تونس تبني مركزًا لطبّ القلب في خدمة إفريقيا...    الحوثيون يغرقون سفينة "ماجيك سيز" في البحر الأحمر    داخل سيارته.. انتحار وزير روسي بعد ساعات من إقالته    عاجل/ رسميا: واشنطن تُلغي تصنيف "جبهة النصرة" كمنظمة ارهابية    هكذا ستكون درجات الحرارة هذه الليلة    الشوايحية/الشراردة: وفاة أمرأتين وإصابة اربعة اخرين في حادث مرور    رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم: تونس تعيش عجزا طاقيا حادّا    باجة: حريقان بتيبار يأتيان على 5 هكتارات بين مساحات غابية ومزارع قمح    الهلال السعودي يحسم صفقة لاعب أي سي ميلان الإيطالي    عاجل/ بلاغ هام من معهد الرصد الجوي بخصوص الحرارة وال"تسونامي"    التمويل المقدم من البنوك لمرفق النقل في تونس لا يتجاوز 3.1 بالمائة من إجمالي قروضها (بيانات مالية)    القصرين: عملية ''براكاج'' دموية وتحرك أمني عاجل للإيقاع بالجناة    عاجل : 7 أيام لإزالة المعدات غير القانونية من الأرصفة في سوسة!    النائب فاطمة المسدي تقدم استقالتها من لجنة الحقوق والحرّيات "لتعطل النّظر في مقترح قانون الجمعيات"    عاجل/ في قضية تدليس: جرّاية يرفض المثول أمام المحكمة    كيت ميدلتون: "الأصعب يبدأ بعد العلاج"… الأميرة تتحدث عن تحديات مرحلة التعافي من السرطان    مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يستقبل ثاني رحلة عودة لابناء تونس المقيمين بالخارج    وزير الاقتصاد والتخطيط: التعاون الفني يطرح تحديات تتعلّق بتحقيق المعادلة بين الطلب الخارجي وحاجة تونس    هاو علاش عقد الكراء يلزم يكون مكتوب باستشارة محامي!    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب بولاية منوبة يومي 8 و9 جويلية    النادي الإفريقي: غدا إنطلاق تربص عين دراهم.. و29 لاعبا في الموعد    الندوة الصحفية لمهرجان جمال: "مرتضى" في الافتتاح وأمينة فاخت في الإختتام    تسجيل 65 بين حالة ومحاولة انتحار خلال النصف الاول من سنة 2025    الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف عن مواعيد المسابقات الوطنية للموسم الرياضي 2025-2026    "إشاعات تحاصر الشواطىء".. ومعهد الرصد الجوي يطمئن    هجوم برتغالي على رونالدو لتخلفه عن جنازة جوتا وهذا هو سر غيابه    قبلي: تواصل مراقبة الوضع الصحي للواحات وعدم تسجيل بؤر مقلقة للاصابة بعنكبوت الغبار    تنديد عربي وفلسطيني باعتقال مدير مكتب قناة الميادين في فلسطين المحتلة    بدنك شايح وناقص ''hydratation''؟ راو خطر صامت رد بالك    طوابع بريدية جديدة تُكرّم محميات تونس الطبيعية    رد بالك من البحر نهار الثلاثاء والخميس! عامر بحبّة يحذّر من اضطرابات جوية مفاجئة    جريمة مروعة/ اكتشف علاقتهما فقاما بقتله: امرأة تنهي حياة زوجها بمساعدة عشيقها..    قبل أسبوع فقط على زواجه: وفاة عون حرس في حادثة مؤلمة..!    جندوبة: مندوبية التنمية الفلاحيّة تتفاعل مع الشروق أون لاين    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل"الشروق أون لاين": برنامج خصوصي للمراقبة وكافّة المواد الأساسية متوفّرة    لمواجهة الحرّ: 2 مليون ''كليماتيزور'' في تونس    بطولة ويمبلدون للتنس - ألكاراز يتأهل لربع النهائي    كي تخدم الكليماتيزور في 16 درجة: تعرفش قداه تستهلك ضوء؟    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    فيبالك.. الي البطيخ في الصيف يولي دواء    من غير كليماتيزور ولا مروحة : الطريقة هاذي باش تخليك تبرد دارك،ب0 مليم!    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    كاس العالم للاندية : مبابي لم يلحق ببعثة ريال مدريد إلى ميامي بسبب اختبار المنشطات    البطولة العربية لكرة السلة للسيدات: المنتخب الوطني يبلغ النهائي    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات "تكساس هيل كنتري" إلى 82 قتيلاً    الفنانة نبيلة عبيد تستغيث بوزير الثقافة المصري: 'أودي تاريخي فين؟'    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    غابت عنها البرمجة الصيفية ...تلفزاتنا خارج الخدمة    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني"    عادل إمام يتوسط عائلته في صورة نادرة بعد غياب طويل بمناسبة عقد قران حفيده    نوردو ... رحلة فنان لم يفقد البوصلة    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    بالمرصاد : لنعوّض رجم الشيطان برجم خونة الوطن    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح التربوي لسنة 1991 بين النصّ الرسمي والنّصّ الغائب (1): ما أُسقِط من الحساب بين السيّد الهادي خليل وزير التربية الأسبق والأستاذ حمادي بن جاء بالله
نشر في الشروق يوم 02 - 05 - 2011

بقلم :الحبيب عيّاد. (أستاذ باحث. كلية الآداب، منّوبة.)
نشرت جريدة الشروق بتاريخ 19 مارس 2011 تصريحا للسيد الهادي خليل وزير التربية من 11 أفريل 1988 إلى 11أفريل 1989 وعضو مجلس النواب سابقا. عنوانه: «هكذا خطط نظام بن علي للقضاء على مجانية وإجبارية التعليم». والواضح من التصريح هو الكشف عن مخبوء يتعلّق بشأن من شؤون وطنية عديدة كانت، قبل ثورة 14 جانفي، في موضع التّدبير للتغيير على نحو. والكشف في التّصريح المذكور يطال، مبدئيا، صاحب التّدبير الذي تمّ تعيينه بالاسم والصّفة، فيمكننا، بوجه ما، أن نرى في التّصريح دعوى من جهة على جهة في موضوع: المدّعي هو السيد الهادي خليل بصفتيه سالفتي الذكر ( وزير تربية سابق، عضو بمجلس النواب)- المدّعى عليه:» نظام بن عليّ» - الموضوع في التّفصيل هو التّخطيط للقضاء على مجانية التعليم والإجبارية واحترام الهوية العربية الإسلامية.
وأوردت الجريدة، في حلقتين، يومي 4 و5 أفريل 2011، ردّا على هذا التصريح. ما يلفت الانتباه أن يكون الرّدّ على التّصريح من جهة الأستاذ حمادي بن جاء بالله الذي لم يُذكر باسم أو صفة في أصل «الدعوى» المفهومة من مقال السيّد الوزير الهادي خليل. وإنما وجَد الأستاذ حمادي بن جاء بالله لنفسه متعلّقا من القول. ورأى من الدّواعي وفيها خاصّة أنه كان المقرّر العام للجنة العليا للإصلاح التربوي في عهد الوزير الأستاذ المرحوم محمد الشرفي ( 1989- 1991) الذي تقلّد بعد السيد الهادي خليل، ما حمله على أن يكون في الموقع الذي اختاره، رغم ما في هذا الرّدّ من تجشّم مشقّة وجدها في نفسه من ادّعاء أن يكون مصوّبا معقّبا على السّيد الهادي خليل، قصد إصلاح بعض ما نُسِب إليه من القول، وهو له «الأخ العزيز». وقد اعترف الأستاذ بن جاء بالله للوزير محمد خليل بما كان له عليه من الفضل في سابق العهد وأعرب عمّا يكنّه له من المحبّة ومعاني التقدير، حتّى كان هذا الرّدّ «أخويا». لكنه بيّن أنّ الميزان عنده رجّح على هذه الأخوّة، أخوّة الأستاذ المرحوم محمّد الشرفي، وتلك أخوّة أخرى وزيادة عليها جعلتها أقوى في الدّهر، قال:» ما إن التقيت به حتى وجدت فيه الصديق والأخ والمناضل الذي لم يفرّق بيني وبينه إلاّ الموت.»
ولعلّ الأرجح من هذه الأخوّة وتلك وسواها عند صاحب الرّدّ وعند الناس جميعا أمر من بعد الناس من الأحياء والأموات، هو الذي نراه من التّمسك بالتّذكير بما كان لحفظ الحقوق وصيانة المدنية صونا. وأَحْسِنْ بذلك من قول الأستاذ بن جاء بالله إذ قال إنه رأى أن يتدخّل في الموضوع:» تذكيرا للأحياء، وحفظا لحقّ الأموات، وصونا لقيم الجمهورية». فانطلاقا من هذه الأركان نفسها نرى للقول في التّصريح والرّد ما هو به حقيق وجدير، لا على معنى بخصوصه من صفة الناس والعلاقات، بل على سبيل التحرّي في الفهم وعلى صفة التاريخ والتبصّر منه، فيما يتجاوز النّاس ما كانوا. أوّلا- في النّصّ الغائب: إنّ المقابلة بين تصريح السيد الهادي خليل والردّ عليه تضع القارئ أمام مفارقة عجيب شأنها. فهنا وهناك يتعلّق الكلام بقانون الإصلاح التربوي الشهير لسنة 1991 . لكنّ التّصريح في واد، والرّدّ عليه في واد آخر: - إنّ التّصريح يتحدّث تحديدا عن «مشروع القانون» الذي نظر فيه مجلس النواب، فيكشف الوزير أنّ إخلالا كان في ذلك المشروع بالمبادئ الثلاثة ( المجانية، الإجبارية، الهوية العربية الإسلامية) التي قامت عليها المنظومة التربوية و»انطلقت منذ الاستقلال مع نظام بورقيبة».
- أما الأستاذ بن جاء بالله فينفي أن يكون تمّ إخلال بتلك المبادئ، لكنّ هذا النّفي كان بالاعتماد على النّصّ الرسمي لا بالاعتماد على مشروع هذا النّصّ. بل يمضي الرّدّ إلى بيان أنّ قانون 91 كان أشدّ وضوحا وأبين إقرارا للمبادئ الثلاثة التي قام عليها النّظام التربوي منذ الاستقلال وذلك بالاعتماد على مقارنة بين قانون التعليم لسنة 1958 وقانون 91. وإنما انصراف الأستاذ إلى هذه المقارنة غير المطلوبة أصلا، مبنيّ على استغلال لما في التّصريح من عدم دقّة في نسبة الإقرار بمبدأ الهوية العربية الإسلامية إلى قانون 58، وعلى عدم اعتبار للمصاحب من قول الوزير وللسياق في تأكيد رسوخ المبادئ الثلاثة قواما للمنظومة التربوية منذ الاستقلال بالنظر إلى قانون 58 لكن دون اقتصار من الإحالة على هذا القانون ولا وقوف على تاريخه، لا سيما والوزير ينتهي من وصف حال التربية وإصلاحها إلى آخر عهده بالوزارة سنة 1988.
والواقع أن لا خلاف بين الوزير والأستاذ في أنّ قانون 91، على ما تمّ إقراره، ليس مخلاّ بالمبادئ الثلاثة وقد شاركا معا كلّ من جهته وعلى قدر ما كان له من دور في إقراره. شارك الوزير في الأمر باعتبار ما كان له من علم بالوزارة قبل أن يعقبه فيها الأستاذ الشرفي ثمّ باعتبار رئاسته للجنة التربية والثقافة والإعلام والشباب بمجلس النواب. وشارك الأستاذ في الأمر من خلال تكليفه من قبل الشرفي وزيرا، بمسؤولية المقرّر العام للجنة العليا للإصلاح التربوي العاملة من تحتها لجان قطاعية ومختصّة شتّى (1)، ومن خلال تحميله من الوزير ب»أمانة صياغة قانون 91 من أوّله إلى آخره»، فضلا عن مشاركته عن الوزارة «بحضور كافة المداولات... سواء في مستوى اللجنة البرلمانية المختصّة...أو تحت قبّة البرلمان.» وإذ لا خلاف بين الوزير والأستاذ في قانون 91، فلا اعتبار إذن لردّ الأستاذ على التصريح من جهة المفاضلة بين قانون 91 وقانون 58 باعتبارها كلاما في غير ذات الموضوع، فضلا عن كون المستخلص من هذه المفاضلة ذاتها في المجانية وفي الإجبارية لا يستقيم له عند التدقيق في القانونين. وإنما الكلام هو في «النّصّ الغائب» ما كان؟ وإنما من ذلك «النّص الغائب»التحقيق في صحّة دعوى الوزير في أنّ إخلالا بتلك المبادئ كان أو إنه ما كان. فهل إلى العلم بذلك النّصّ من سبيل؟
- تحتفظ مداولات مجلس النواب(2) في شأن هذا القانون بالإخبار. إجمالا يمكن التذكير بأنّ النّصّ في تطوّره من المشروع إلى القانون مرّ بمرحلتين أساسيتين:- أوّلا: ما كان قبل جلسة يوم 24 جويلية 1991 ويتعلق الأمر في هذه المرحلة بتدارس المشروع في إطار عمل اللجنة البرلمانية، وضمن ذلك حوار اللجنة مع الحكومة ممثلة في وزارة التربية والعلوم. وثانيا- ما كان في الجلسة العامة يوم 24 جويلية. وانطلاقا من الأسئلة والاقتراحات والأجوبة عليها من الحكومة والتعديلات في المرحلة الأولى، ثمّ ما كان في الجلسة العامة من النقاش العامّ والتصويت يمكن للناظر أن يقف على كشف أساسي في «مشروع القانون» المقترح من الوزارة وذلك في النقاط الأساسية المتعلقة بمجانية التعليم والإجبارية والهوية. ولا بدّ من التنبيه إلى أنّ حقائق الأمور في النّصوص القانونية ليست في المستوى العام من الإقرارات، بل هي دوما في التفاصيل والحدود والشروط المرافقة. ولهذا فلا بدّ من التدقيق واعتبار ما كان من الملابسات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.