يقولون ان تونس تهتزّ مترنّحة تعيش ثورة مضادة... أفهل هي حقّا كما يتحدثون؟ أقولها كرجل خبر الثورات في كل المجتمعات قديمها وحديثها، لا وجود لثورة مضادة... وحتى ولو أخذناها وقبلناها جدلا... فهي نظام فاسد مأفون صنعه الرئيس المخلوع للبطش والظلم والقتل والارهاب... فإن كانت الثورة «المضادة» بهذا المفهوم فتونس تعيش تلك الثورة كما تعيشها كل الثورات عموما، وهي في حقيقتها حشرجة نفس شرّيرة تعيش ساعتها الأخيرة فهي «سحابة صيف عن قريب تنقشع» وستواصل ثورة الكرامة مسيرتها في ثبات وصمود كالطود الشامخ سدّا منيعا امام عبث العابثين وإفساد الفاسدين، منطلقة عبر المستقبل الباسم لتركّز أهدافها الأساسية التي خُلقت من أجلها، عدالة حرية سيادة في وجود عزيز يبني ولا يهدم. يرمّم ولا يقوّض، يُحبّب ولا ينفّر. يجمع ولا يشتّت. يُسعد ولا يُشقي. ينير حنايا الوطن الحبيب الذي ساده الظلام الحالك في نظام فاسد كان فيه دكتاتور جاهل فاسد موبوء تشيطن حتى فاق إبليس شيطنة فشيطن هو من لفّ لفه من الشعب التونسي الطيّب، فكانوا أنصاره وزبانيته يعبدونه ولا يعصون له أمرا ومن هؤلاء أسس نظامه الظالم الغشوم وله المنعة والحياة المرفّهة هو وعائلته وأصهاره من آل بيت ليلى الطرابلسي وكل الخارجين عن القانون الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون.. وكان ما كان، وقضى ربك ان يمنّ على الذين استضعفوا في الارض ويجعلهم الوارثين، فإذا بالثورة المباركة تفاجئهم في عقر بيوتهم كالعاصفة، فزلزلت وجودهم «فضاقت عليهم الارض بما رحبت فطار رأس الفساد الى حيث يدري... ولا يدري فأخذه قدر مجهول تتبعه لعنات المعذّبين والمسحوقين ويقضّ مضجعه أجيال تونس التي أوصد في وجهها مقوّمات الحياة وأسباب العيش الكريم... وتسلّمت الثورة الأمانة وانتصرت ثورة الكرامة وشعّت على العالم العربي والاسلامي فإذا هي مثال يحتذى للإطاحة برؤوس الظالمين، والمستبدّين وفخرا واعتزازا فازت به تونس المجد، والعزّة... وكان لابدّ من النظام البائد ان يقاوم حتى النفس الأخير... محافظا على مصالحه لانه سيكون في صراع حياة او موت، وأخيرا حققت ثورة الكرامة المعجزة الكبرى فانتصرت على فلول نظام بن علي الفاسد المستبدّ وعلى الفئة الضالّة فقالوا ها هي الثورة المضادة.. وفي الحقيقة أولئك الذين كانوا مع المخلوع وقد أحسّوا بزوال سلطانهم وأفول نجمهم في الأفق الغربي يبكي موتى الخزي والعار.. وانتصر المعذبون في الأرض والمقهورون من أبناء الشعب التونسي وهي لعمري الطبقة الواسعة والعريضة الكبيرة بجميع فئاتها من هذا الشعب الكريم الكادح الذي قال فيه الزعيم النقابي الخالد اعجابا ومحبّة وتقديرا «أحبّك يا شعب» رحمك الله فرحات حشاد كم أنت طيّب ونبيل... إذن فالثورة المضادة بمفهوم الثورة لأن ثورة معناها الخير والبناء والسلام فلا وجود لهذه الثورة التي يطلقون عليها «الثورة المضادة» وإنه لظلم عظيم إذا قلنا... تونس تعيش «ثورة مضادة».. فعندي ولدى علماء الاجتماع والمؤرخين وحتى السياسيين لا يعتبرونها بالمضادة وإنما هي فئة من رموز النظام الفاسد وبعض من الغوغاء والدهماء من شعبنا التونسي وهذا في كل شعب مشرقا ومغربا وفي كل زمان ومكان لهم كما قال الله «قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرْجا على أن يجعل بيننا وبينهم سدّا» صدق الله العظيم. الآيات 9394 من سورة البقرة فهؤلاء ما هم إلا كالاحجار في طريق الثورة يبحثون عن مصالحهم في نظام كان يحميهم موفّرا لهم فرحة الحياة بالمجّان فكيف يستسلمون هكذا بكل سهولة وعقارب الفساد تنهش نفوسهم الطامعة في عودة الماضي أفلا يعلمون ان الموتى لا يعودون؟!! أما آن لهذه الفئة الضالة ان تعي الدرس؟؟! بأن الثورة التونسية منارة على طريق الهدى والعزة والكرامة لبناء مجتمع لا مكان فيه للخونة والفاسدين والظالمين إنه المجتمع الأفضل في عالم ارقى وشعب أسعد وأبقى... وليعلم العالَم قاطبة ان تونس الخضراء في ثورتها المباركة البيضاء تسير في مسارها السليم حكومة وشعبا رئيسا ومرؤوسا لتحقق بعزمها الجبّار وبشبابها الواعي المبدع المتحضّر أهداف ثورة مبدعة خلاّقة ستجعل من تونس بلادنا يطيب فيها العيش وتحلو فيها الحياة. وللبقية عود على بدء في مقال جديد قديم «واحد كألف وألف كأفّ». ٭ بقلم: البشير التفنوتي (تونس)