سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإصلاح التربوي لسنة 1991بين النصّ الرسمي والنّصّ الغائب (5): ما أُسقط من الحساب بين السيّد الهادي خليل وزير التربية الأسبق والأستاذ حمادي بن جاء بالله
خامسا- بيت القصيد: ثقب في الذكرة. 1- تؤكّد المداولات أنّ جدلا واسعا كان في الهوية ومقتضياتها الوطنية والعربية والإسلامية. والنقاش في هذه الشؤون في مستوى الوزارة والرئاسة وداخل مجلس النواب انطلاقا من التقارير نفسها، كان واقعا تحت تأثير حوافّ أخرى على صلة بتوتر تصاعديّ للوضع العام بالبلاد على الصعيد السياسي والأمني اشتدّ انطلاقا من ربيع سنة 1991 وبالتزامن مع المداولات في مشروع الإصلاح. ومن الواضح أن لا الهوية كانت متضمّنة في المشروع، ولا المجانية والإجبارية كانتا على النحو المرسوم الذي كُتِب به القانون على الناس. 2- إنّ إثارة السيد الهادي خليل تخفي من الملفّ أكثر مما تقول. وأمّا ردّ الأستاذ حمادي بن جاء بالله فكان على مقدار الصداقة لكنّه دون الأمانة. شهد الأستاذ حمادي بن جاء بالله باطلاعه على «وثائق إدارية وبيداغوجية» مكنته منها الوزارة في نطاق الإعداد للإصلاح دون أن يجد مشروعا جاهزا، ولا شبه مشروع. لكنّ الأستاذ المرحوم محمد الشرفي شهد في المذكرات (3) بالاطلاع على آلاف الصفحات والتقارير، وشهد بوجود مشروع قدّر أنه «قليل الوجاهة»، وأنّ المشروع قرّر من قبل توليه الوزارة، وأنه لم يكن بوسعه إلاّ أن يؤجّل التنفيذ. ولا شكّ في أنّ اطلاع السيد الوزير على ملفّ التعليم وقضاياه فيما يتعلق بالمدرسة الأساسية وما يتجاوزها من برامج الإصلاح، هو أوسع من التصريح ومن الردّ. ولا شكّ في أن العلم بالتاريخ من السيد الوزير ومن الأستاذ بن جاء بالله أدقّ. 3- إنّ الذاكرة الوطنية على هذا النحو لا تكون على التمام. ومن الواضح أنّ فجوة هامة فيها ينبغي ترميمها. حكاية التعليم هذه كانت دوما قاصمة الظهر، واذكر في الحكاية قصّة التعريب. وإنما القصّة في التعريب كانت دوما سياسية متبوعة بالديبلوماسية لا فقط أمر لغة عربية أو فرنسية. كان الوزير المرحوم محمد مزالي قد سمع عند إقالته سنة 1986 من الزعيم بورقيبة قوله:«يا سي محمّد عرّبْت ياسر التعليم. قلت لك لا تعرّب.» (4) وشهد الوزير محمّد الصياح شهادة(5) ، وفي الشهادة ذكر السيد الهادي خليل، وأشار إلى أنّ التفكير في «قانون توجيهي للنظام التربوي» كان انطلق منذ توليه مقاليد وزارة التربية في 16 ماي 1986، وأنّ ذلك التفكير كان بالاشتراك مع ثلّة فيهم له من «أصدقائه خاصّة»: الدكتورعبد العزيز غشّام، ومحمد الشرفي، وبشير التكاري. وحسب الشهادة فإنّ الاصلاح الذي كان من بعد، كان على ذلك النحو. وأضاف السيد محمد الصياح في الشهادة أن الزعيم بورقيبة كلّمه في التعريب وأحدث له من عمل المرحوم محمد مزالي ذكرا مُشينا. كذا كان الحكم، وعليه كان العمل. إنّ متحف التربية بالبلاد لا يحسن فعلا عندما يعود مباشرة من سنة 1991 إلى سنة 1958 دون تبصّر، إذ لا يكون من ذلك حسن حفظ لحقوق الناس من الأحياء والأموات، ولا تكون من ذلك الأمانة في الترسيم. وعلى قدر الأمانة تكون الشهادة. المراجع: (1)- حمادي بن جاء بالله: الإصلاح التربوي وملحمة القيم التونسية، ضمن كتاب: 7 نوفمبر الثورة الهادئة. تونس، 1992، ص 355. (2) - مداولات مجلس النواب- عدد 37- جلسة 24 جويلية 1991. (3) - Mohamed Charfi : mon combat pour les lumières, Zellige, 2009, p. 215. (4) - محمد مزالي، نصيبي من الحقيقة، القاهرة، 2007، ص.23. (5) - M.Camau,V.Geisser : Habib Bourguiba: la trace et l'héritage, Karthala, 2004, p. 643. بالقلم :الحبيب عيّاد. (أستاذ باحث. كلية الآداب، منّوبة)