الآن تأكدت أن الديمقراطية ليست معدية لا باللّمس ولا بالهمس ولا حتى بالبوس... والدليل أن الساسة العرب علموا الساسة الغربيين فن البوس... في المطار عند الاستقبال وفي المطار عند التوديع... حتى «الأخت» أولبرايت وهي على ما يبدو امرأة مارست هذه الطقوس العربية بدون حرج... ثم من بعدها جء كولن باول الجنرال الذي قاد حرب الخليج ولم يشذ عن القاعدة.. حتى ان نظرية «بوس بوس» تحولت مع سياسة التهديد التي تمارسها الادارة الأمريكية الحالية إلى نظرية «بوس بوش» لتنو بجلدك وتعبّر عن انصياعك لشروط «السلوك الحميدة»... فتنال ملاحظة تلميذ نجيب «واصل» والمقصود هنا متعدد المعاني.. واصل حرق البخور للحصول على بركاتنا أو واصل زرع الفتنة في الحفلات التنكرية التي تقيمها الجامعة العربية بعد فوات الأوان أو واصل حيث أنت... لا بأس عليك... ولو كان البوس يحلّ القضايا الشائكة لحل قضية فلسطين حيث «البوس عامل مسد» منذ اتفاقيات بوسلو عفوا منذ اتفاقيات أوسلو. والغريب هو ان الاخوة في السودان كانوا آخر ضحايا «البسبسة» مع الأمريكان. دخلت أمريكا على الخط في الصراع العبثي بين الشمال والجنوب. خلاف يستهدف «سلة الغلال» العربية وهي سلّة زاد وزنها وثمنها بإضافة الثروات النفطية والمعدنية. وجاء باول محمّلا بالقبل والوعود.. نظرة فموعد فلقاء فبوس غطى كلّ شاشات الفضائيات... وكان السودانيون فرحين جدا جدا.. مع ان باول جاء ليقوم بعملية فصل لا لتوأمين وإنما لجسد واحد.. ومع ذلك فرح السودانيون... هم يعرفون أن باول لا يتذوّق «الممبو السوداني» ومع ذلك هللوا... وبعد أن أمضوا وثيقة «الخلع» البطيء تبيّن المستور... ما إن عاد باول إلى عش الأفاعي في واشنطن حتى نزل قرار تمديد العقوبات على السودان... ولأني أحب «الممبو السوداني» فإن هذا القرار لم يفاجئني لأن التحركات الأمريكية تخضع بالأساس إلى أجندة اسرائيلية... فالسودان قبلت بكل البنود الموجعة والمؤذية إلا البند المتعلق بأمن اسرائيل وهذا وحده كاف ليجعل الماء غير صالح للوضوء... ولا ينفع بعد ذلك السجود والركوع.