حين كان الطرابلسية يعبثون بتاريخ تونس وبآثارها... كنا جميعنا نعرف.. حين أغرق الطرابلسية الأسواق بالبضائع الصينية وفتكوا بالاقتصاد.. وأغرقوا الشوارع بالمخدّرات كلنا كنّا نعرف.. حين تم ادخال البضائع المخلّة بالصحة والمسرطنة واللعب الاسرائيلية كلنا كنا نعرف، وكنت نشرت مقالا على أعمدة «الشروق» فيه التفاصيل مدعّمة بالصور بتاريخ 20 أفريل 2009 وكانت النتيجة ان قامت وزارة التجارة بحملة سريعة لحجز هذه اللعب المتمثلة في طائرات بالونات تابعة لشركة العال الاسرائيلية للطيران.. ولولا المحجوز الذي نمتلكه لواجهنا تهمة الترويج لأخبار زائفة.. حين استحوذ صخر الماطري على دار الصباح.. كلنا كنا نعرف... ومنها أسس الزيتونة والبنك... واستولى على مكتب في كل مركز بريد ليصبح فرعا للزيتونة.. يومها كنا كلنا شهود عيان... حين استولى آل بن علي على الأراضي وعلى العقارات وعلى المطاعم... وأفزعوا رجال الأعمال... كلنا كنّا نعرف التفاصيل.. حين حدث التعذيب وحدثت الانتهاكات والتجاوزات... كلنا كنا نعرف.. حين استولت العائلة المافيوزية على الإعلام بالإذاعات الخاصة والصحف.. كلنا كنا نعرف.. بل تجاوز الأمر من باعوا ضمائرهم للتهليل بامبراطور الاعلام الجديد. حين امتدت شبكات المافيا لتستولي على قطاع الديوانة ومعاقبة كل من تخوّل له نفسه العمل بشرف.. كنا نتابع ونشاهد.. جميعنا دون استثناء.. كنا نعرف كنا نراهم.. كنا نراقبهم.. من منازل حي البراطل... مرورا ببلدية حلق الوادي الى تقسيمات الاراضي التابعة للدولة الى إجبار أعوان الأمن على القيام بأعمال الحراسة المستمرة للصوص الى متاجرتهم في كل شيء من التعليم الى أخلاقنا وحريتنا وأنفاسنا.. واليوم وحين انتفض الشعب... وأوقع بعصابة آل بن علي والطرابلسية... اختفت الجرائم.. وصارت مقاضاتهم مرتبطة بجنح خفيفة او جرائم شخصية لا علاقة لها بالشعب التونسي وما عاناه منهم اليوم صرنا كلنا عميانا متفاجئين من هول الصدمة؟ فهل يعقل هذا؟ وصرنا نلقي باللوم على جهاز دون غيره.. لنعترف بالحقيقة ولو كانت مرّة. كلنا كنا نعلم.. كلنا كنا شركاء في الصمت.. لذلك علينا ان لا نعيد كتابة تاريخ أخطائنا مرة أخرى... كلنا نعرف ما حدث بين ديسمبر وجانفي .. كلنا نعرف ان لهذه الحقيقة وجوها عدة... لذلك دعنا لا نكون شركاء في الصمت من جديد فالتاريخ لا يرحم شهود الزور.