أكد الرئيس باراك أوباما أمس الخميس أن دعم الولاياتالمتحدة للتغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يظل «أولوية قصوى» لإدارته كما أكد أن واشنطن ترى في حدود عام 1967 أساسا لحدود إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية مع القبول بتبادل الأراضي بين الجانبين. وقال أوباما في خطاب له حول سياسة إدارته في الشرق الأوسط في ظل التغيرات الجارية في المنطقة «إن دعمنا للتغيير في الشرق الأوسط ليس مصلحة ثانوية للولايات المتحدة بل هو أولوية قصوى ينبغي أن تنعكس في إجراءات متنوعة عبر الدبلوماسية والوسائل والإمكانيات الأمريكية الأخرى». تونس ومصر وقال أوباما في الخطاب الذي ألقاه من مقر وزارة الخارجية بالعاصمة واشنطن إن السياسة الأمريكية في المنطقة تعتمد على الترويج للإصلاح ودعم التحول حسب قوله هناك مع البدء بمصر وتونس اللتان تواجهان تحديات كبيرة. وأضاف أن البلدين لديهما القدرة ليكونا نموذجا للقيادة والتحول في المنطقة مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة ستقوم كذلك بدعم الدول التي لم يصل التغيير لها حتى الآن. وقال إنه طلب من صندوق النقد والبنك الدوليين إعداد خطة لعرضها أمام اجتماع مجموعة الثماني الأسبوع المقبل لتحديد احتياجات مصر وتونس كما أعلن عن مساعدات اقتصادية لمصر بقيمة ملياري دولار فضلا عن مساعدات أخرى سينظر فيها الكونغرس لتأسيس صندوق استثماري لدعم الاستثمارات في البلدين. واستعرض التغيرات التي تشهدها المنطقة قائلا التغيير لم يكن دوما كما حدث في مصر وتونس بل إن بعض الدول شهدت نماذج مختلفة مثل ليبيا التي وصفها بأنها أكبر مثال على محاولة التصدي لمطالب التغيير عندما قام العقيد معمر القذافي بشن حرب ضد شعبه. وبرر أوباما التدخل العسكري في ليبيا قائلا إنه بالرغم من صعوبة فرض التغيير بالقوة في العراق فإن الوضع في ليبيا كان مختلفا لأنه بدون التحرك الأمريكي كان آلاف الليبيين سيلقون حتفهم على يد القذافي الذي رأى أن حفاظه على السلطة سيأتي عبر قتل أكبر عدد ممكن من الناس. وتابع أوباما قائلا إنه «عندما يتم إجبار القذافي على مغادرة السلطة والرحيل فإن عقودا من الاستفزاز في ليبيا ستنتهي وستأتي الديمقراطية لهذا البلد». وانتقل أوباما للحديث عن سوريا، قائلا إن هذا البلد أيضا اختار« مسار القتل والاعتقال» وفق تعبيره بالجملة للشعب السوري، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة أدانت هذه الإجراءات وقامت بتعزيز العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد والمحيطين به. وقال إن «الأسد لديه خيار قيادة التحول أو التنحي» مطالبا الرئيس السوري ب«التوقف عن ضرب مواطنيه والسماح بالتظاهرات واستقبال مراقبين دوليين للوصول إلى المدن لاسيما درعا مع بدء حوار حقيقي للتحول الديمقراطي». تهديدات لدمشق وهدد أوباما النظام السوري بأنه «سيتعرض للعزلة الدولية» إذا لم يقم بتنفيذ هذه المطالب منتقدا في الوقت ذاته قيام دمشق بالسعي إلى الحصول على مساعدة إيرانية للتعرف على الأساليب التي استخدمتها ضد مواطنيها. وتحدث الرئيس أوباما عن الصراع الفلسطيني الصهيوني مؤكدا أن الصراع له تكلفة كبيرة على الشرق الأوسط. وقال إن إدارته عملت على مدار عامين مع المجتمع الدولي لانهاء هذا النزاع مع الاستفادة من خطط ومحاولات سابقة لكن المستوطنات الإسرائيلية استمرت كما ابتعد الفلسطينيون عن المفاوضات وظل الجمود في عملية السلام قائما. وأكد أوباما أن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أصبح اكثر إلحاحا من أي وقت مضى بالنسبة إلى الطرفين في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة. وقال إن مسعى الفلسطينيين لنزع الشرعية عن إسرائيل أمام الأممالمتحدة في سبتمبر القادم لن يحقق دولة فلسطينية مستقلة مشددا على أن «الفلسطينيين لن يحققوا استقلالهم بانكار حق اسرائيل في الوجود» حسب إدّعاءاته. واضاف أوباما أنه على إسرائيل في المقابل أن تسعى إلى تحقيق السلام لأن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار. وقال إن «التكنولوجيا ستجعل من الصعب على إسرائيل الدفاع عن نفسها، كما أن التغيرات في المنطقة ستصعب من المسألة، ومن ثم فإن حلم دولة يهودية ديمقراطية لإسرائيل لن يتحقق عبر الاحتلال». وشدد على ضرورة أن يقدم الإسرائيليون والفلسطينيون على تحقيق السلام الذي أكد أنه لا يمكن فرضه من جانب أي طرف خارجي بما في ذلك الولاياتالمتحدة. وقال إن التأجيل لن يحل المشكلة بين الطرفين مشددا على ضرورة أن «يتم تحقيق السلام الدائم بين الجانبين عبر وجود دولة يهودية لإسرائيل تكون وطنا لليهود ودولة فلسطينية تكون وطنا لشعب فلسطين، والاعتراف المتبادل بينهما» وفق زعمه. ومضى قائلا «إننا نعتقد أن الحدود الدائمة ينبغي أن تكون استنادا إلى عام 1967 مع تبادل للأراضي بين الجانبين» مشددا على ضرورة أن «يكون للفلسطينيين الحق في حكم انفسهم مع ضمان أمن إسرائيل التي ينبغي أن يكون لها الحق في الدفاع عن نفسها بنفسها مثل أي دولة أخرى». يذكر أن هذا الخطاب هو الثاني من نوعه الذي يوجهه الرئيس باراك أوباما إلى العالم العربي بعد خطاب مماثل في القاهرة في الرابع من جوان عام 2009.