يسود القلق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إزاء ارتفاع خسائر قوات احتلالها في العراق وسط تزايد التوقعات بأن العمليات العسكرية للمقاومة العراقية يمكن أن تستمر لعدة سنوات وهو ما سيعمل على زيادة أعداد القتلى في صفوف قوات الاحتلال إلى آلاف الجنود. وتشهد التقارير التي تتناول حجم الخسائر الأمريكية البشرية في العراق تضاربا ففي الوقت الذي ذكر فيه تقرير للبنتاغون أشارت إليه صحيفة بوسطن غلوب يوم الاثنين بأن الخسائر بلغت حتى يوم الجمعة الماضي أكثر من 10 آلاف جريح ومقتل 900 آخرين منذ غزو القوات الأمريكية للعراق في شهر مارس من العام الماضي فإن مجلة تايم الأمريكية كانت ذكرت في تقرير نشرته في عددها ليوم السادس من أكتوبر 2003 بأن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين في العراق منذ الأول من ماي 2003 الذي أعلن فيه بوش عن انتصاره في العراق وحتى نهاية شهر أوت من العام الماضي بلغ 1170 قتيلا. ويشكك العديد من الخبراء والمحللين العسكريين الأمريكيين في صحة تقارير البنتاغون حول الخسائر في العراق في ضوء ما تقول أن نسبة الخسائر في العراق تقدر بستة جرحى لكل قتيل في الحرب، وطبقا لذلك فإن خبراء ومحللين عسكريين يقدرون بأن نحو 30 ألف جندي أمريكي قد أعيدوا من العراق وأفغانستان كنتيجة لجروح في عمليات عسكرية أو أحداث أو أمراض. وتقول مصادر أمريكية أنه منذ إعلان بوش عن انتصاره في الأول من ماي 2003 وطيلة أكثر من عام فإن طائرات النقل العسكرية الضخمة ما تزال تصل إلى قاعدة أندروز الجوية أسبوعيا محملة بجنود أمريكيين جرحى، دونما تغطية إعلامية، ومن بين ال 30 ألف الذين نقلوا جوا من العراق وأفغانستان عددا غير معروف مصابون بجروح خطيرة، وما من أحد يعرف أو على الأقل قادر على أن يعرف كم منهم ما زال موجودا في مرافق وزارة شؤون المحاربين القدماء التي تعاني من تمويل متدن في كافة أنحاء الولاياتالمتحدة وربما في الخارج في الوقت الذي لا تقدم فيه حسابات عامة عن من يطلق عليهم «القتلى الأحياء» وهم الذين يعانون من عجز كلي من جراء إصاباتهم الخطيرة، مثل التلف الدماغي وفقدان الأطراف والشلل الكامل، وهؤلاء كما تقول تقارير أمريكية موجودون ومخفيون في مستشفيات الوزارة البالغ عددها 163 مستشفى و 135 من بيوت الرعاية بالمرضى و 43 بيوت إقامة و 73 بيتا لبرامج الرعاية المنزلية الشاملة. وبينما يقول تقرير تحليلي وضعته البنتاغون مؤخرا بأن قوات الاحتلال تكبدت منذ تسليم السلطة إلى حكومة عراقية مؤقتة معينة ما معدله قتيلان في اليوم وهو ما تعتبره أعلى نسبة خسارة منذ بدء عملية غزو العراق قبل 15 شهرا حيث قتل حتى يوم السبت 36 جنديا أمريكيا في شهر جويلية الجاري مقارنة مع 42 قتلوا في شهر جوان الماضي، فإن العقيد سكوت دي روس من قيادة النقل التابعة للجيش الأمريكي ذكر بأنه منذ عيد الميلاد الماضي فإن مؤسسته نقلت 3255 جريحا أصيبوا في معارك و 18717 جريحا خارج المعارك أو ما مجموعه 21972 جنديا. ويؤكد التقرير التحليلي للبنتاغون أن الخسائر في صفوف قوات الاحتلال في العراق مرشحة للزيادة بفعل الزيادة المتوقعة في عمليات المقاومة العراقية حيث يقول التقرير أن قوة تحمل واستمرار الثوار العراقيين قد تكون طويلة الأمد وطالما أن الأموال والإمدادات تدخل إلى العراق، فإنهم سيكونون قادرين على الاستمرار في هجماتهم. وتظهر عمليات المقاومة العراقية في شهر جويلية الجاري الذي يعتبر دمويا بالنسبة للقوات الأمريكية، دلائل بأن الثوار يقومون بتصويب تكتيكاتهم وأنهم أخذوا بزمام بعض المبادرات من قوات الاحتلال. ونقلت صحيفة بوسطن غلوب عن القائد الأمريكي السابق لقوات حلف الناتو أثناء حرب البوسنة جورج جولوان قوله «سنشهد المزيد من الإصابات والثوار يستخدمون بعض التكتيكات المعقدة جدا وبخاصة استهداف الأمريكيين. إنك تشهد عدوا لديه معرفة وتقديرات أكثر تعقيدا، إنهم يظهرون تنسيقا ويتبعون استراتيجية فعالة.» ويقول مسؤولون عسكريون أمريكيون أن الهجمات المستمرة على قوات الاحتلال الأمريكية تظهر القوة المستمرة والمرونة المتزايدة للمقاومة التي يعتقد أنها تتكون من عناصر في حزب البعث ومعارضين للغزو الأمريكي أظهروا مؤخرا قدرة أكبر على قطع طرق إمداد أمريكية وعلى إجبار الأمريكيين على تغيير تكتيكاتهم. ويعترف هؤلاء المسؤولون في مجالسهم الخاصة بأن قوات المقاومة العراقية قد تصل الى 20 ألف مقاتل. ويقول تقرير البنتاغون التحليلي بأنه «على الرغم من أن البعض منهم لديهم غايات مختلفة إلا أنهم جميعا يشتركون في الهدف المشترك بطرد التحالف.» ويؤكد جولوان «إن ما يحدث هنا (في العراق) هو أننا نجد عددا متزايدا من الثوار، وقد أصبحوا أكثر تنظيما وأكثر توجها قياديا.»