عاجل/ رئيس الدولة يحسمها: "لا نيّة في تصفية الحسابات.. لكن لا تراجع عن المحاسبة.."    عاجل/ حداد وطني في الجزائر على ضحايا حادث الحافلة..    هذه مخرجات قمة ترامب وبوتين..#خبر_عاجل    تركيا.. إيقاف 42 شخصا في إطار تحقيقات فساد ببلدية إسطنبول الكبرى..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    رئيس الجمهورية: لا نيّة في تصفية حسابات مع اي جهة كانت .. لكن لا تراجع عن المحاسبة    الصين ترحب بالتعاون الروسي الأمريكي وتسوية الأزمة الأوكرانية    ترامب: لا أرى أي ضرورة لفرض عقوبات جديدة ضد روسيا وشركائها    رئيس الجمهورية: لا نيّة على الإطلاق في تصفية حسابات مع أيّ جهة كانت، ولكن لا مجال في المقابل للتراجع عن المحاسبة    دراسة تحذّر من ظاهرة صحية خطيرة مرتبطة بعطل نهاية الأسبوع    الكرملين يعلن انتهاء المحادثات بين بوتين وترامب    ترامب: واشنطن لن تفرض رسوما جمركية على شركاء موسكو التجاريين    تونس شريك رئيسي في تحقيق الأمن المائي في إفريقيا    عاجل: نزل البحيرة، رمز تونس المعماري، يواجه الهدم    طقس السبت: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بهذه الجهات    بالمناسبة: صوفية قامة وطنية    في حفل بمهرجان سوسة الدولي : بين الجمهور وزياد غرسة علاقة وفاء دائمة    بسبب مواقفه الداعمة للكيان الصهيوني...إلغاء حفل فنان جامييكي بقرطاج وتعويضه بفيلم للفاضل الجزيري    عاجل/ إيداع مترشّح للانتخابات الرئاسية الأخيرة السجن تنفيذا لمنشور تفتيش    ترامب يستقبل بوتين في ألاسكا.. و"تغيير ذو أهمية" في البرنامج    عاجل/ قتلى وجرحى إثر سقوط حافلة بمجرى وادي في الجزائر    تاريخ الخيانات السياسية (47) ..وزراء و أمراء زمن الخلافة العباسية يحتكرون السلع    نهاية مباراة الترجي الرياضي والاتحاد المنستيري بالتعادل الإيجابي    مهن صيفية قديمة...«القرباجي».. المنقذ من العطش    عادات من الزمن الجميل: غسيل «الفرش».. «ملحمة» عائلية بطلاتها النساء والفتيات    بمناسبة الزواج: هدية سعودية غير متوقعة لرونالدو... اكتشفها    تونس: تحديث شامل في الطب النووي... واهتمام خاص بالجهات الداخلية    توننداكس ينهي جلساته الأسبوعية متراجعا بنسبة 20ر0 بالمائة في ظل معدل تداول يومي عند 4ر4 مليون دينار    المنتخب التونسي لكرة السلة يمنى بهزيمته الثانية في "الأفروباسكيت 2025"    الملعب التونسي: انتداب السنيغالي امادو نداي    الفنان صابر الرباعي يختتم مهرجان المنستير الدولي    بداية من 20 اوت مدينة جرجيس تحتضن تظاهرة اسبوع الطالب العالمي بمشاركة اكثر من 100 طالب من 22 دولة    جلسة عمل لمناقسة النّسخة الأوليّة من تقرير السّياسات العموميّة لقطاع البيئة الخاصّة بمخطّط التّنمية 2026-2030    عاجل/ عطب مفاجئ يتسبّب في انقطاع المياه بهذه الجهة    الحملة الوطنية لمراقبة أجهزة تكييف الهواء الفردية تفضي الى حجز أكثر من 3380 مكيف هواء وتسجيل 146 مخالفة    الليلة: أمطار بهذه المناطق والحرارة تتراوح بين 22 و32 درجة    حجز أكثر من 3380 مكيفا غير مطابق للشروط الفنية    عاجل: وزارة التربية تكشف تفاصيل حركة النقل الوطنية 2025 للقيمين العامين    مونديال الكرة الطائرة للفتيات: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الجزائري    تصفيات مونديال 2026: طاقم تحكيم تونسي يدير مباراة موريتانيا وجنوب السودان    علاش سوم ''الكرموس والعنب'' ارتفع العام هذا؟    عاجل/ كارثة طبية..مسكّن ألم ملوّث يُودي بحياة 96 مريضا..!    سنة 2025: رخصتك تتسحب بالوقت كان تجاوزت السرعة ولا تعدّيت على الضوء الأحمر!    القبض على شاب قتل والده ودفن جثته في القصرين    بعد انهاء التفرغ النقابي ..فاطمة المسدي تطرح انهاء توريث المناصب النقابية والامتيازات    وزارة الاسرة تنظم باليابان فعالية للتعريف بأبز محطات الفعل النسائي على امتداد مختلف الحقبات التاريخية    الأولمبي الباجي يحصن دفاعه باللاعب محمد أمين الذويبي    10 سنوات سجنا لإطار بنكي استولى على أموال الحرفاء    أسعار ''الحوت''غلات! شنوة الأنواع الي سومها مُرتفع وشنيا الأسباب؟    رسالة من الدكتورة ديفاني خوبراغادي سفيرة الهند لدى تونس بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال الهند 15 آُوتْ    عاجل/ تفاصيل ومعطيات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي على يد أبنائها..    عاجل: أحلام الإماراتية توضح للتونسيين حقيقة أجرها في مهرجان قرطاج    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    الرّهان على الثقافة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان الأسرع في قرع بابها...والأول في نيل سرابها: النادي الإفريقي...والثورة المغدورة!
نشر في الشروق يوم 22 - 05 - 2011

على مدى سنوات العهد البائد، كان أحباء الإفريقي يقولون:«كثيرهم في سره وقليلهم في جهره» إن النكبة التي حلت بناديهم هي من النكبة التي حلت ببلدهم....وإن خلاص موطنهم الصغير في مركب منير القبائلي من خلاص وطنهم الكبير تونس.
لهذه القناعة ما يثبتها في تاريخ النادي البعيد والقريب...وما يصدقها في لحظته الحاضرة أيضا: أليس النادي الإفريقي اليوم صورة مصغرة لبلادنا وما يواجهها من المخاطر وما يساور من المخاوف؟ ألم يفعل «شعب الإفريقي» في مركبه ما فعله شعب تونس في كل شبر من أرضها الغالية عندما أنجز ثورته واعتقد أنه قد أتمها وانتهى الأمر؟ لقد قطع كلاهما رأس العهد البائد...وبقي نظام مقطوع الرأس يداور ويناور ويحاول تنظيم صفوفه وإعادة ترتيب قلعته واستجماع طاقاته وقواه عساه ينقذ ما بقي له لإنقاذه والإبقاء عليه من منافع وامتيازات وأكساب وآفاريات.
المطابقة ...والمفارقة
وتتخذ هذه المطابقة بين أحوال البلاد وأحوال النادي معاني مكثفة سأقتصر من وقائعها الأكثر دلالة على ثلاث:
الأولى هي الجلسة العامة الاستثنائية المنعقدة بتاريخ 2522011 والتي كانت بيعة أو مؤتمرا شعبيا عاما شبيها بالمؤتمرات الشعبية التي تترنح الآن تحت وقع ضربات شعبنا الثائر بليبيا.
ورغم الصورة التي رسمت لهذه الجلسة العامة من كونها عرسا للديمقراطية وفتحا مبينا للحرية ونقلة تاريخية في الحقل الرياضي وقطيعة نهائية مع عهد التزكية والتنصيب، فإن ما تلقاه أحباء النادي من الصورة كما وصلتهم، كان مليئا بالخدوش والأخاديد والتشوهات. فأي ديمقراطية هذه التي تتعايش مع تنقيحات للقانون الأساسي والنظام الداخلي ترجح كفة مرشح على آخر وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص؟ وأي ديقمراطية يكون فيها الفاصل بين الجلسة العامة الاستثنائية لتنقيح القوانين والجلسة العامة الانتخابية قهوة وسيجارتين؟ وأي ديمقراطية تسمح للجلسة العامة بالانعقاد في غياب النصاب القانوني؟ وتجيز التصويت برفع الأيدي في حضور ألفي حاشد؟ وتنتظر بداية الأشغال لحسم قاعدة النصاب : أثلث هو أم ثلثان أم نصف زائد واحد ؟ وتحجب فيه على المترشحين والناخبين والملاحظين والمعارضين سجلات المنخرطين وعددهم الحقيقي لمعرفة حدود النصاب؟!
إن الجلسة العامة بين صورتيها الوهمية التي سوقت والحقيقة التي طمست، تتداعى على تلك المشاهد التي جاءتنا من قصر قرطاج ساعات بعد فرار الرئيس المخلوع كاشفة لنا عن مرور مرتبك متعثر من الفصل56 إلى الفصل 57 من الدستور القديم!.
الواقعة الثانية هي ساعة من ساعات يوم الخميس 12 ماي 2011...في تلك الساعة سمي سفيان الحيدوسي مدربا للفريق الأول لكرة القدم خلفا لقيس اليعقوبي...وفي الساعة ذاتها عزل من منصبه! وحوالي تلك الساعة أيضا تم نشر الخبر على الموقع الرسمي وتم حجبه أيضا ولما كانت هذه الواقعة من الأحداث غير المعزولة في إفريقي العتروس، ولما كانت روائح التنازع على «السلطة»بين فريق منتخب وآخر في الظل تفوح في كل مكان وتجوس، جاز لنا القول بأن تصريحات فرحات الراجحي حول حكومة الظل التي تدير حسب رأيه شؤون البلد تتجاوز القصبة إلى باب الجديد...،وتتجاوز حكومة السيد الباجي قائد السبسي إلى حكومة السيد جمال العتروس. الواقعة الثالثة هي سلسلة الأخطاء التي ارتكبتها الهيئة الجديدة على مختلف الأصعدة فنيا وتنظيميا وإعلاميا...والتي بدت من خلال هيئة ضعيفة وفقيرة إلى الخبرة والصنعة أعادت إلى الأذهان أجيالا من الفشل التسييري الفادح الذي عرفه النادي على مدى يقارب العقدين من الزمن، ولو كانت هذه الهيئة قد أمسكت بدواليب النادي قبل 14 جانفي، لهان الأمر... أما وقد جاءت بعد الثورة وهي لا تحمل من روحها وفكرها ونهجها وأدواتها شيئا على الإطلاق، فهذا هو منتهى البلاء العظيم الذي ظل يصيب النادي منذ سنين.... إذ وإلى حدّ الاكتشاف الفاجع لهذه الحقيقة، لم يكن يدر بخلد أي من أحباء النادي الإفريقي أن الجمعية التي عانت من الظلم والغبن والتي كابدت ألوانا مرة من التهميش والتمييز ضدها والتي كانت أول من أطلق صرخات الاحتجاج ضد الوصاية والأبوية والاحتكار وأول من طالب باستقلالية قرار النادي وماليته، هذه الجمعية ورغم ما راكمته من أجل تغيير حقيقي في الحقل الرياضي،تجد نفسها على هامش الثورة ولم تغنم منها شيئا... بل تجد نفسها «ويا للمفارقة» نموذجا تام الأركان واضح المعالم للثورة المغدورة....
الحلم...والحقيقة...
إن الإفراط في التوقعات يظل أقصر الطرق للإحباط....هذه القاعدة تصح تماما على جماهير النادي الإفريقي التي تلقت البرنامج الانتخابي لجمال العتروس وعاشته كما يتلقى النائم أحلام الصيف ويعيشها: لقد شاهدت مجسما لحديقة رياضية من حدائق ألف ليلة وليلة...وسمعت عن الاستقلالية المالية وعن ا لإدارة القارة العصرية وعن المدير الفني الجامع وعن مقر للنادي بباب الجديد سينقلب إلى متحف وعن تخصيص 25 ٪ من الميزانية لتكوين الشبان وعن عقود الاستشهار مع الماركات العالمية وعن فتح فروع لمغازة الجمعية بمناطق شتى من الجمهورية ....وعن وعن وعن...
وبعد أن بدأت شمس اليوم التالي في الطلوع على «كلام الليل المدهون بالزبدة» كان من الطبيعي أن تخرج جماهير الأحمر والأبيض تدريجيا من الحلم إلى الحقيقة....ومن الوهم إلى الواقع الحيّ...ومع توالي المؤشرات في مختلف المقامات الصريحة والضمنية، عرفت تلك الجماهير أو شق منها على الأقل، أن شيئا من برنامج القرن لن يتحقق....وأن «العهد الجديد» هو نسخة طبق الأصل من «العهد القديم»...أو إن التغيير في النادي الإفريقي يجري الآن وكما جرى دائما تواصلا في كنف التواصل!
شرّ البليّة ما يضحك
تلك هي البلية...أما آخر فصل في شرّها الذي يضحك، فهو القرار الاستعجالي الحاسم بإعادة فوزي البنزرتي إلى غرفة القيادة الفنية للفريق الأول... وضمّه إلى القافلة القياسية لمدربي الفريق في الموسم العجيب 20102011 : عادل السليمي وفرنسوا براتشي ومراد محجوب ولطفي الرويسي وقيس اليعقوبي!
ولأن الذاكرة الحمراء والبيضاء تحتفظ بكل تفاصيل مرور السيد البنزرتي بحديقة الرياضة «أ» مرة بعد المرة، فإننا لن ندخل في جدال عقيم مع عرابي هذا الفني ومريديه ومحاميه...الذين وظبوا له زقة وسط وابل من الزغاريد وطلقات البارود وعلى إيقاع الموزيكا والهتافات الثورية«الشعب...يريد....فوزي البنزرتي» وطبعا هو الشعب ذاته الذي كان قد أراد قبل أشهر السيد جمال العتروس... وهو الشعب ذاته الذي مازال في هوى نفسه مزيد من «الشعب الذي...يريد»!.
سنترك هذا الجدال الذي لا طائل من ورائه...وسنكتفي بالقول لهؤلاء العرّابين والمريدين والمحامين والقائمين على شؤون النادي في العلن وفي الظل : سنرى كم بقي لكم ولمدربكم الجديد القديم من وقت لتستكملوه...ومن شرط لتستنفدوه...فتخرجوا أنتم من زمن النادي...ليدخل النادي في زمن الثورة...
وما أصدق محمود درويش إذ قال رغم اختلاف السياق والمقام:
«ما أوسع الثورة ما أضيق الرحلة
ما أكبر الفكرة ما أصغر الدولة».
بقلم الأستاذ:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.