عاجل : رفض مطالب الطعن والإبقاء على التهم الموجهة للمتهمين في'' قضية انستالينغو ''    في الدورة الأولى للوسيط العقاري.. محاربة غسيل الأموال والتصدي للتوطين من الأولويات    سليانة: بلدية سليانة تضبط برنامج نظافة بكافة الأحياء وبمناطق التوسع    يهم التونسيين : الأسعار الحالية للأضحية تتراوح من 700 إلى 1500 دينار    رضا الشكندالي: البنك المركزي يهدف إلى الحدّ من التضخم عبر الترفيع في الفائدة المديرية    مفزع/ حجز 188 كغ من الزطلة منذ بداية السنة إلى غاية الأسبوع الحالي..    تفكيك شبكة مختصة في التنقيب على الأثار مالقصة ؟    يوم مفتوح بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين    تقرير: زيادة ب 26 يومًا إضافيا من الحر خلال عام    عاجل/ إخلاء مستشفى القدس الميداني في رفح بسبب تهديدات الاحتلال..    بطولة رولان غاروس : برنامج النقل التلفزي لمواجهة أنس جابر و الكولومبية كاميليا أوزوريو    وزارة التربية تكشف حقيقة عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة "سمارتيرا"..#خبر_عاجل    حمزة البلومي : '' برنامج التحقيقات الممنوعة.. 9 حلقات منعت من البث.. هرمنا''    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    المكلف بتسيير ولاية المهدية يُودّع الحجيج    الجزائر تتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي "لوقف العدوان في رفح"..    وزير الصحة يوقع على مبادرة حول المشاركة المجتمعية في القطاع الصحي    بوتين محذرا الغرب: "يجب على دول الناتو أن تفهم بماذا تلعب"    اليوم: مجلس النواب يعقد جلسة عامة    نمت بأكثر من 3 %... الفلاحة تتحدى الصعاب    للاستجابة للمعايير الدولية...الصناعة التونسية في مواجهة تحدي «الكربون»    القانون الجديد... بين إلغاء العقوبة السجنية أو الابقاء عليها ...الشيك بلا رصيد... نهاية الجدل؟    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    رونالدو يشد عشاقه بموقفه الرائع من عمال الملعب عقب نهاية مباراة النصر والاتحاد (فيديو)    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    جينيف: وزير الصحة يؤكد الحرص على التوصّل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    البطولة السعودية: نزول فريقي سعد بقير وأيمن دحمان الى الدرجة الثانية    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: مواعيد مباريات الدور نصف النهائي    ملعب غولف قرطاج بسكرة يحتضن نهاية هذا الاسبوع كاس تونس للغولف    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    قابس: الاحتفاظ بشخص مفتش عنه وحجز كمية من الهواتف الجوالة المسروقة    'الستاغ' تطلق خدمة إلكترونية جديدة    بيلينغهام يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    جنيف : وزير الصحة يستعرض الخطط الصحية الوطنية في مجال علاج أمراض القلب    بداية من اليوم.. مدينة الثقافة تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعيين من ذوي الإعاقة    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    المنتخب الوطني: موعد الإعلان عن القائمة وبرنامج التربص    27 ألف مشجّع للنادي الافريقي في دربي العاصمة    الشركة التونسية للبنك STB : تعيين نبيل الفريني مديرا عاما    عاجل/ اعتراف إيرلندا بدولة فلسطين يدخل حيّز التنفيذ    حادث مرور مروّع في القصرين    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    هيونداي تونس تتوج بعلامة "أفضل علاقات عامة" في المؤتمر الإقليمي لشركة هيونداي موتور في جاكرتا    قفصة: القبض على 5 أشخاص من أجل ترويج المخدّرات    رئيس الجمهورية يستقبل الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    بن عروس : اختتام الدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان علي بن عياد للمسرح    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أهل تونس...اتقوا اللّه في تونس!....
نشر في الشروق يوم 11 - 05 - 2011


بقلم : عبد الحميد المحمدي (مربّ)
رأيت من واجبي كمواطن هو قطرة من بحر الأغلبية الصامتة من بني وطني، أن أساهم ولو بالقليل المتواضع في انجاح هذه المسيرة بعد الثورة بهذا النداء الصادر من الأعماق لأقول: ثورتنا أسعدتنا جميعا في البداية وجعلتنا ننتشي بنسمات الحرية والكرامة إلا أنه وبعد زمن ليس بالطويل بدأنا ننظر إليها بعين الريبة والشك وحتى الخوف من مصير مجهول قد ندفع إليه لا قدر الله في ظل هذه اللخبطة وهذا الانفلات الأمني والمطلبي والإعلامي وهذه الجهويات المقيتة التي بدأت تطفو على الساحة من جديد حتى في مناوشة عادية بين شخصين في مقهى أو تلميذين في معهد.
افة الفوضى والفساد والإجرام ظننا أنها ستزول بعد الثورة ونعرات العروشية ظننا أنها ماتت منذ زمن بعيد تحت شعار الوحدة القومية الذي كثيرا ما كان ينادي به الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وفي ظل النهضة التعليمية التي شهدتها البلاد منذ الاستقلال، وما وصلناه من خلالها من نضج ثقافي ومدني ولكن ما نلاحظه بكل مرارة أن الممارسات على الميدان تظهر العكس.
فإذا كانت الحريات بعد الثورة هي «البراكجات» وإيقاظ نعرة الجهويات وإغلاق الطرق والسكك الحديدية وعدم انضباط المرؤوس لرئيسه وحرق المؤسسات وتعطيل عجلة الاقتصاد الذي منه «نعيش ونربي الريش» فيا خيبة المسعى! وإذا كانت الحريات هي تجاوز القانون الذي يحمي الجميع كالهروب من السجون وحوز وافتكاك أراضي الآخرين والبناء فوقها بالقوة والتعدي على هيبة الدولة فبئس المصير!...فإلى أين نحن ذاهبون؟!... ألا نخشى من أن يقال في شأننا بأننا لم نصل بعد إلى مستوى الرشد الذي به ندرك فنمارس الحريات المسؤولة؟!...
ذلك أن الحريات مسؤولية ونضج أو لا تكون فالشعور بالمسؤولية يتنافى مع الأنانية المفرطة والطلبات التعجيزية المشطة من حكومة مؤقتة وفي هذا الظرف الدقيق بالذات أضف إلى ذلك اعتماد طرق ضاغطة وغير مشروعة أحيانا لأنها لا تراعي حريات الآخرين ومصالحهم، أهذه الحريات المنشودة من وراء الثورة؟!... أو باسم الحرية أحيانا تموت الحرية وباسم الديمقراطية قد تموت الديمقراطية؟
الحرية التي نراها تمارس اليوم على الميدان هي حرية مغلوطة هي فوضى هي قانون الغاب قد يؤدي بنا في أحسن الحالات إلى الرجوع لما كنا فيه من نظام دكتاتوري مستبد، وكيف ما تكونون يولى عليكم ، يا أهل تونس! هل تريدوننا أن نرجع إلى الوراء؟ يا أهل تونس اتقوا اللّه في تونس وفي ثورتكم المباركة هذه!...
ألا يدل كل مايقوم به بعضنا اليوم على غياب الوعي والنضج الثقافي والسياسي والاجتماعي وبالتالي غياب السلوك الحضاري والحسّ المدني والروح الوطني؟!... ألسنا شعبا واعيا ومثقفا كثيرا ما كان يقال في شأننا بأننا أحق بحياة سياسية أفضل؟!... فلنبرهن على ذلك لأن الكرة عندنا اليوم!... الامتحان أمامنا عسير...فلنبرهن على أننا بحق أهل للحرية والكرامة وأننا شعب لا يجمعه الطبل والمزمار ولا تفرقه العصا مهما غلظت وهو ما أثبتته الثورة.
يا أهل تونس! اتقوا اللّه في تونس وأعلموا أن الجميع يراقبكم سواء بعين الإكبار لأنه كان لكم الفضل والسبق في استنهاض الهمم وكسر حاجز الخوف وإشعال انتفاضة العرب الكبرى أو بعين الشماتة، إذا فشلتم! من قبل المفسدين في الأرض لأنكم قطعتم عنهم موارد النهب والاستغلال.
يا أهل تونس مطلوب منا جميعا في مثل هذا الظرف الدقيق الذي تمر به بلادنا أن نقدر ثقل المسؤولية ونبدأ بتغيير ما بأنفسنا وعقلياتنا فلنعمل بمقتضى أخلاقيات المواطنة الحقيقة النابعة من توصيات ديننا الحنيف والتي لا تختلف في شيء عن القيم الثابتة الكونية.
ولنعتمد الصبر والسمو وضبط النفس الأمارة بالسوء وإيثار المصلحة العامة والضغط على كل ماهو مصلحي شخصي ضيّق وأن نترفع قليلا عن المبالغة في نبش الماضي فجلنا مسؤول في العهد البائد، فإن لم يكن بالفساد والمحسوبية فبالتبندير والتصفيق وإن لم يكن بذلك فبالصمت والحياد السلبي والاستقالة، فعفا الله عما سلف والمصالحة في نظري على الأقل مطلوبة والوفاق ولم الشمل ضروري ولو تدريجيا بعد مساءلة بعضهم، ولا ننسى أن قراءة التاريخ بعيده وقريبه علمنا أن التشفي والانتقام يعمق جراح الأحقاد التي قد يصعب التئامها فيما بعد وأن الانتصارات الموفقة بعد المعارك التي تشن ضد قوى الشر والظلم والطغيان هي تلك اعتمدت المصالحة كسبيل للوفاق، ولنا في التاريخ أمثلة على ذلك نذكر بعضها.
فهذا الرسول الأكرم صلوات اللّه عليه يتسامح مع كفار مكة بعد الفتح العظيم بقولته الشهيرة« اذهبوا فأنتم الطلقاء».
وهذا صلاح الدين الأيوبي يتسامح مع مسيّحيي القدس بعد استرجاعه لها، وهذا نلسن مندلا تسامح مع البيض في جنوب إفريقيا بعد انتصاره على سياسية الميز العنصري البغيضة، وقريبا هذا حزب اللّه يتسامح مع المسيحيين في جنوب لبنان الذين كانوا يوفرون الحماية والدعم للعدو الاسرائيلي المطرود من هذا الجنوب، فكلهم ازدادوا بهذا التسامح تألقا وقوة وصلابة.
يا أهل تونس اتقوا اللّه في أهلكم واعملوا بسرعة على طي صفحة هذا الماضي الأليم وانظروا إلى المستقبل بثقة وتفاؤل وانشدوا الأمن والأمان من رجال أمننا البواسل وجنود جيشنا الصناديد وشدوا على أياديهم بكل حرارة ولنصفح على من أخطأ منهم بعد المساءلة والمحاسبة طبعا ولا ننسى أنهم أخطؤوا تحت وطأة الظرف القاسي والتعليمات الظالمة لكبار المستبدين المفسدين من أعلى هرم السلطة، فتنفيذ التعليمات من صلب عمل رجل الأمن، وإلا فالعقاب بقطع الأرزاق وربما حتى بقطع الأعناق.
يا أهل تونس هبوا جميعا لنؤسس لحياة سياسية أفضل يكون فيها التناغم الصحيح بين الخطاب والممارسة في تقديس شعار الجمهورية : الحرية والعدالة والديمقراطية الحقيقية كنظام. يا أهل تونس هبوا جميعا لننخرط في عمليتي البناء والتشييد لنا وللأجيال القادمة يدفعنا إلى ذلك كما هو الحال في الدول المتقدمة، الحوافز الداخلية كالضمير الحي وحب الوطن وقداسة الواجب واحترام العمل كقيمة حضارية كبرى.
بني وطني لا نستعجل مردود ثورتنا، فلنصبر ولنثابر ولنعمل بكل ما جاء بهذا النداء المتواضع ثم نترقب فكل آت قريب ولا ننسى أن الحياة هي كدّ وجدّ وزراعة وعطاء قبل الأخذ والحصاد.
وأنتم أعني بني وطني يا من تشكلون الأغلبية من النخب المثقفة لا تختاروا الجلوس على الربوة مرة ثانية كما وقع في الماضي، فتتركون الفراغ الذي تمقته حتى الطبيعة للانتهازيين الفاسدين، رابطوا بيقظة وحزم للضرب بقوة على كل من تسول له نفسه السماح برجوع حليمة إلى عادتها القديمة ولا تنسوا أن «كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته» وإلا فإن التاريخ ومعه الأجيال القادمة لن تذكركم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.