في ظل غياب المراقبة المستمرة للتلوث بجميع أشكاله لا يتوانى بعضهم في خرق القوانين المعمول بها خاصة تلك التي تهم قطاع الفلاحة والصيد البحري الذي يقتات منه الآلاف من متساكني الجهة فالزياتين اكتسحتها السباخ والبحر بدت عليه علامات التصحّر. «الملاحة» التي تعرف ب«الكوتيزال» بجرجيس تمكنت خلال سنة 2010 من تصدير 755 ألف طن من الملح الى أسواق البلدان الأوروبية وتعتمد في نشاطها المتمثل في انتاج مادة الملح باستغلال مياه البحر وأحد أنواع المواد الكيمياوية التي تؤدي مباشرة الى القضاء على مصادر غذائية قيمة ك (الاسماك) والتي تصل آثارها الى الانسان لكونه يشكل قمة السلسلة الغذائية وبهذا الكون مياه البحر المستغلة تأتي من ثلاث قنوات الأولى والثانية على مستوى المركب الرياضي وهما غير مهيأتين (عدم وجود عازل حديدي لمنع الأسماك من المرور عبرها) والثالثة وهي أكبر قنال بمنطقة لمسة على مستوى النقطة الكيلومترية رقم 10 في اتجاه بنقردان وهي مهيأة وأثناء عملية المد البحري تتجه الأسماك غربا عبر تلك القنوات لتصل الى الفضاء المعد لعملية التكرير فتصاب بالتسمم وتفقد توازنها لتلفظ أنفاسها قبل محاولة العودة فهذه الكائنات البحرية تعتمد في استمرارية حياتها على الأكسجين المذاب في الماء الا ان الأكسجين بات ملوّثا بالمواد السامة وبالرغم من احتجاجات البحارة وباقي الفلاحين المالكين لأراض فلاحية مشجرة زياتين هذه الاراضي متاخمة للشركة المعنية تضررت زياتينها وزحفت عليها السباخ و«باتت مهددة بالانقراض، فتشكيات العاملين في القطاع الفلاحي بصنفيه البري والبحري كانت قبل الثورة وبعدها وتم عرض الملف على أنظار عديد السلط المحلية منها والجهوية وطالبوها بضرورة التدخل والعمل على إيجاد حلول ملائمة لهذا الوضع ومتابعته من أجل حماية البيئة والمحافظة على الموارد البيئية (كما عرض المتضررون مشكلهم عبر إذاعة تطاوين) وطالبوا برد المسؤول على هذه التجاوزات في حق البيئة البحرية الا انه لم يستجب، وكحل لاستمرارية نشاط الشركة باعتبارها تشغل العشرات من شباب الجهة طالبوا المستثمر بوضع واقيات للقنوات الثلاث من جهة البحر حتى تمنع مرور الكائنات البحرية في اتجاه الشركة الا ان المقترح قوبل باللامبالاة وفي ظل غياب المؤسسات المعنية مثل وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي ومركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة والوكالة الوطنية لحماية المحيط يعتقد المتضررون بأنها لم ترفع عيّنات من افرازات المؤسسة المعنية وحتى ان رفعت فإنها لم تتابع نتائج التحاليل وبالتالي لم تعاين ولم تسجل المخالفات المرتكبة في حق البيئة وفي حق العاملين بقطاع الصيد البحري والفلاحة البرية وواصلت هذه الشركة وغيرها خرق القوانين المعمول بها وحسب رأي بعضهم في جهات أخرى ركّزت المصانع لاستيعاب المعطلين عن العمل وفي هذه الحالة ما عسى الدولة ان تفعل أمام تصحّر البحر وكيف سيكون مصير هؤلاء الذين يقتاتون من البحر ومن غابات زياتينهم؟