مازالت عمادة «جنتورة» من معتمدية فرنانة ترزخ تحت الفقر فالحرمان والخصاصة سيد الموقف، وتعيش 3500 عائلة في مساكن بدائية ولا أنيس لهم سوى بعض ما يملكون من ماشية ربما لا تكفي لسد أبسط حاجياتهم، يقتسمون في الأغلب نفس المسكن وهمهم الوحيد انتظار الفرج وان طال. الرحلة بين جنتورة ودوار الحميل والقوايدية وسد بوهرتمة كانت طويلة بقياس الزمن بين وعورة المسالك وصعوبة الجبل ولكنها قصيرة بقياس المأساة والحرمان: عائلات تبيت على الطوب في غياب المساعدات الانسانية ومنح العجز ودفاتر العلاج المجاني وغياب أبسط المرافق للعيش الكريم فالمساكن البدائية تكون المبيت والمطبخ ومربط الحيوانات في مشهد يقبر صلوحية المكان وانعدام شروط الصحة ويطرح أكثر من سؤال أهمه هل في هذا الزمان مازال الناس يعيشون بهذه الطريقة وبهذا الموت البطيء نعم الموت البطيء حين تجوع بطونهم وتجف حلوقهم وتتراكم مصائبهم. صاحبنا في الرحلة ودليلنا فيها عن كل شبر من المعاناة السيد الزاهي الصخيري همس في أذني قائلا «لا تنزعج فهذه دفعة أولى من المعاناة والفقر والحرمان وعليك أن تصبر من أجل الحقيقة». صبر جميل هو سلاحي الوحيد في الرحلة وليس لي والله سوى الصبر وكم كان ألمي كبيرا وصبري يشارف على النفاد حين وقفت على مأساة عائلات دوار «الحميل» فبالرغم من بدائية المساكن وترامي نسيج الأكواخ هنا وهناك فإن ثلاث عائلات تشمل معوقين لا حول لهم ولا قوة سوى الصبر في ظل غياب أي تغطية اجتماعية (منح قارة دفاتر علاج مجاني) وبين الكافي الصخيري ومحمد لخضر الصخيري وحميدة الصخيري وفاطمة الونيفي وادريس الصخيري وحسناوي الصخيري وغيرهم كانت فصول المأساة فهل من مزيد؟!! قالوا مجتمعين حسنوا مساكننا ووفروا لنا لقمة عيش كريم وفرصا للتداوي وأكل الخبز هذا كل أملنا ومبتغانا، وقولوا لهم «هنا جنتورة هنا شبر من الوطن العزيز». مأساة أهالي جنتورة وما أعمقها زاد طينها بلة الاعتداء الصارخ للخنزير البري على بعض مزروعاتهم بالاتلاف والحفر. فصل من رحلة «الشروق» بين مأساة أهالي «جنتورة» انتهى بألم وغصة كبيرة في القلب على وضع دراماتيكي يعيشه جزء من أبناء وطننا العزيز.