أول ما يُستهل به تحية الى شهداء الثورة الذين وهبوا أرواحهم قربانا للحرية والانعتاق من الظلم والقهر والقمع والاستبداد رغم تفاوت بين الظالم المستبد والمقموع الأعزل، لكن شهداءنا يعلمون أن للحرية ثمن... وأي ثمن. الآن وقد بلغنا الأربعة أشهر منذ انبلاج فجر الحرية أقول ان الزعامة لا تُهدى وإنما تفتكّ بالصدق في القول والاخلاص في العمل والاصداح بالحقيقة ولو كانت مرّة ولو كانت على حساب الزعامة والتربع على كرسي الحكم كل ذلك من اجل مصلحة تونس لهذا أطلب من رؤساء الأحزاب الجدد ان يكونوا في مستوى المسؤولية، المسؤولية المسؤولة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به البلاد وأن لا يغالطوا الشعب الذي أصبح ملقّحا ضد المغالطات والنفاق والكذب والاستبلاه بحكم معاناته من ذلك طيلة عقود من الزمن أخذت من عرقه وجهده ونضالاته الشيء الكثير فبكبيركم وصغيركم لا تساووا ذرّة من تراب هذا الوطن الغالي لأن تونس أكبر منكم مجتمعين، أكبر من رئيس الجمهورية والوزير الأول، أكبر من الحكومة ومن النواب والمستشارين وأكبر من المزايدين والراكبين صهوة الثورة وهي تسير وأكبر من الذين غيّروا اللون البنفسجي على الساعة الخامسة وخمسة عشرة دقيقة من يوم الجمعة الرابع عشر من جانفي 2011. فمن من رؤساء هذه الأحزاب المتناثرة هنا وهناك يتجرأ الآن وفي هذا الظرف ان يقول للشعب كفى اعتصامات واحتجاجات بموجب أو بدونه وأن يقول له حيّا على العمل حيا على الفلاح حيا على الصلاح، آن الأوان لأن يتصرف الجميع لإنقاذ ما يمكن انقاذه لتجاوز هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد، قطعا انهم لن يفعلوا ذلك عملا بمقولة انصر شعبك ظالما ومظلوما من أجل كسب ودّه لضمان موطأ قدم في الانتخابات الرئاسية او في التشكيلة الحكومية المرتقبة حتى لو كان ذلك على حساب أمن ومصلحة البلاد، لا تهمّهم الوسيلة بقدر ما تهمّهم النتيجة. البلاد جامدة متجمّدة في جميع القطاعات، البلاد مكبّلة ورؤساء الأحزاب منشغلون منذ الآن بحملتهم الانتخابية والترويج الى برامجهم المستقبلية طبعا مع الوعود بالحرية والديمقراطية والرفاهية والعيش الكريم والسعيد والرغيد للشعب وكل الطرق تؤدي الى سدة الحكم غير عابئين بضبابية الوضع والظرف وصعوبة الموقف الراهن وبما يترصد البلاد من محاولات خفافيش الليل لزعزعة استقرارها. نحن نرحّب بالتظاهر السلمي والمسيرات السلمية بل نرغب فيها ونطالب بها مع توفر عنصر الثقة بين الأمن والمتظاهرين بعيدا عن استفزاز هذا او ذاك، أما ان تتحول الى تخريب وتدمير ما بقي غير مدمّر واعتداءات على الأملاك العامة والخاصة من طرف بعض المندسّين والمتآمرين على البلد والمارقين الذين استكثروا على تونس ثورتها من ان تكون هي أم الثورات العربية وحتى غير العربية فذلك ما يأباه كل تونسي شريف فمن يريد الزعامة من أجل الزعامة فليكتفي بزعامته لعائلته «et encore» ولترفعوا أيديكم، فلا وصاية على هذا الشعب لأن لحمه مُرّ وحذار من انتفاضته عندما يفيض الكيل لأنه اذا انتفض فسيذهب الجميع هباءً منثورا، فاتركوا أيها الطامحون المهرولون نحو الزعامة طموحاتكم السياسية الجارفة جانبا فهي لا تساوي شيئا أمام مصلحة الوطن ولا تتلاعبوا بمشاعر الشّعب لأن «اللعب بكُلّوا لعب الاّ اللعب بالشّعْب مُش لعبْ».