أعلنت النيابة العامة في مصر أمس انها استمعت الى أقوال عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة السابق، ونائب رئيس الجمهورية السابق في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة في الوقائع المنسوبة الى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك إبان ثورة 25 جانفي وسط مخاوف من أن تستغرق محاكمة مبارك وقتا طويلا يمكّنه من النجاة ولو بالوفاة. وأوضح المتحدث باسم النيابة المصرية ان الاستماع الى سليمان كان بشأن المعلومات التي توفّرت لجهاز المخابرات العامة عن أحداث ثورة 25 جانفي سواء تعلّقت تلك المعلومات بفترة ما قبل الثورة او خلالها، وكذلك بشأن وقائع قتل المتظاهرين المشاركين في المظاهرات السلمية وثروات الرئيس السابق وأسرته. ولم يتضمن بيان النيابة العامة اية تفاصيل أخرى بشأن الاستماع الى أقوال سليمان الذي عُيّن نائبا للرئيس السابق لفترة وجيزة بعد اندلاع المظاهرات العارمة التي أدّت الى إسقاط مبارك. وأشار المتحدث الى أنه حرصا على التحقيقات ولعدم اكتمالها حتى الآن سترجئ النيابة العامة الاعلان عن تفاصيلها الى حين الانتهاء من التحقيقات. في الأثناء أبدى محللون مخاوفهم من أن يعرف الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك نفس مصير الرئيس الاندونيسي الأسبق سوهارتو الذي توفي بعد 10 أعوام من احتجاجات حاشدة أطاحت بحكمه عام 1998، لكنه لم يقدّم للمحاكمة. وقال المحللون ان «التأخير كثيرا في تقديم مبارك للمحاكمة ربما يؤدي الى عودة المظاهرات الحاشدة والفوضى التي أطاحت به يوم 11 فيفري الماضي». وتراجعت الاحتجاجات الى حد بعيد لكن الحياة الطبيعية لم تعد بعد في بلد له دور محوري في استقرار الشرق الاوسط. وقال ايلايجا زروان المحلل بمكتب المجموعة الدولية لمواجهة الازمات في مصر «أوضح المجلس العسكري بجلاء منذ البداية أنه يريد أن يتقاعد مبارك بكرامة وربما يستمر هذا الامر طويلا مثل ما حدث مع سوهارتو». وأضاف «تتنازعهم (أعضاء المجلس العسكري) الرغبة في الحفاظ على الاستقرار وشعورهم بالواجب نحو قائد أعلى يحظى بالاحترام. العسكريون يمانعون كثيرا في تقديمه للمحاكمة وربما يستمر ذلك وقتا طويلا جدا». وأوجه الشبه بين مبارك وسوهارتو الذي توفي عن 86 عاما تثير الدهشة. فكلاهما جاء من الجيش وحكم 30 عاما بقبضة من حديد وأجرى إصلاحات لتحرير الاقتصاد أدت الى رواج اقتصادي استفاد منه البعض ثم أطاح به من السلطة شعب محروم سئم الحكم الاستبدادي. وذكر محامون أن إعداد قضية ضد مبارك ربما يستغرق شهورا وأن صدور حكم عليه ربما يستغرق أعواما. وقال سمير صبري المحامي ان محاكمة بتهم الكسب غير المشروع والتربح وسوء استغلال السلطة قد تستغرق 20 عاما إضافة الى وجود اتهامات أخرى مضيفا أنها عملية طويلة الأمد. وذكر محمد عبد الله خليل المحامي والناشط في مجال حقوق الانسان أنه كلما طال الوقت قبل تقديم مبارك للمحاكمة زاد نفاد صبر المصريين من المجلس العسكري وحكومة تصريف الاعمال التي عينها. وقال إن مبارك اختار البقاء في مصر وهذا يعني أنه يخضع لقانون البلد لكن الادعاء والجيش يماطلان مضيفا أنه كلما طال الوقت كلما زاد احتمال عودة المصريين الى الشارع للمطالبة بالعدالة. لكن محللين يقولون ان الاستعجال في المحاكمة سيثير تساؤلات بخصوص نزاهتها وان أي حكم يصدر عن تلك المحاكمة ربما يؤدي الى استقطاب المجتمع.