معتمدية فرنانة من ولاية جندوبة التي لم تشفع لها الطبيعة الزاهية ولا الموارد الطبيعية الهامة من خفاف وخشب ومواد إنشائية ومخزون حضاري ليعيش سكانها رغد العيش فتعاقبت عليهم السنون والمعاناة. شهدت مدينة فرنانة وبعض قراها في المدة الأخيرة عديد الاحتجاجات من سكانها بين مطالب بفرص الشغل وآخر داع لتوفير التنمية وثالث متذمر من غياب المرافق الضرورية سواء الاجتماعية والاقتصادية بما خلق مناخا من التوتر هو في الحقيقة له مبرراته ولمزيد الوقوف على الأسباب والمسببات والنقائص التي تعيشها الجهة بمختلف مكوناتها قامت «الشروق» بزيارة ميدانية للجهة للوقوف على المعاناة والتهميش الذي طال جميع الشرائح وفي عدة مظاهر . بنية تحتية متواضعة تتميز البنية التحتية بالجهة بالتواضع فالطرقات داخل المدينة وخارجها حيث الأرياف البعيدة النائية تتراوح بين الرديئة للطرقات المعبدة و التي لا تصلح للتنقل لغياب التعبيد أو حتى التهذيب بما يسمح بالتنقل في ظروف طيبة لقضاء الشؤون فعاشت عدة تجمعات عزلة تامة في جميع الفصول وخاصة شتاءا حيث تتحول المسالك إلى برك. أما الغياب الآخر للبنية التحتية فيتمثل في غياب العديد من المؤسسات فيضطر المواطن للتنقل للمدن المجاورة كجندوبة (22 كلم ) أوعين دراهم( 25 كلم ) في ظروف تنقل صعبة وتتطلب الكثير من المال والصبر ونذكر على سبيل المثال غياب محكمة وقباضة مالية ومركز للكنام ... فقر مدقع أرياف المعتمدية وخاصة النائية منها وحتى داخل المدينة تتميز بانتشار عدد من المساكن البدائية التي تغيب فيها أبسط المرافق الحياتية فتتكون جدرانها من طوب وسقفها من قش أما محتويات هذه المساكن فلا تتعدى بعض الصحون والكؤوس وما عدا ذلك فالطبيعة بخيراتها كفيلة بتحقيق ما يصلح للطبخ والتدفئة حين يتحول الحطب إلى وسيلة للطبخ والتدفئة في أكواخ يختلط فيها الحيوان مع الإنسان فيتعايشان ولا يهم ما يمكن أن يخلقه ذلك من مخاطر وأمراض فالمأساة هذه تجدها حيثما تنقلت من « بوحلاب إلى سيدي سعيد فالجواودة وعرقوب الريحان وجنتورة وبني مطير ...» ولا رزق لأغلب العائلات سوى بعض الحيوانات التي تعد على أصابع اليد ولا عمل يوفر لقمة العيش سوى أيام معدودات في حضائر الغابات يكون العمل بها بالمحاباة . بطالة خانقة يعيش شباب الجهة وكهولها بطالة خانقة عمقت المأساة وهو ما جعل العديد من حاملي الشهائد العليا يدخلون في اعتصامات للمطالبة بالتشغيل والقطع مع التهميش وللتذكير فإن نسبة البطالة لأصحاب الشهائد تمثل بفرنانة 26% وشبابها ينتظرون فرصة العمل خاصة الذين تقدمت بهم السنون ولم ينالوا حظهم منذ سنوات ظل الكثير منهم عالة على الآخرين ويستجدي البعض حتى ثمن قهوة يترشفها أو غيرها من متطلبات الشبان البطالة مردها غياب المعامل والمصانع بالجهة لاحتواء عدد من العاطلين عن العمل الذين اضطر الكثير منهم إلى النزوح بحثا عن العمل لتغطية مصاريفه الخاصة أو مساعدة الأهل على توفير لقمة العيش وما أصعبها حين تكون تحت طائلة الاستغلال وسوء ظروف الإقامة . معضلة مياه الشرب الجهة تزخر بعديد الموارد الطبيعية الهامة من خفاف وخشب وأشجار و أعشاب طبية ومواد إنشائية ظلت غير مستغلة على الوجه الأكمل أو كما يقول الشاب خالد بوكحيلي تأتينا الشاحنات فارغة لتعود محملة بالخيرات وسكان الجهة لا ينتفعون .ويشاطره الرأي لطفي لقطي الذي يعتبر أن المدينة مهمشة ومنسية رغم خيراتها التي لا تحصى ولا تعد . النقائص التي لا تحصى ولا تعد والتهميش والبطالة التي تعيشها الجهة منذ نصف قرن من الضروري التفكير في حلول لها واعتماد استراتيجيا خاصة تمكن من التقليص من حجم المعاناة وتكون البداية بجرد كامل ودراسة معمقة وميدانية للواقع الذي تعيشه المدينة وأريافها النائية .