أعرب مسؤولون عسكريون أمريكيون عن اعتقادهم بوجود تنسيق بين مجموعات المقاومة العراقية أدى إلى زيادة الهجمات التي يتعرض لها جنود ومواقع قوات الاحتلال الأمريكي وحلفاؤه في العراق، وزيادة قدرة المقاومة على تثبيت سيطرتها على مزيد من المناطق في البلاد. وذكرت تقارير أن مسؤولي الحكومة العراقية المؤقتة يشاطرون الأمريكيين قلقهم من أن هجمات المقاومة التي شهدتها العاصمة العراقية، بغداد الأسبوع الماضي ربما كانت جزئيا نتيجة لدعم متزايد لرجال المقاومة في العاصمة والاتصال المتنامي مع مجموعات الثوار النشطة في الريف شمالي بغداد. ويرى خبراء ومحللون عسكريون أن هجمات بغداد الأسبوع الماضي التي أظهرت قدرة الثوار على التحرك بحرية، تعتبر الأكثر ثباتا وهي تشكل أكبر نجاح يحققه رجال المقاومة في إعاقة قوات الاحتلال الأمريكي في الوصول إلى أجزاء من بغداد خلافا للجيب الذي يسيطر عليه أنصار مقتدى الصدر في مدينة الثورة في بغداد. ويعتقد محللون أن ما يؤكد رأيهم هو أن الغارات الجوية المتزايدة التي تشنها طائرات الاحتلال الأمريكي على الفلوجة وبعقوبة والقائم وتلعفر والرمادي التي يقول القادة العسكريون الأمريكيون أنها مراكز عمليات لشن هجمات إلى الغرب من بغداد وداخلها. وقال المسؤول بوزارة داخلية الحكومة المؤقتة صباح خادم «إن الثوار لم يعودوا يعملون في جيوب معزولة خاصة بهم، إنهم على اتصالات جديدة وتعاون جيد.» احتمالات وقد أثار استمرار وثبات المقاومة العراقية شكوكا جديدة حول مدى فعالية الحكومة العراقية المؤقتة في إجراء الانتخابات المقررة في مطلع العام المقبل. وتساءل مسؤولون أمريكيون ما إذا كانت قوات الاحتلال وحكومة علاوي تستطيع إعادة السيطرة على معاقل الثوار في الوقت المناسب، حيث أن الفشل في تحقيق ذلك يمكن أن يحول دون إجراء الانتخابات أو تقويض نتائجها. ويعتبر قرار حكومة الرئيس جورج بوش استخدام 3.5 مليار دولار من الأموال المخصصة لإعادة إعمار العراق لدعم جهود الأمن الأمريكية في العراق بمثابة اعتراف صريح بحقائق الاحتلال البشعة، وأن الوضع الأمني يزداد سوءا بسرعة وأنه بدون مزيد من قوات الجيش والشرطة المحلية فإن جهود الإعمار لا يمكن أن تستمر. وقال العضو الديمقراطي البارز في لجنة الاعتمادات بمجلس النواب الأمريكي ديفيد أوبي إنه متشكك بأن يؤدي نقل هذه الأموال من الإعمار إلى الأمن إلى اي مساعدة وأضاف «أعتقد أنه يطلب من الكونغرس وضع ضماد على جرح نازف.» أما الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي ريتشارد لوغار فقد قال «لقد استمعت لجنتنا بصورة عمياء وبدون تمحيص إلى أناس متفائلين من الحكومة قبل الحرب وإلى أناس من خارج الحكومة وهو ما أدعوه «الجمهور الراقص في الشوارع»، بأننا ببساطة سيتم الترحيب بنا بالأحضان، ولكن كل هذا الهراء أصبح واضحا الآن والافتقار إلى التخطيط واضح». وقال العضو الجمهوري في اللجنة تشاك هاغل «إنه لأمر يتجاوز المواقف المخزية والمحرجة وأنه أصبح الموقف الآن في منطقة الخطر» مشيرا إلى الأرقام التي تظهر فقط أن ستة بالمائة من أموال الإعمار التي أقرها الكونغرس العام الماضي قد أنفقت. وقد أدت النقاشات الدائرة بين المسؤولين العسكريين الأمريكيين في العراق وواشنطن حول أفضل السبل للرد على المقاومة العراقية المتنامية إلى خلاف واضح، فالقادة العسكريون في العراق ومعهم مسؤولو حكومة علاوي يقولون أنه لن يكون هناك أي تقدم في غربي العراق حيث يحرز الثوار السيطرة على العديد من المدن ما لم يتم استعادة الفلوجة، ولكن هناك خلاف عميق حول كيفية تحقيق ذلك بسرعة. ويشعر مسؤولون في حكومة علاوي أن أسلوب حكومة بوش البطيء قد يكون محاولة لتخفيض الإصابات في صفوف قوات الاحتلال قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى في الثاني من نوفمبر المقبل. غير أن مسؤولين أمريكيين يقولون أن الاهتمامات السياسية لا تلعب دورا في صنع قراراتهم. وللدلالة على مدى قوة وسيطرة الثوار العراقيين في العديد من مناطق بغداد أشارت صحف أمريكية إلى أن محافظ الأنبار الحالي الذي تولى منصبه بعد استقالة سلفه طلب من ضباط المارينز الأمريكيين بعدم زيارته في مكتبه خشية أن يظهر بمظهر المرتبط بهم إلى درجة كبيرة. فخ عراقي ويقول محللون أن تنامي المقاومة العراقية قد يفشل الخطط الأمريكية الخاصة بالعراق وأن أفضل ما يمكن توقعه الآن هو استمرار «الفوضى» التي لا تصل إلى حرب أهلية. وقال جيفري وايت، المحلل السابق بوكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية «إن مجمل الفرص... هي مستقبل سياسي يتسم بالعنف» ويعترف مسؤولون أمريكيون أن المقاومة تزداد ضراوة متنبئين بمزيد من العنف مع اقتراب موعد انتخابات العراق في شهر يناير المقبل. وأعرب وايت عن اعتقاده بأن هناك أكثر من 100 ألف عراقي من العرب السنة منهمكين في أعمال المقاومة، بما في ذلك المقاتلون والمراسلون والأشخاص الذين يقدمون الأعمال اللوجستية والسكن ومساعدات أخرى. ويقول خبراء أمريكيون في مكافحة رجال حرب العصابات أن حكومة بوش وقعت على ما يبدو في فخ وقع فيه الكثير من المحتلين الأجانب خلال العقود الماضية، فوجود عدد قليل من القوات يسمح للثوار بالنمو والتقدم ووجود عدد كبير جدا يسبب رد فعل شعبي معاد ويزيد من دعم المواطنين العاديين للثوار. وقال ستيفن ميتز من الكلية الحربية التابعة للجيش الأمريكي «إن هذا هو التناقض الكلاسيكي في مكافحة المقاومة، فكسب الشعب على المدى الطويل له أهميته وقد تضطر إلى تجاوز ذلك على المدى القصير لسحق الثورة والآن فإننا نحاول أن نقرر ما إذا كنا قد وصلنا إلى تلك المرحلة. ففي فيتنام انتظرنا طويلا جدا وعندما اتخذنا ذلك القرار عام 1970 كان الوقت متأخرا جدا.» أما العقيد الأمريكي المتقاعد الذي يعمل محاضرا في الشؤون الدولية بجامعة بوسطن، أندرو باكيفيش فقال «النتيجة النهائية في هذه اللحظة هو أننا نخسر الحرب، لكن هذا لا يعني أننا خسرناها، ولكن نحن نخسرها، وأنا كمراقب أعتقد أنه من الصعب بالنسبة لي أن أرى أن القيادة المدنية أو العسكرية لديها أي فكرة معقولة في تدبر ذلك.»