أثناء تصفّحي للموقع المذكور أعلاه، لفت نظري عمود صغير في حجمه.. خطير في متنه، يحمل عنوانا بالانقليزية المختصرة STGP مفاده بالعربية «مشروع غاز الجنوب التونسي». ويبدو من المعلومات الموجودة فيه والمنشورة منذ مدّة، أن المشروع يتمثل في مدّ قنوات لنقل الغاز المصاحب للبترول والغاز الطبيعي الموجود في بعض الحقول وربطه بمحطة لمعالجته وتهيئته للاستغلال في أوجه عدّة. والمحطة تقع، وفقا لما خطّط له، في منطقة قابس على بعد 320 كلم من نقطة تجميعه وضخّه. كما يتمثل في بناء محطة للضغط في مركز الثقل على الخط الناقل للغاز بين الصحراء وقابس. وتشير المعلومات أيضا الى أنه قد تمّ الانتهاء من دراسة الجوانب العملية أو ما يُعرَف بجدوى المشروع وآفاقه منذ 2009 وأن قرار الاستثمار النهائي قد اتّخذ منذ أوائل 2010 وأن المشروع سيدخل حيّز الانتاج في الثلاثية الأولى من 2012. ولسائل أن يسأل: ما هي النقطة التي بلّغها الآن مشروع غاز الجنوب على صعيد الدراسة أو الإعداد أو التنفيذ؟ وما هي التغييرات التي أدخلت عليه بعد الثورة؟ أم أن دار لقمان على حالها وحليمة دائما تلعب لعبتها القديمة؟ أم أنهم سيعيدون إنتاج المأساة نفسها في كل ما يتعلق بمشاريع النفط والغاز بصحراء تطاوين وهي عدم انتفاع الجهة بها وعدم تمتيعها بأي امتياز يُراعي أولويتها باعتباره الجهة التي تعطي هذه الثروة الخام من ناحية، والجهة التي حُرمت من كل تنمية حقيقية أو تشغيلية ذات بال؟ وللسائل أن يسأل أيضا: من يُشرف على هذا المشروع الاستراتيجي لبلادنا هل هي شركة تونسية وطنية تونسية لحما ودما أم تراها شركة أجنبية لا همّ لها إلا تحقيق مصالحها الضيقة في الربح السريع غير عابئة بالحاجيات التنموية؟ ألا يمكن اختصار هذه المسافة المقدّرة ب320 كلم عندما نحوّل مسلكية الأنبوب ووجهته من قابس حيث المنطقة الصناعية المكتظّة والرازحة تحت مشاكل صناعية وبيئية من كل الأنواع والأحجام، الى جرجيس حيث الميناء المستغلّ بنسب ضئيلة والمهيّأ تماما لاستيعاب مثل هذا النشاط الصناعي؟ ألا يمكن لهذا الخطّ الجديد لو يُكتب له التغيير أن يفتح آفاقا واعدة لولايتي تطاوين ومدنين في نطاق رؤية جديدة للتنمية الجهوية العادلة ولتسهيل تزويد الولايتين بالغاز الطبيعي الذي سيعطي للاستثمارات بمختلف أنواعها دفعا قويا جدا؟ ألا يضع المخططون لهذا المشروع في تقديراتهم الامكانات المتاحة للشراكة والتعاون مع القطر الليبي الشقيق حيث تنتشر وعلى طول الخط البديل للخط الحالي حقول للنفط والغاز في إمكان أشقائنا الليبيين الاستفادة منه في حال فكّروا في التصدير ليفيدوا هم ونستفيد نحن بعائدات كم يحتاج إليها اقتصاد بلادنا ومستقبل أولادنا؟ ألا يوجد مكان صغير للجنوب الشرقي في قلوب القائمين على هذا المشروع فيفكرون في الحركية الاقتصادية التي سيضمنها المشروع وفقا للصيغة التي اقترحناها وفي حلّ معضلة التشغيل في هذه الربوع على مدى سنوات إنجاز الخط واستغلاله؟