أعلنت أول أمس الدكتورة ألفة يوسف استقالتها من إدارة المكتبة الوطنية وهذا نص الاستقالة الذي أرسلته إلى السيد عز الدين باش شاوش وزير الثقافة: «تحية وبعد فإننا منذ تسلمنا الإدارة العامة لدار الكتب في نوفمبر 2009 حاولنا أن نقوم بعملنا وفق ما تقتضيه القوانين والأعراف والأخلاق. وتصدينا والوثائق شاهدة لبعض مظاهر الفساد الإداري والمالي التي لاحظناها والتي بلغت ذروتها بسقوط سقف دار الكتب الوطنية مما لم يفتح فيه تحقيق إلى الآن رغم إلحاحنا. وقد حاولنا تجويد الخدمات المقدمة إلى القراء بما يشهد به جلهم وحاولنا تطوير الأنشطة الثقافية في دار الكتب إلخ.. وليس هذا إلا واجبنا بلا أي مزية. وبعد ثورة 14 جانفي واصلنا العمل وفق المبادئ نفسها، ولم يحصل في المؤسسة إشكالات تذكر. غير أنه منذ مدة بدأ التسّيب الإداري ينخر المؤسسة نتيجة لسوء فهم البعض لمفاهيم الثورة وعدم إيمانهم بقيمة العمل وخلطهم بين الحرية والفوضى وانعدام المسؤولية. وقد حاولنا الاتصال بالسيد الوزير منذ تسميته أي منذ أكثر من شهرين دون جدوى. وطلبنا من الوزارة تسمية عون إداري مختص في شؤون الموظفين والعمال وكان ذلك بموافقة وزارة الثقافة والوزارة الأولى، غير أن بعض عمّال دار الكتب الوطنية وموظفيها احتجّوا على هذه التسمية بتواطؤ من الاتحاد العام التونسي للشغل ممثلا في نقابة عمال دار الكتب الوطنية بل إنهم أقاموا اجتماعا مضمونه استفتاء العمال للنظر في مدى قبولهم للإطار المذكور. وقد رفض جلّ العمال الإطار بلا أي حجة ولا بيّنة سوى أنه سيكون رادعا لهم عن التسيّب بأساليب إدارية وقانونية. واتصلت النقابة بالسيد الوزير الذي ادّعى عدم علمه بتسمية الموظف المذكور أي أنه ادّعى عدم علمه بقرار أمضى عليه رئيس ديوانه. وطلب الوزير من العمال عدم قبول الإطار المعني بالأمر. وإننا إزاء هذا الوضع الغريب الذي يحوّل فيه الوزير القرار الإداري بين أيدي العمال والموظفين وبعض النقابيين، نعلن رفضنا المبدئي لمواصلة العمل في إدارة لا تتمتّع باستقلالها ولا تحاسب وفق القوانين وإنما وفق أهواء الأفراد ومصالحهم الضيّقة، ونعلن رفضنا المبدئي للعمل في مؤسسة أصبح العمال فيها يمتنعون عن العمل كما اتفق، وحجتهم أن الوزير قد سمح لهم بذلك، حتى إن بعضهم يهدّد بحرق مغازات الكتب وآخرين يصرّون على إغلاق دار الكتب على الساعة السابعة مساء عوض الساعة الثامنة مما كان معمول به في المؤسسة. وإننا إزاء مسؤوليتنا أمام القراء وإزاء الذاكرة الوطنية وإزاء ضميرنا، وبعد تحويل السيد وزير الثقافة للقرار من الإدارة إلى النقابة وبعض العمال بما لا يخضع للقوانين بل للأهواء، وإزاء عجز وزارة الثقافة عن ارجاع هيبة مؤسساتها نطلب من السيد وزير الثقافة قبول استقالتنا من الإدارة العامة لدار الكتب الوطنية. إن تونس عزيزة علينا ويزعجنا ما نراه من تلاعب البعض من العمال ومن بعض المنتمين إلى الاتحاد العام التونسي للشغل بمصالح المواطنين من أجل خدمة أجندات فردية وضيقة، ويزعجنا أن تصبح الدولة في هذه المرحلة الانتقالية عاجزة عن ارجاع هيبتها بل متواطئة في بعض الأحيان. وإننا نظل في خدمة هذه البلاد العزيزة من أي موقع كان راجين مرور هذه المرحلة الانتقالية لبلادنا بسلام».