بدت الحكومة العراقية بعد أشهر من تنصيبها في حالة تخبّط وباتت تعيش أزمة داخلية بسبب فشلها في السيطرة على الوضع في العراق وفي استعادة الأمن وخاصة في كسب تأييد شعبي يشرّع قراراتها التي اتسمت حتى الآن بالعشوائية. وبرزت ملامح الازمة في اقالة مستشار الامن القومي موفق الربيعي واستقالة الرئيس الجديد للمحكمة الخاصة بمحاكمة الرئيس العراقي صدام حسين خوفا من ان يكون هدفا لعملية اغتيال. إقالة فقد أقال رئيس الوزراء العراقي المعين إياد علاوي أمس مستشاره للأمن القومي موفق الربيعي بسبب فشله في معالجة أزمة النجف على ما يبدو وعيّن بدله وزير الدولة العراقي قاسم داود بمنصب وزير دولة لشؤون الامن الوطني. وقال مسؤول في مكتب علاوي رفض الكشف عن اسمه ان علاوي عيّن قاسم داود وزيرا للأمن الوطني وهو المنصب الذي كان يحتله عضو مجلس الحكم المنحل موفق الربيعي الذي عينه فيه لمدة 5 سنوات الحاكم المدني الأمريكي السابق في العراق بول بريمر. وأضاف المصدر نفسه انه لا يعرف شيئا عن مصير موفق الربيعي بينما ذكر مصدر في مكتب الربيعي ببغداد ان مستشار الامن القومي السابق موجود حاليا خارج العراق. وقد تولى الربيعي الملف الامني في النجف لكنه لم يوفق في مهمته وأصيب باضطربات في القلب نقل اثرها الى مستشفي في بغداد ومنها الى خارج العراق حيث يوجد الآن فيما قالت مصادر عراقية ان علاوي لم يكن راضيا على معالجته أزمة النجف وأن مرضه كان «سياسيا». في المقابل اشتهر داود خلال أزمة النجف بتصريحاته القوية التي رفض فيها مهادنة الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر وجيش المهدي التابع له كما شارك في المفاوضات التي جرت مع المرجع الشيعي الاعلى في العراق علي السيستاني والصدر للتوصل الى وقف اطلاق النار وحل جيش المهدي وتسليم أسلحته. «هروب» قاضي صدّام وفي سياق متصل قدّم رئيس المحكمة الخاصة بمحاكمة الرئيس العراقي صدام حسين القاضي نعيم العكيلي استقالته بعد ساعات من تعيينه أمس الاول. وقال مصدر مقرّب من القاضي العكيلي انه اضطر الى تقديم استقالته نظرا لعدم توفير الحماية اللازمة له واعتراضه على اعلان تعيينه عبر وسائل الاعلام مما يرجّّح تعرضه لعملية اغتيال. وكان القاضي العكيلي كلف بمهام ادارة المحكمة خلفا للقاضي سالم الجلبي المقيم في لندن والذي يرفض العودة الى بغداد بعد اتهامه بالتحريض على قتل مدير عام في وزارة المالية العراقية فيما احتفظ القاضي رائد الجوحي بمنصبه قاضيا للتحقيق. ويبدو من خلال هاتين الحادثتين ان تولي المناصب في الحكومة العراقية الجديدة او في مؤسساتها القضائية بات أمرا محفوفا بالمخاطر لأن تلك المؤسسات هي من افرازات سلطات الاحتلال وتبعا لذلك صارت هدفا للمقاومة. وبإقالة الربيعي واستقالة القاضي المكلف بمحاكمة صدّام في يوم واحد بدت الحكومة العراقية المعينة في حالة تآكل وانهيار من الداخل.