من أزمة الى أزمة ومن مشكلة الى مشكلة.. هذا هو حال الجامعة التونسية لكرة اليد وكأنه كتب علينا ان نعيش وقائع مسلسل تراجيدي طويل لا يريد ان ينتهي. فبعد مشاكل الموسم الماضي التي وصلت أوجها بالانهيار المريع للمنتخب في بطولة افريقيا وبعد الانشقاقات الخطيرة التي شهدها المكتب الجامعي ها أن الجامعة تدخل نفقا جديدا باندلاع أزمة مفتوحة مع السيد حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي وكريستوف يابو رئيس الكنفدرالية الافريقية. شرارة الازمة اندلعت بعد تقديم الجامعة لقائمة مرشحيها الى مختلف المسؤوليات واللجان التابعة للاتحاد الدولي حيث ثبت ان رئيس الجامعة السيد رفيق خواجة قدم ترشحه ل مناصب في الاتحاد الدولي بينها نائب الرئيس وهو ما أغضب كثيرا السيد حسن مصطفى الذي رأى في ذلك تقليلا من حظوظه في اعادة انتخابه على رأس هذا الهيكل الدولي واستفزازا غير مبرر لشخصه فيما كان رد فعل كريستوف يابو رئيس الكنفدرالية مماثلا عندما علم بترشح خواجة الى جانبه في خطة ممثل لافريقيا في الاتحاد الدولي. المعطيات التي وصلت «الشروق» تؤكد ان حسن هدد برفع الامر الى الجهات المسؤولة في تونس فيما شهدت مدينة الحمامات خلال الايام الماضية حوارا ساخنا باردا بين خواجة ويابو حول هذه النقطة بالذات حيث وجه رئيس الكنفدرالية الافريقية اللوم لرفيق خواجة على غياب أي تنسيق أو تشاور حول هذه المسألة. **سلطة الاشراف أمام الأمر المقضي في اتصال هاتفي مع «الشروق» منذ أيام قليلة قال السيد رفيق خواجة أنه أعلم سلطة الاشراف بقائمة الترشحات للإتحاد الدولي وحظي بموافقتها ومباركتها. وفي نفس الاتصال الهاتفي أوضح خواجة أنه فعل ذلك من منطلق المصلحة الوطنية فتونس من حقها ان تتواجد في هذا الهيكل الدولي على قدم المساواة مع دول أخرى ومع احترامنا الشديد لهذه الرؤية المفعمة بالوطنية فإننا نعتقد انه كان من الاجدى لو ترك خواجة الوقت للمكتب الجامعي حتى يختار بعد تمحيص ولم يسلط سيف الوقت على رقبته فالترشحات تمت عبر جولة هاتفية واعلام سلطة الاشراف لم يتم في الوقت المناسب أي ان سلطة الاشراف كانت أمام الامر المقضي ولم يكن لها الوقت الكافي لتصدر قرارها النهائي في موضوع هام جدا مثل الترشحات للاتحاد الدولي. **حسابات قد تكلفنا غاليا لمن لا يعلم نقول ان السيد رفيق خواجة يتحمل حاليا مسؤوليات مختلفة هي أولا صفته الاولى كرئيس للجامعة ثم نائب رئيس الكنفدرالية الافريقية اضافة الى عضويته في الاتحاد المتوسطي والاتحاد المغاربي لكرة اليد الذي مازال مجرد مشروع على الورق عند عبد المؤمن الجوهري.. من حق السيد رفيق خواجة طبعا أن يترشح وأن يفوز ويمثل تونس لكن المشكلة هي الطريقة التي تم بها هذا الترشح ففتح جبهات متعددة في نفس الوقت ليس في مصلحة أحد وقد تكون نتائجه وخيمة جدا على كرة اليد التونسية اذ عدا عن حسن مصطفى وكريستوف يابو فإن شخصيات مؤثرة جدا في الاتحاد الدولي تبدو نظريا متضررة من قائمة الترشحات التونسية وعلى رأسها ريمون هان ومولماتر وبينهما من دافع عن تونس باستماتة ومازال يساعد في استعداداتها للمونديال ولعل تنظيم القرعة الخاصة بهذا الحدث شاهد على ذلك. منطقيا اذن الضرر حاصل وان تفاوتت نسبته حتى لو كانت هذه الترشحات حسب السيد رفيق خواجة دائما لحسابات انتخابية بحتة ولضمان الحصول على مناصب في مختلف اللجان وهنا يفتح قوس آخر به ألف نقطة استفهام اذ ما علاقة السيد رضا المناعي الذي نحبه ونحترمه بلجنة المدربين التي رشحوه لها وماذا سيفعل رجل لا علاقة له بالتدريب مع مدربين كبار مثل مدرب المنتخب السويدي السابق ثم ما حاجتنا كتونسيين للجان العلاقات العامة والمسابقات؟! الاختيارات كانت عشوائية مثلما يتضح وتنم عن تسرع ولن ينفع معها الاسف الذي أبداه خواجة في الاجتماع الاخير للمكتب الجامعي فالحسابات يجب ان تكون دقيقة من البداية، ويجب ان ندرك ما نريد بالضبط ودون الدخول في مواجهات مع أطراف لها كلمتها ووزنها في هذا الهيكل الدولي. **مطلوب تدخل سلطة الاشراف أكثر من 4 أشهر بقليل أصبحت تفصلنا عن المونديال وما أحوجنا في هذه الفترة الى الهدوء والعلاقات الطيبة حتى ننجح في كسب الرهان ولكي يحدث ذلك فلا مناص من تدخل سلطة الاشراف لتطويق هذه الازمة وربط الجسور مجددا مع الاتحاد الدولي وتحديدا مع السيد حسن مصطفى الذي لم يتردد لحظة واحدة وفي كل مناسبة في تأكيد «ثقته في قدرة تونس على رفع التحدي وتنظيم أفضل بطولة عالمية على الاطلاق» موجها في المقام الاول شكره للرئيس زين العابدين بن علي الحريص على ان تكون تونس جاهزة كأبهى ما يكون لهذا الحدث. إن من السهل قطعا الادعاء بأن هذا الرجل حرمنا من هذا النجاح او ذاك او تحرّك ضدنا في هذه المناسبة او تلك في غياب دليل واضح لكن من الصعب الوقوف ضد حسن مصطفى فمصلحتنا هي في بقاء شخصية عربية على رأس الاتحاد الدولي، اضافة الى ذلك فإن القناعة يجب ان تكون راسخة في ان هدفنا الاول وقبل أي أمر آخر هي نجاح المونديال من الناحية التنظيمية وبالدرجة الثانية نجاح منتخبنا الوطني في احتلال مرتبة مشرفة وحتى ندرك هذا الهدف فلا خيار أمامنا سوى العمل مع الاتحاد الدولي ومع حسن مصطفى علما ان الحسابات التي تحدث عنها السيد رفيق خواجة مرشحة لأن تذهب هباء منثورا وأن نخرج من «المولد بلا حمص» لأن الانتخابات ستجري مثلما هو معلوم في بلد «المولد والحمص»!