). وقد اعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن رقم الألف هو إشارة مخيفة إلى مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق الذي يشهد تصاعدا في وتيرة المقاومة العراقية التي تحصد مزيدا من جنود الاحتلال. وقد أظهرت الإحصائيات الأمريكية أنه بينما كان عدد هجمات المقاومة التي تتعرض لها قوات الاحتلال الأمريكي قد بلغت 500 في شهر أفريل الماضي فإنها بلغت في شهر أوت الماضي 2500 هجوم. كما تظهر إحصائيات البنتاغون أن 85 بالمائة من القتلى الأمريكيين سقطوا بعد إعلان بوش في الأول من ماي 2003 الماضي عن وقف العمليات العسكرية الرئيسية في العراق وإعلان انتصار الولاياتالمتحدة في العراق. وتقول واشنطن بوست أن اتساع رقعة المواجهات يعكس قوة المقاومة العراقية التي تضع تحديا أكبر على قوات الاحتلال خلال الأشهر القليلة المقبلة التي تسبق الانتخابات العراقية المقررة في شهر جانفي من العام المقبل، وهو ما كان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قد أشار إلى إمكانية عدم عقدها في الموعد المقرر سابقا بسبب اتساع أعمال المقاومة وفقدان حالة الاستقرار في العراق. وقد اعترف البنتاغون في بيان له يوم الثلاثاء بفقدان السيطرة على عدد من المدن العراقية الرئيسية مثل الرمادي وسامراء والفلوجة وبعقوبة التي تسيطر فيها قوات المقاومة. وقال الخبير في شؤون حرب العصابات في الكلية الحربية التابعة للجيش الأمريكي بواشنطن، ستيفن ميتز أنه «لا يوجد حتى الآن أي من الخبراء الأكثر تفاؤلا من يتنبأ بإمكانية إنهاء هجمات الثوار في غضون أشهر من الآن»، مضيفا ان «الوضع الراهن قد يستمر لوقت طويل جدا.» ونقلت الصحيفة عن المؤرخ الأمريكي المختص في الحرب العالمية الثانية وفيتنام، العقيد المتقاعد كارلو دي إيستي أنه «لا يوجد هناك ضوء في نهاية النفق، كما لم تقدم حكومة بوش استراتيجية مخرج قابلة للحياة، حيث بدونها فإن الحرب ستستمر إلى أجل غير مسمى.» وقد اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز ارتفاع عدد القتلى الأمريكيين واشتداد حدة عمليات المقاومة العراقية مؤشرا إلى أن بقاء قوات الاحتلال الأمريكي في العراق سيطول.