نشهد منذ ايام مسلسلا أمريكيا في اخراج هوليوودي بامتياز.الرئيس الامريكي يتولى بنفسه الاعلان عن المطلوب رقم واحد عالميا زعيم القاعدة أسامة بن لادن ...صورة له وهو قتيل ..الاعلان عن القاء الجثمان في بحر العرب والحجة انه لم يقبل دفنه في ارضه وكأنما امريكا لا تملك مترين مربعين في اية صحراء في العالم لمواراته الثرى ..عدم نشر صورة القتيل كاملة فهي «مشوهة بشكل مثير» كما زعم ومن قبله قضت امريكا اياما لتعيد جثتي عدي وقصي صدام حسين كما كانتا باستخدام الشمع..اسامة قاوم واتخذ من احدى زوجاته درعا ..لا..بن لادن لم يكن مسلحا ..كان الامرللقوة ان يقتل لا ان يعتقل هكذا قالت واشنطن (؟) ومن تابع سيرة الرجل قرأ انه امر حراسه بألا يتركوه حيا اذا ما احاط به اعداؤه ..الى آخر ما سمعنا وما زلنا نسمع ...واثار الرجل او الراحل من الحديث واسال من الحبر اكثر مما أثير وأسيل وهو حي «مجاهدا» و«ارهابيا» وملاحقا. ولد اسامة وفي فمه ملعقة ذهب فهو وحيد امه وهي من اصل سوري وهو من عائلة واسعة الثراء كبيرة النفوذ في السعودية..ورث عن والده محمد عشرات الملايين من الدولارات واعدّ نفسه علميا ليواصل ادارة مقاولات ابيه الذي قتل في حادثة سقوط هيليكوبتر لكن شاءت له الاقدار ان يسير في طريق آخر..فعندما تخرج سنة 1979 كانت جحافل القوات الشيوعية السوفييتية تجتاح ارض الاسلام الافغانية فتحول نظره الى هناك : جهاد الكفار واجب شرعي وفرض عين ..فقرر ان ينفق من ماله ثم من نفسه ما يعين على الجهاد واصبح «بطلا» لدى بني جلدته من السعوديين و«مجاهدا» لدى الامريكيين الذين امدوه بالسلاح ليقاتل اعداءهم الروس وفتحت له الباكستان ارضها جبالا ومدنا ووديانا وقدم النظام المصري السابق عبره ما يؤكد خدمة القاهرة لهذه الدول..وفي سنة 84 اعانته واشنطن على اقامة جمعية دعوية اطلق عليها (مركز الخدمات) وفتحت له اسلام اباد ثكنة تدريب سماها ( معسكر الفاروق) والتف حوله مسلمون عرب وعجم حملوا همومه والتصقوا باهدافه ..وتكاثر المتطوعون فانشأ لضبط هوياتهم قاعدة بيانات base de données هي التي تحولت الى تنظيم (القاعدة) ...عاد الى بلده «بطلا» بعدما اندحر الروس في افغانستان ليشاء القدر ان يقدم صدام حسين على غزو الكويت فاستعد مع رجاله في «القاعدة» لمقاتلة «الفئة التي تبغي» لكن بوش الاب انزل قواته في الارض السعودية فثار ضد وجود صليبيين في ارض الحرمين ..بل اقدم على تفجير مقراتهم في الخبر..واصبح مطلوبا فهرب الى السودان ولوحق هناك وسحبت منه جنسيته السعودية فعاد الى افغانستان في وقت كانت فيه حركة طالبان التي يلتقي معها في الفكر السلفي الوهابي تجتاح المدن والولايات وتبسط نفوذها على معظم الارض الافغانية ..والتحق به عام 98 زعيم تنظيم الجهاد المصري المتطرف أيمن الظواهري..وأصبح اسامة والقاعدة نصيرا لطالبان.. ومعها اشترك في محاربة (الصهاينة والصليبيين) وانتشرت دعوته لتشد اليها كل من يحمل في صدره عداء للغطرسة الامريكية والعدوان ..الى ان كانت احداث سبتمبر 2001 في امريكا وبقية القصة معروف ..احتلال لافغانستان ثم غزو للعراق ومن قبل ذلك تدخل عسكري في الصومال ..وعلى مدى اكثر من عقد من الزمان تواجهت القاعدة مع امريكا ومن والاها ومع الروس ايضا ومع الهند في اكثر من مكان في العالم واعلنت تنظيمات عدة انضمامها للقاعدة ولم يكن بن لادن اساسا وراء ذلك ..في جنوب شرق اسيا ..في القوقاز..في شمال افريقيا والعراق علاوة عن وجودها الاصلي في افغانستان والصومال وجزيرة العرب والباكستان الخ ..باختصار اصبحت القاعدة قواعد قد تكون بينها روابط تنظيمية وقد لا تكون لكن يجمعها هدف واحد وسيرة واحدة ..واختفى بن لادن ملاحقا الى ان قتل. قتل الرجل اذن ..البطل المجاهد سابقا ..والارهابي رقم واحد لاحقا ..ليبقى السؤال : هل يعني ذلك نهاية القاعدة او بالاحرى القواعد ؟ هل كان بن لادن الزعيم الاوحد الذي يتشتت صحبه اذا ما اختفى اثره ام كان فكرا اجتمع عليه بعض من القوم ؟ ان كان زعيما فقد لقي ما اشتهى: ان يقتل على ايدي اعدائه ..وان كان فكرا فهل يموت الفكر ؟ قتل بن لادن الرجل فهل مات بن لادن الفكر؟